صاروخ "ذو الفقار" يحمل رسائل ويثير قلق إسرائيل ..بقلم: إسماعيل مهرة

الخميس 22 يونيو 2017 10:26 ص / بتوقيت القدس +2GMT
صاروخ "ذو الفقار" يحمل رسائل ويثير قلق إسرائيل ..بقلم: إسماعيل مهرة



الصواريخ البالستية الإيرانية الستة من طراز "ذو الفقار"، التي أطلقت الأحد الماضي من غرب إيران، واستهدفت قواعد "داعش" في دير الزور السورية؛ حملت - برأي المراقبين - الكثير من الرسائل لعدد من الدول، وأثارت قلق إسرائيل على المستويين الأمني والسياسي.

الصواريخ جاءت - وبحسب بيان الحرس الثوري - ردًا على الهجمات الإرهابية على رموز السيادة الإيرانية في طهران من قبل تنظيم "داعش"، لكنها في نفس الوقت تعلن تدشين مرحلة جديدة أو ارتقاء درجات في الصراع الجيوسياسي الملتهب أصلًا، فالهدف المعلن هو قصف قواعد "داعش"، وربما العملية الإرهابية في طهران وفرت للحرس الثوري فرصة هامة لتطبيق تجربة عملياتية على صاروخ "ذو الفقار"، علنية على مرأى العالم لاستعراض قدرات إيران الصاروخية ولتأكيد كونها باتت قوة إقليمية.

ولم يخفِ الإيرانيون رسائلهم من خلف إطلاق هذه الصواريخ، حيث أكد أكثر من مسؤول إيراني ان الصواريخ تحمل رسالة حاسمة لكل من أمريكا وإسرائيل والسعودية، كما أكد مستشار وزير الخارجية الإيرانية حسين شيخ الإسلام، في مقابلة مع وكالة "سبوتنيك" الروسية، انه إذا لزم الأمر يجب أن نتوقع تكرار مثل هذه العملية، وأضاف "الهجوم كان عقوبة واضحة للإرهابيين، الذين تعدو على رموز الجمهورية الإسلامية"، وتابع حسين أن هذه العملية "رسالة مباشرة، ليست فقط للإرهابيين، ولكن أولًا وأخيرًا إلى كفلائهم والجهات الممولة، إسرائيل والولايات المتحدة والعائلة الحاكمة في المملكة العربية السعودية".

الصواريخ الستة أثارت فضول وقلق إسرائيلي كبيريْن، فبالنسبة لإسرائيل - التي تعيش تحت تهديد الصواريخ، الذي قد يتحول من مجرد تهديد إلى واقع في أي مواجهة قادمه مع حزب الله أو إيران - لديها فضول كبير لمعرفة مدى فعالية هذا النوع من الصواريخ الذي أعلن عنه سنة 2016، من حيث القدرة التدميرية ومن حيث دقة الإصابة وقدرات التحكم به عن بعد، بالإضافة لأمور أخرى لها علاقة بتقنيات التصدي له، ولكن الأهم هو الوقوف على مؤشرات جدية التطور في الصناعات الصاروخية الإيرانية، ومدى مصداقية الترويج الإيراني لقدراتهم الصاروخية.

ولأن "ذو الفقار" صاروخ متوسط المدى، حيث يبلغ أقصى مداه ما يقارب الـ 700 كيلو متر؛ فهو لن يشكل تهديدًا على إسرائيل إلا ان زود به حزب الله أو أصبح بإمكان إيران نصبه في الأراضي السورية والعراقية. ولأن التهديد الأكبر بالنسبة لإسرائيل هو فيما يمتلكه أعداؤها من مخزون صاروخي؛ فإن قائد سلاح الطيران الإسرائيلي يصف خطورة هذا التهديد بأن طيرانه يضطر الآن لإجراء تدريبات هجومية أثناء قصف مطاراته.

وفي أول تعليق إسرائيلي رسمي على قصف دير الزور، طالب نتنياهو إيران بعدم تهديد تل أبيب، والمقصود عدم الاقتراب من مصالحها في سوريا، أما ليبرمان فأكد ان إسرائيل غير قلقة من ضربة الأحد، لأن إسرائيل برأيه مستعدة لكل تطور، بدوره قال ايزنكوت قائد الأركان "إيران تسعى لتكون قوة إقليمية، وتسعى لأن تبني هلالًا شيعيًا من إيران مرورًا بالعراق وسوريا ولبنان"، وقلل من قيمة النجاح العملياتي للصواريخ ووصفها بأنها "أقل ممّا يروج في الإعلام".

