مسؤولية الاحتلال ..عبد الرحمن شهاب

الإثنين 19 يونيو 2017 12:42 م / بتوقيت القدس +2GMT
مسؤولية الاحتلال ..عبد الرحمن شهاب



لا زال الفلسطيني تائهًا بين الخلافات الداخلية التي تحيد الاحتلال عن مسؤوليته عن الكوارث التي حلت بالشعب الفلسطيني.

ليس خافيًا على أحد ان إسرائيل خلقت ملهاة السلطة للتهرب من المسؤولية الأمنية والمسؤولية الاقتصادية، وأيضًا الاجتماعية للسكان الفلسطينيين، ولا شك بأن إسرائيل لم تسمح لحتى الآن للقانون الدولي ان يتعامل مع هذه السلطة كمسؤولة تمامًا عن حياة الفلسطينيين، فهي التي تمنع دخول الكثير من المواد إلى قطاع غزة، حتى الكزبرة المنظمة التي كشفت عنها منظمة "غيشا"، وبادرت إلى حملة قضائية ضد إسرائيل نتيجة ذلك.

القانون الإسرائيلي والقانون الدولي لا يحمل السلطة وإفرازاتها مسؤولية السكان، لأنه يعتبرها سلطة حكم ذاتي تحت المسؤولية الإسرائيلية.

إسرائيل عندما تسمح بمرور المواد التجارية وتفتح موانئها للمنتجات القادمة إلى غزة والضفة؛ فهي لا تقوم بفعل إنساني، هي أولًا: تستفيد من تغذية موازنة الموانئ الإسرائيلية بالأموال الفلسطينية، ثانيًا: تتحكم في مستوى الحياة للفلسطينيين، ثالثًا: تحمل مسؤولية الكوارث للفلسطينيين، ورابعًا: تخلق صراعًا فلسطينيًا على المقدرات المحدودة.

الاحتلال هو الذي طرد المسؤول السابق عن الفلسطينيين في الضفة والقدس والقطاع واحتل الأرض والسكان عام 67، وقد تحمل المسؤولية كاملًا حتى عام 1994؛ فيجب ألا ننسى ان أوسلو والحكم الذاتي لا يسقط مسؤوليته عن هذا، يجب ألا ننسى ان دفع رواتب الموظفين الفلسطينيين هي مسؤولية الاحتلال، وأن توفير الكهرباء كاملة هي مسؤوليته، وأن توفير مياه الشرب أيضًا كذلك، وكذلك الغذاء والدواء، والحفاظ على البيئة وغيره.

إسرائيل لم تعد تتحمل مسؤولية عن هذا الاحتلال، وكل ما تقدمه إنما تسمح للفلسطيني بأن يتسول الدول المانحة وتستفيد من ضرائب التسول، لا تهتم بطوفان الصرف الصحي في القطاع إلا عندما يصل التلوث إلى سواحل المستوطنات، وتهتم بالعلاج عندما توشك الأوبئة ان تتطاير إلى مدنهم القريبة، تبيعنا مياه من "ميكورت"، لأن جفاف غزة سيؤدي لوصول مياه البحر المالحة إلى المياه الجوفية في حوض الجنوب، وكذلك حرصًا على ألا يضطر الفلسطينيين للمطالبة بحصتهم في نهر الأردن أو الأحواض الجوفية شمال الضفة، الكارثة الانسانية عندما تحل بغزة لن يتوقف القانون الدولي عند علاج الكارثة؛ بل سيبحث عن أسباب الكارثة، وهو الاحتلال الذي يسلب مقدرات الفلسطينيين ويمنعهم من الوصول إلى مقدرات تساعدهم على إقامة كيان مستقل.

منظمة "غيشا" اعلنت أنه "لا يمكن لإسرائيل أن تزعم بأنها مزود محايد يستجيب لطلب الزبون. بحكم السيطرة الكبيرة على ظروف حياة سكان قطاع غزة؛ فإسرائيل هي المسؤولة عن صلاح حياة مواطنيها، وذلك بفعل كونها ما تزال قوة احتلالية في القطاع. عليها أيضًا تقع مسؤولية إيجاد حلول لكيفية استمرار تزويد الكهرباء كاملة، وكذلك الاهتمام بدفع زيادة كمية الكهرباء الضرورية للحياة العصرية الصالحة لسكان غزة الذين تجمع ضرائبهم وتجبى من قبل إسرائيل".

العديد من المنظمات مثل (يوجد قضاء وامنستي انترناشيونال وبتسليم وكسر الصمت وحكال وعكبوت وعير عميم والسلام الان وحاخامات من اجل حقوق الانسان) توجهوا جميعًا إلى المستشار القانوني الخاص بالحكومة افيحاي مندلبليت بالطلب لأن يوجه أعضاء الكابينت لإلغاء قرار تقليص تزويد قطاع غزة بالكهرباء. في البيان الذي أصدره ائتلاف المنظمات سالفة الذكر ورد "بالتوجه إلى المستشار القانوني، تؤكد المنظمات ان قرار الكابينت ليس شرعيًا وفق القانون الإسرائيلي والدولي".

في العام 2008 قررت المحكمة العليا في إسرائيل خلال تناولها لموضوع الكهرباء انه وفي أعقاب عشرات السنوات من الحكم العسكري الإسرائيلي للمنطقة "أوجد إلى الوقت الحالي ارتباطًا يكاد يكون تامًا لقطاع غزة بإمداد الكهرباء في إسرائيل"، وقضت ان على إسرائيل ان تسمح بتمويل غزة بالمنتجات المطلوبة من أجل تلبية الاحتياجات الإنسانية الضرورية للسكان المدنيين.

ارتباط سكان غزة بإمداد الكهرباء من إسرائيل لم يقل رغم الزيادة في تعداد السكان، بل ورغم تضاعف الحاجة للكهرباء لم تزد إسرائيل قدرة الكهرباء القليلة التي تبلغ 120 ميغا واط المباعة للقطاع. إضافة إلى ذلك تستمر إسرائيل في السيطرة على معابر القطاع وفرض القيود الخطيرة على حركة الناس والبضائع والمنتجات من القطاع وإليه. 100% من المواد الضرورية للإصلاح والصيانة وتطوير البنى التحتية في القطاع يلزمها ترخيص إسرائيلي، واليوم أيضًا إسرائيل تحد كثيرًا، بل وتمنع إدخال العتاد الذي يراد منه مساعدة السكان على مواجهة النقص المقرر في الكهرباء إلى القطاع مثل المولدات وقطع الغيار والبطاريات وأجهزة الـ UPS.

إذًا فلماذا نتصارع فيما بإمكاننا ان نحمل المسؤولية للاحتلال؟! ماذا لو أعلنّا ان غزة تعيش كارثة إنسانية بسبب الاحتلال، وأن الاحتلال هو المسؤول عن كل عابث في حياة الفلسطينيين، فهو الجهة القانونية المسؤولة وهو الجهة الأمنية العليا؟

اطلس للدراسات