حرية "لينا الجربوني" ومعركة الأسرى المستمرة ..هيثم أبو الغزلان

الإثنين 17 أبريل 2017 11:09 م / بتوقيت القدس +2GMT
حرية "لينا الجربوني" ومعركة الأسرى المستمرة ..هيثم أبو الغزلان




 
تنفّست الأسيرة المحررة "لينا الجربوني" الحرية، لكن فرحتها كما قالت فور الإفراج عنها لم تكتمل لأنها تركت في المعتقلات الإسرائيلية أسرى وأسيرات ينتظرون ساعة التحرر من القيد الإسرائيلي.
المحررة "لينا الجربوني"، عميدة الأسيرات الفلسطينيات في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي، قضت خمسة عشر عامًا في المعتقل، حيث تعلمت اللغة العبرية وعملت على تعليمها للأسيرات معها، وضربت مثالًا رائعًا في الصبر والصمود عندما رفضت سلطات الاحتلال إطلاق سراحها بصفقة "وفاء الأحرار"، فكانت بصبرها ورباطة جأشها نموذجًا فذًا للفكر الجهادي الأصيل، متحلية بالإيمان والصبر والوعي، حالمة بحريتها وحرية جميع الأسرى وتحرير أرض الوطن.
 
أبرز المطالب
وتُشكل قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الإحتلال الإسرائيلي، أحد الأوجه المتعددة للمعاناة الفلسطينية، وأحد أشكال النضال اليومية ضد المشروع الصهيوني وجرائمة المستمرة، لأن قضية الأسرى الفلسطينيين تتجاوز في أبعادها مسألة المناضل الشخصية لتطال مجتمعاً بأكمله، يعيش المعاناة في كل تفاصيلها اليومية.
وتختصر قضية الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي عذابات الشعب الفلسطيني، وفي الوقت نفسه تُبرز إلى العلن أيضاً الهمجية الإسرائيلية التي لا تقيم للأعراف الإنسانية وزناً، بل وتضرب بها عرض الحائط.
وبتحرر المجاهدة "لينا الجربوني" يتزامن خوض الأسرى الفلسطينيين في المعتقلات الإسرائيلية إضرابًا مفتوحًا حتى تحقيق مطالبهم، التي من أبرزها:
إنهاء سياسة العزل الإنفرادي، وإنهاء سياسة الاعتقال الإداري، وإعادة التعليم في الجامعة العبرية المفتوحة، والسماح للأسرى بتقديم امتحانات التوجيهي بشكل رسمي ومتفق عليه، وتركيب تلفون عمومي في كافة السجون، وإعادة الزيارة الثانية التي أوقفها الصليب الأحمر، وانتظام الزيارات كل أسبوعين، وإغلاق ما يسمى مستشفى "الرملة"، وإطلاق سراح الأسرى المرضى خاصة ذوي الاعاقات والأمراض المستعصية، والتجاوب مع احتياجات ومطالب الأسيرات الفلسطينيات بالنقل الخاص، واللقاء المباشر بدون حاجز خلال الزيارة، إضافة قنوات فضائية تلائم احتياجات الأسرى..
وتتحدث أرقام الاعتقالات التي تمارسها قوات الاحتلال عن نفسها، إذ اعتقلت هذه القوات منذ عام 1967 نحو مليون مواطن ومواطنة، وفق تقرير صادر عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني. وهذا جزء من المعاناة التي يُفترض من خلالها تسليط الضوء على قضية الأسرى الذين يعانون الأمرّين جراء ممارسات سلطات الاحتلال؛ سواء عند الاعتقال وما يرافقه من تكسير للأبواب، وضرب وترويع للأطفال والنساء، أو خلال فترة التحقيق، أو خلال وجود الأسير في المعتقل، وما يرافق ذلك أيضاً من تعذيب جسدي ممنهج: حرمان المعتقل من العلاج، وقلة الطعام، والعزل... بالإضافة إلى التعذيب النفسي من أجل قتل الروح المعنوية لدى الأسرى من جهة وجعل الأسير غير قادر على العمل في حال خروجه من السجن من جهة أخرى. وتطال الاعتقالات التي تقوم بها القوات الإسرائيلية مختلف الأعمار من الفلسطينيين، فهي لا تميز بين صبي أو امرأة أو شيخ أو عجوز، مما أدى، جراء ممارسات التعذيب هذه، إلى سقوط العشرات من الأسرى شهداء تحت التعذيب منذ احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة في (5-6-1967).
 
من أساليب التحقيق
يمارس الإسرائيليون أبشع أنواع التعذيب بحق المعتقلين. وكانت منظمة "بتسيليم" الإسرائيلية قد رصدت في تقرير لها استخدام جهاز "الشاباك" الإسرائيلي أكثر من 105 وسيلة للتعذيب ضد المعتقلين الفلسطينيين، ومن تلك الأساليب المتبعة بشكل منهجي:
تغطية الوجه والرأس بكيس قذر. وحرمان المعتقل من النوم لفترات طويلة. واستخدام الشبح: وذلك بجعل المعتقل يقف أو يجلس في أوضاع مؤلمة للغاية ولفترة طويلة مقيد اليدين. واستخدام الضرب المبرح: "الصفع، والركل، والخنق، والضرب على الأماكن الحساسة، والحرق بأعقاب السجائر".. وحرمان المعتقل من الطعام إلا مما يبقيه حياً... وإحداث حالة من الضجيج العالية، وغالباً ما تكون موسيقى صاخبة. ووضعه في زنزانة ضيقة لا يستطيع فيها النوم، أو الجلوس، أو الوقوف بشكل مريح. ويستخدم المحققون أسلوب الهز العنيف للمعتقل، بحيث يتم هزه بشكل منظم وبقوة وسرعة كبيرة مما يؤدي إلى ارتجاج في الدماغ... وتعريض المعتقل إلى موجات باردة شتاء، وحارة صيفاً أو كلاهما معاً...
وفي الختام، إن استمرار الاحتلال بجرائمه المختلفة بحق الأسرى والأسيرات، وانتهاكه الصارخ لمواثيق الأمم المتحدة المتصلة بحقوق الإنسان والاتفاقات الأممية الخاصة بأسرى الحرب، يُحتّم الجميع العمل الجاد، لوقف سياسات التعذيب والتنكيل في السجون، واعتماد سياسة وطنية جامعة للمواجهة وإطلاق سراح جميع الأسرى الذين ستحفظ أجيالنا صورة مشرقة لصبرهم وصمودهم ونضالهم اليومي، كما حفظت الصورة المشرقة للمجاهدة "لينا الجربوني"، مُكللة بالغار على مساحة فلسطين كلها.