اولون بن دافيد وأوري هيلر من القناة العاشرة أكدا ان الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تنتظر صورًا لأقمار صناعية موثوقة للوقوف على قدرات الصاروخ، لكن من جهة أخرى أشاروا إلى مستوى التوتر الذي يتصاعد في أعقاب وصول الجيش العراقي إلى الحدود السورية والتقائه بالجيش السوري، ممّا يعني ان الطريق البرية أمام إيران باتت مفتوحة، وأن القصف في ظل الحديث عن تعاون إسرائيلي مع المتمردين - بحسب "وول ستريت جورنال" - يزيد من حدة التوتر.

الصحفي اليكس فيشمان كتب في "يديعوت" أن "التقارير الأولية التي التقطت في منظومة الأقمار الصناعية الأمريكية شخصت أربعة سقوطات لصواريخ إيرانية في الصحراء العراقية، وسقوطين في منطقة دير الزور في سوريا. إذا ما تأكدت بالفعل صور القمر الصناعي فإن الصلية الاولى للصواريخ البالستية الإيرانية، التي أطلقت نحو أهداف خارج إيران لأول مرة منذ ثلاثين سنة، كانت فشلًا عملياتيًا، فقد فشلت الصناعات الجوية الإيرانية فشلًا ذريعًا، أطلقت ستة صواريخ ولكن اثنين منها فقط وصلا إلى الهدف، وليس واضحًا بعد ما هو مستوى دقة الإصابة، وما هو مدى الضرر الذي لحق لذاك الهدف من "داعش"، الشريط الذي عرضه الإيرانيون يتناول انفجارًا واحدًا، أصاب مبنى.

إن القوة الاستراتيجية الإيرانية ليست نمرًا من ورق، ولكنها بعيدة عن أن تشكل ذاك التهديد الخيالي الذي حاول أن يرسمه قادة الجيش الإسرائيلي في بداية العقد كي يمنعوا القيادة السياسية من مهاجمة القدرات النووية الإيرانية، فتكنولوجيا الصواريخ الإيرانية متخلفة عن تلك المعروفة اليوم في الدول المتطورة، ومعقول جدًا الافتراض أنهم في الصناعة العسكرية الإيرانية يفحصون الآن ماهية الخلل: هل هذه مشكلة تطوير أم مشكلة إنتاج؟، وبالإجمال يدور الحديث عن صاروخ أرض - أرض جديد ظهر لأول مرة في المسيرة السنوية في طهران في أيلول 2016".

ويضيف: إذا كان ثمة إشارة عسكرية - سياسية في إطلاق هذه الصواريخ فإنها موجهة أكثر نحو دول الخليج والسعودية. ويشير الإيرانيون إلى أن الحاجز الذي منعهم حتى اليوم من إطلاق الصواريخ خارج الأراضي الإيرانية قد تحطم، إذا عرضت دول الخليج والسعودية المصلحة القومية الإيرانية للخطر؛ فسيصبحون هدفًا.

يوسي ملمان يعتقد بأن الرد الإيراني - أكثر ممّا كان يستهدف معاقبة "داعش" - جاء لنقل رسالة للاعتبارات الداخلية: رفع المعنويات المهانة لمواطنيها بعد الهجوم على رموز حكم واضحة للجمهورية الإسلامية، ويضيف: في الجيش الإسرائيلي لا يتأثرون من إطلاق الصواريخ الإيرانية نحو أهداف "داعش" في شرق سوريا، يتبين أن التقارير الإيرانية، وليس لأول مرة، كانت مبالغًا فيها، ان لم نقل كاذبة؛ فخلافًا لما نشر في إيران فإن جزءًا من الصواريخ التي أطلقت لم تصل أهدافها، بل ولم تصل إلى سوريا، وحتى بياناتها عن تجارب الصواريخ في الماضي لم تكن مميزة دومًا.

اطلس للدراسات