الذكرى الخامسة عشر و نهوض المقاومة الشعبية في فلسطين

الأحد 18 يونيو 2017 02:16 م / بتوقيت القدس +2GMT
الذكرى الخامسة عشر و نهوض المقاومة الشعبية في فلسطين



في هذه الايام نستقبل الذكرى 15 لانطلاق حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية ذكرى عزيزة على قلوب كل الشرفاء من أبناء شعبنا لقد لعبت حركة المبادرة و مازالت تلعب دور هام في نضال الشعب الفلسطيني الى جانب القوى و الفصائل الفلسطينية من اجل الحفاظ على الهوية الوطنية في ظروف غاية في التعقيد من تاريخ شعبنا سواء على الصعيد الداخلي من انقسام اضر بالمشروع الوطني برمته او ما يمر به الاقليم من خلافات سياسية عسكرية اجتاحت الاخضر و اليابس و ايضا وضع دولي لا يقل تعقيدا تداخلت به كل الخيوط يعمل على شرعنة الاحتلال و الاستيطان و ترويض نكبة 48 على انها افرازات صراع عربي اسرائيلي.

و أضف الى ذلك حكومة يمين متطرف في اسرائيل لا تخفي عنصريتها و نظام الابرتهايد الذي تعمل به بكل وقاحة مستفيدة و مستغلة كل ما سبق ذكرة. من جهة اخرى يلاحظ المراقب للوضع الفلسطيني ان هناك نهوض وتنامي للمقاومة الشعبية و ازدياد في حدة المواجهات مع الاحتلال العنصري متمثلة في الانتفاضة الفلسطينية الباسلة و ما ابدعته من اشكال في مقاومة الاحتلال والتصدي لقطعان المستوطنين و ايضا في اضراب اسرانا البواسل في معركة الحرية والكرامة و الذي انتصر فيه اصحاب الامعاء الخاوية على السجان فهو يعد احد اشكال المقاومة الشعبية اضف الى ذلك تنامي حملات المقاطعة لإسرائيل سواء في فلسطين او دول العالم و تأييد الكثير من البرلمانات و اتحادات الطلاب و المؤسسات لنضال الشعب الفلسطيني ومقاطعة دولة الاحتلال والكثير من اشكال المقاومة الشعبية التي ابدعها الشعب الفلسطيني التي بدورها اوجعت الاحتلال و افشلت كل مخططاته لتصفية القضية و الوجود الفلسطيني على الارض الفلسطينية. في الذكرى 15 لميلاد حركة المبادرة لابد من الحديث عن ثلاثة محاور رئيسية أدت الى ثبات الحركة و استمرار عطائها المتجدد من وجهة نظر كاتب هذه السطور. المحور الاول/ تلمس احتياجات الجماهير احتياجات الناس كثيرة و متعددة ما بين اجتماعية اقتصادية سياسية و لكن يجب الملائمة بين هذه الاحتياجات بحكمة و روية بما يخدم القضية الوطنية. ان دعم صمود الناس و الفئات المهمشة و المتضررة هو نقطة البداية لانطلاق مقاومة شعبية متصاعدة قادرة على الصمود و التصدي لهجمات التدمير و الاستيطان و الحصار الاسرائيلي العنصري لأبناء شعبنا و لقد ناضلت الحركة من اجل:

1- تلبية احتياجات الفقراء و اسناد الفئات المتضررة و توزيع الموارد المالية بعدالة كاملة و شفافية مطلقة.

2- دعم التعليم و التعليم الجامعي من خلال مشروع صندوق الطالب الذي قدمته المبادرة للمجلس التشريعي و اقر بالقراءة الاولى و الثانية الا ان الانقسام حال دون الاقرار النهائي

3- توزيع عادل للموارد العامة على مختلف القطاعات بما يضمن صمود الناس و تحقيق تنمية حقيقية بكل شفافية

4- الحفاظ على النسيج الوطني الجامع و اعلاء روح التسامح و نبذ الخلافات الحزبية و الاستناد الى القانون. المحور الثاني / ترتيب الأولويات نحو تحقيق الهدف ان أي شعب يناضل من اجل حقوقه وحريته و الخلاص من الاحتلال لابد ان يرتب أولوياته النضالية و تقع هذه المهمة مباشرة على قواه الوطنية لقد فهمت حركة المبادرة هذه المهمة بشكل دقيق.

ان اتفاقات اوسلو و التي احد افرازاتها عزل الجماهير الفلسطينية عن المشاركة في صنع القرار كانت تواقه الى الانخراط في الحياة السياسية و اخذ زمام المبادرة في صنع القرار الوطني و ايضا فشل الاتفاقات في صنع سلام حقيقي مبني على الحقوق الشرعية العادلة للشعب الفلسطيني و توفير الامان السياسي و الاقتصادي. كل ذلك كان يتطلب عودة القرار الى الشعب و عودة الشعب لصنع القرار. فكانت هذه اولى اولويات حركة المبادرة :

أولاً / اشراك الجماهير المهمشة في الحراك الوطني و صنع القرار فقادت المظاهرات ضد جدار الفصل العنصري في نعلين و بلعين و ارض المعصرة ....الخ من قرى و مدن وطننا الحبيب و الذي توج بقرار من محكمة لاهاي بعنصرية الجدار الذي يجب ازالته و على صعيد اخر شاركت الحركة في الانتخابات الرئاسية و التشريعية على اساس ان المشاركة حق و واجب وطني فدعت كل كوادرها و مناصريها الى المشاركة الفعالة و اثبتت ان الديمقراطية ممارسة و ليس شعار.

