ماذا ينتظر الأسرى لو تخلينا عنهم؟ إسماعيل مهرة

الإثنين 24 أبريل 2017 12:36 م / بتوقيت القدس +2GMT
ماذا ينتظر الأسرى لو تخلينا عنهم؟ إسماعيل مهرة



إضراب الأسرى بقيادة مروان البرغوثي، الذي بدأ في السابع عشر من نيسان، يحظى منذ بدايته، وعلى غير عادة الإضرابات السابقة، بتغطية إعلامية إسرائيلية واسعة، وهو أمر يفترض أن يبعث حالة من التفاؤل والاطمئنان، فبحسب التجربة فإن الإضرابات السابقة كانت تقابل بتجاهل وتعتيم إعلامي إسرائيلي بهدف عزل إضراب الأسرى وكسر إرادتهم، فحيثما يبدأ التفاعل الإعلامي تبدأ مسيرة الضغط على إدارة السجون وعلى المستوى السياسي، الذي كان يلجأ عادة في السابق إلى الشروع بالمفاوضات والمساومات لإنهاء الإضراب؛ بيد ان التفاعل الإعلامي والسياسي الكبير في إسرائيل مع إضراب الأسرى حاليًا هو تفاعل تحريضي في معظمه، يترجم فاشية وعنجهية المجتمع الإسرائيلي، ويعكس التوجهات العنصرية لمعظم الطيف السياسي الإسرائيلي، إعلاميين وسياسيين، محسوبين على اليمين وعلى المركز، وحتى على ما يسمى يسار بـ "المعسكر الصهيوني".

أصوات قليلة ومحدودة الوزن والتأثير، وتتسم بالكثير من الجرأة، التي تقف ضد التيار الفاشي القوي الذي لا يخجل من المطالبة بترك الأسرى يموتون.

إضراب الأسرى يتعرض إلى حملة تحريض وتشويه عنيفة بشكل غير مسبوق، تزيد بشكل كبير احتمالات المخاطر التي قد يواجهونها، مخاطر تدهور أوضاعهم الصحية قد تصل إلى حد استشهاد البعض أو مخاطر انكسارهم واضطرارهم لإنهاء الإضراب بما يشكله ذلك من هزيمة لإرادة الحرية ونجاح لعنجهية الجلاد.

نعرض لكم هنا بعض أهم ما كتب عن إضراب الأسرى في كافة الصحف الإسرائيلية، بداية نود التذكير بأن الوزير المسؤول عن السجون وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان بادر قبل عام إلى سن قانون يتيح التغذية القسرية للمضربين، وأصدر تعليماته بإقامة مستشفى عسكري قرب سجن "كتسيعوت"، ومنع إدارة السجون من إجراء أي مفاوضات مع الأسرى.

وفي سياق التحريض، يشدد جميع الكتاب والمتحدثين على وصف الأسرى بالإرهابيين القتلة، والتأكيد على الظروف الرائعة لأسرهم، والتي لا يحظى بها نظراؤهم في السجون الأوروبية، والتأكيد على أن الإضراب هو إضراب سياسي لخدمة أجندة مروان البرغوثي كزعيم سياسي في معركة خلافة الرئيس عباس.

كتب آرييه الداد في "معاريف" محرضًا نتنياهو بأن يتبنى منهج "تاتشر" التي رفضت التفاوض مع مضربي الجيش الجمهوري الإيرلندي وتركتهم يموتون، ويحذر نتنياهو من الرضوخ للتقارير الأمنية التي قد تحذره من التهديدات التي قد يفجرها الإضراب في الساحة الفلسطينية.

ويقول: "إضراب الأسرى عن الطعام كان فرصة ممتازة لتعليم المخربين أنه ليس هناك شرخ في الجدار الفولاذي، وإن قتل البعض منهم أنفسهم خلال هذا الدرس؛ لن نكون آسفين. الظروف الاعتقالية التي يحظى بها المخربون يجب أن تكون ذات الظروف التي حظي بها جلعاد شاليط، وذات الظروف التي يحتجز فيها ابرا مانغستو وهشام السيد المواطنيْن الإسرائيلييْن.

إذا كانوا مستعدين للانتحار، لماذا نمنعهم من الموت شهداء، الذي يتوقون له كثيرًا؟ ان لديك اختيارك: إذا لم يستمروا في الإضراب وانكسروا سيقدمون مثل وعاء فارغ، وإذا أضربوا حتى الموت فمن منا سيأسف حقًا لأن قتلة الأطفال والنساء والشيوخ والجنود سيموتون جوعا؟ النتيجتان جيدتان من وجهة نظري".

وكتب بن درور يميني في "يديعوت" مقالًا افتتاحيًا بعنوان "ريح إسناد للأكاذيب" جاء فيه "مشكوك أن يكون هناك مخربون في العالم، في فرنسا وفي الولايات المتحدة ينالون ظروفًا على هذا القدر من الروعة مثل المخربين المحبوسين في السجون في إسرائيل. في غوانتنامو حتى لا يحلمون بمثل هذه الظروف".

عاموس هرئيل كتب في "هآرتس" الصراع "ضد إسرائيل وضد عباس"، ويؤكد ان الهدف الأول للإضراب هو ضد عباس، ويحرض على ظروف السجناء بالقول انه لا يمكن ان نتجاهل ان عددًا من شباب غزة قاموا باجتياز الحدود لأنهم اعتقدوا بأن الظروف في السجن الإسرائيلي أفضل من العيش في القطاع. ويدعم خط نتنياهو المتصلب بتذكيره ان العالم الذي يرى مجازر سوريا لن يهتم بإضراب الأسرى.

في "معاريف" وتحت عنوان "انتهى الاحتفال" كتب بن كاسبيت "تعالوا نصلي لأن تجد حكومة نتنياهو الشجاعة، التصميم وطول النفس كي لا تستسلم لمطالب السجناء الأمنيين الفلسطينيين، فقد كشفت (معاريف) النقاب قبل سنوات طويلة عن الظروف المبالغ فيها التي يحظى بها هؤلاء السجناء".

وكتب روني شكيد "إضراب الطعام كخشبة قفز سياسية. لإضراب البرغوثي أهداف شخصية في داخل فتح، وسياسية لغرض التحرر ليكون الزعيم التالي للفلسطينيين"، وتحت عنوان "درس صغير في الزعامة" كتب في "إسرائيل اليوم" نداف هعتسني "لعله بالذات على خلفية الإضراب الجديد، الذي بادر إليه البرغوثي، ستصحو حكومة إسرائيل، ولعلها تتعلم من زعامة تاتشر أو حتى من موقف الأمريكيين من الإرهابيين في معسكر غوانتنامو وتمنح أخيرًا المستهدفين لأرواحنا المعاملة التي يستحقونها".

باختصار فإن الإعلام في إسرائيل يبث أجواءً كبيرة من الكراهية والتحريض ضد إضراب الأسرى، فضلا عن موقف الحكومة العنجهي والمتطرف؛ الأمر الذي يعني ان الأسرى في إضرابهم يواجهون آلة قمع غير مسبوقة، تستهدف كسر إرادتهم ومعهم كسر إرادة الشعب الفلسطيني، ممّا يلزمنا ويفرض علينا الانخراط في معركتهم بكل ما يمكننا من عزيمة ووسائل شعبية لا تحرف الأنظار عن معركتهم ولا تمنح الاحتلال فرصة التملص، فانتصارهم انتصارنا وانكسارهم هو انكسارنا.