بين ذكرى بدر وسقوط القدس ...داود أحمد شهاب

الخميس 15 يونيو 2017 02:14 م / بتوقيت القدس +2GMT
بين ذكرى بدر وسقوط القدس ...داود أحمد شهاب



كما الغدة السرطانية يتمدد التهويد والاستيطان في قلب القدس محاولاً الفتك بتاريخها ، يزيف معالم حضارتها ويسعى لقتل روح الإنسان الساكن الأصلي فيها منذ مئات السنين..

هي القدس لا تتوقف جراحاتها عن النزف ، فتتعاقب فيها فصول المعاناة وتسمع الدنيا صدى آلام أهلها مع كل نداءٍ للصلاة فلا يسمعه جيران القدس في رام الله ، الذين تشغلهم مؤامرات حصار وحنق غزة ووقف الدواء عن مرضاها وقطع الكهرباء عن أحيائها وملاحقة أهلها في قوتهم وحليب أطفالهم!!

منذ خمسين عاما وعلى مرأى الأعين ومسمع الآذان تتوالى الاقتحامات اليهودية لتدنس بشكل يومي ساحات الأقصى الشريف ، يحتفل المستوطنون في كل أعيادهم بانتهاك جديد في أولى القبلتين ، بينما تتوالى ذكريات أمجاد المسلمين ومواسمهم الإيمانية دون أن تتحرك في الأمة همة لإنقاذ القدس وحمايتها من المخاطر المحدقة بها.

تتزاحم المناسبات تزامناً مع الذكرى الأليمة لسقوط القدس ، دون أن يشكل أي من هذه المناسبات دافعاً يكسر الأغلال التي كبلت أيدي المسلمين، فينهضوا لتطهير مسرى نبيهم ويعيدوا للقدس اشعاعها الذي بدده ليل طال أمده في عصر الاحتلال البغيض.

تتلاقى ذكرى انتصار بدر مع خمسين عاماً على سقوط القدس ، فهل يستلهم المسلمون دروس بدر ؟ وهم أكثر عدداً وعتاداً من أهل بدر الذين أضاءوا الدنيا بانتصارهم المعجز على طواغيت قريش آنذاك!! لقد استقر الإيمان في نفوس وأفئدة البدريين وحققوا شروط وقواعد النصر .. فهل نفهم ونعي شروط النصر الذي حققوه وأسباب التراجع والسقوط الذي يلاحقنا ؟  

لقد شكل الإسلام مصدر شرف وعزة العرب ، ولولاه لما صار لهم ذكر بين الأمم ، لقد توحدت صفوفهم في كنف الإسلام بعد فرقة وتمزق واقتتال قبلي وقطيعة رحم ، وصنع منهم القرآن جيلاً فريداً في تاريخ البشرية كلها ، جيلاً ملأ الدنيا نوراً وحضارة.

فانظر إلى أحوالهم اليوم وطابق واقعهم مع القيم التي حث وأمر الله بها في قرآنه العظيم ، ومع ما جاءت به السنة المطهرة من تعاليم تسمو بها النفوس ، ولك أن ترى أين وصلت بنا قطيعة الرحم ، وإلى أين تأخذنا الشهوات ؟

إن من أكثر المفارقات غرابة أن تضيع أمة بين يديها أعظم وأقدس كتاب (القرآن العظيم)، بينما يركع زعماء العرب وقادتهم بانبهار أمام أهل الباطل !! 

عقود مضت ولا زلنا تتجرع كؤوس المذلة التي أُشربناها عنوة بسبب نزوات وشهوات الحكام الذين جثموا على صدر الأمة في غفلة من أبنائها ، ولا زالوا يقامرون بمصيرنا وبمستقبل أبنائنا وأوطاننا ومقدساتنا..

عقود مضت ولا زلنا نتجرع مرارة احتلال القدس ، والحسرة تحاصرنا ، لكن ثمة أمل لا ينطفئ  بريقه في نفوسنا التي تحلم صبح مساء بعدل عمر بن الخطاب وجيش صلاح الدين. وبجيل يُبعث من جديد متحرراً من القهر يحمل القرآن في صدره ، يؤذن في الأمة آذان بلال ، سيخرج هذا الجيل بأمر رب العالمين يثأر للقدس والأقصى ويذهب عنها حسرة عقود خلت من التهويد والتدنيس.