ثانيا/ أوسع حملة تضامن مع الشعب الفلسطيني و العمل على مقاطعة اسرائيل ان الشعب الفلسطيني لا يعيش في جزيرة منفصلاً عن بقية شعوب العالم فهو في نضاله العادل يحتاج الى دعم كل الشرفاء و الاحرار في العالم من هذا المنطلق عملت على حشد اكبر حملة تضامن دولي مع الشعب الفلسطيني تعيد الى التضامن الدولي دوره الطبيعي في دعم نضال الشعب الفلسطيني. ساهمت و دعمت حملات مقاطعة اسرائيل و استطاعت الى جانب الحملة الدولية لمقاطعة اسرائيل BDS في اقناع العديد من البرلمانات و الاتحادات الطلابية و المؤسسات في العديد من دول العالم بمقاطعة الاحتلال و مؤسساته. اعادة صياغة الرواية الفلسطينية الحقيقية لفضح و تعرية الرواية الاسرائيلية الكاذبة امام العالم.

ثالثا/ ترتيب البيت الفلسطيني و انهاء حالة الانقسام

1- منذ بداية الانقسام سارعت حركة المبادرة الى جسر الهوة بين حركتي فتح و حماس و شاركت في اتفاقات القاهرة و كل اللجان المنبثقة عنها و ساهمت في ابرام اتفاق الشاطئ و ادانة كل الممارسات القمعية الخارجة عن القانون و على رأسها الاعتقال السياسي بكل اشكاله سواء في الضفة او غزة معتبرة ان الانقسام البغيض و كل افرازاته لا تخدم القضية الوطنية و المستفيد الوحيد منه هو الاحتلال فقط.

2- إعادة الاعتبار والهيبة إلى منظمة التحرير الفلسطينية لتكون إطار جامع للكل الفلسطيني وفي خطوات عملية من أجل ذلك شاركت المبادرة في اجتماع المجلس المركزي وانضمت إلى منظمة التحرير ولجنتها التنفيذية وشاركت في حوارات بيروت وغيرها من أجل انعقاد دورة المجلس الوطني والذي يقع على عاتقه اتخاذ الاجراءات للإصلاح داخل مؤسسات المنظمة.

3- ساهمت بدور فعال في تشكيل الاطار القيادي الموحد

4- دعت إلى تبني برنامج نضالي وطني يلتزم الجميع به على قاعدة المقاومة الشعبية رابعاً / تصعيد واستنهاض المقاومة الشعبية على طريق الخلاص من الاحتلال ان الشعب الفلسطيني يمتلك الكثير من الطاقات المبدعة والخلاقة والقوة المؤثرة التي إذا ما استغلت بالشكل الصحيح واستثمرت بالاتجاه الصحيح تكون قادرة على مواجهة الاحتلال والخلاص منه ونيل الاستقلال الوطني ومن أجل استنهاض المقاومة الشعبية يجب اشراك كافة شرائح المجتمع .

تدعيم وترسيخ القيم الوطنية ، اعادة الاعتبار للعمل التطوعي والمشاركة الايجابية ، الابتعاد عن الحزبية والفصائلية ورفع قيم المصلحة الوطنية العليا ووحدة الهدف ، فتح الباب أمام الابداعات الخلاقة للشباب الفلسطيني . منذ تأسست حركة المبادرة في العام 2002 وهي تتبنى المقاومة الشعبية بكل أشكالها كنهج رئيسي في استراتيجيتها الوطنية وأداة لمقارعة الاحتلال وسلاح فعال على درب التحرير وتعمل على استنهاضها وترسيخها بالقيم الوطنية كبرنامج عمل وطني جامع لكل ألوان الطيف الفلسطيني . المحور الثالث / الابتعاد عن النظرة الفكرية التأملية المفرطة إن حركة المبادرة وكما عبرت عن نفسها في الكثير من أدبياتها : (تشكل المبادرة التيار الوسطي حيث يلتقى الفسطينيين فيه على مشروع وطني اجتماعي يشكل القاسم المشترك لأبناء شعبنا ) ولا نستطيع القول أن حركة المبادرة لا تحمل فكر ايدلوجي فهي تحمل فكر حضاري مبني على الأفكار الديمقراطية مبتعدة بذلك عن الفكر الأيدلوجي الضيق ومنفتحة على كل الفئات من أبناء شعبنا الفلسطيني معتمدة على ضبط السلوك الفكري أعلى مجموعة من المبادئ أهمها :

1- تؤمن بحركة الاعتقاد الديني والفكري وتتسع لكل الفلسطينيين بغض النظر عن الانتماء الايدلوجي

2- تؤمن وتعمل على أساس المساواة بين الأفراد بغض النظر عن العمر الجنس والطبقة الاجتماعية .

3- تمتاز حركة المبادرة بتوجهاتها الوطنية الأصيلة وبأن المصلحة الوطنية هي المعيار الاساس في مواقفها وتوجهاتها أولا وأخيراً

4- تعمل من أجل بناء الدولة المدنية الديمقراطية وتزمن بسيادة القانون إن الإيمان بالهدف واستعداد الحركة القوي على تحمل تبعيات تلك المبادئ والتضحية من أجلها ما جعل الحركة وفي فترة قصيرة نسسبياً تأخذ مكانها بين الفصائل والقوى الوطنية وتتمتع بقاعدة جماهيرية من كوادرها ومناصريها كفصيل برلماني منتخب لعب ويلعب دور مؤثر في النضال الوطني الفلسطيني من أجل احقاق الحقوق الوطنية العادلة للشعب الفلسطيني .

تحية حب وتقدير لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية وهي تضئ شمعتها الخامس عشر مملوءة بمسيرة نضالية وتضحيات من أجل الوطن .