هارتس: السلطة تكرر نفس الخطأ الذي كان قبل عشر سنوات ..الضغط الاقتصادي لن يضعضع حماس

الجمعة 14 أبريل 2017 11:31 ص / بتوقيت القدس +2GMT
هارتس: السلطة تكرر نفس الخطأ الذي كان قبل عشر سنوات ..الضغط الاقتصادي لن يضعضع حماس



هآرتس

قضية تقليص الرواتب لموظفي السلطة في غزة، تشير الى أحد الاخفاقات السياسية الكبيرة لرئيس السلطة محمود عباس، الذي لا يعمل من أجل منع الفصل بين القطاع والضفة، الذي تفرضه إسرائيل منذ 1991، بل يساهم في تعميقه. 

رام الله بالتحديد لم تنجح في جذب الناس اليها، أحيانا بحق وأحيانا بدون حق، وهي مسؤولة أساسية عن الشرخ وتظهر كمن تترك مليوني شخص في القطاع.

في قضية الرواتب، بحق: الخطأ الأول هو قرار عباس منذ تموز 2007 منع معظم موظفي القطاع العام، الأمني والمدني، في القطاع من التواجد في أماكن عملهم اذا أرادوا الاستمرار في الحصول على الرواتب. كان افتراضه الخاطيء في حينه هو أن اذا تعطل القطاع العام فان سلطة حماس ستنهار.

هذه الخطوة عكست استخفاف قيادة فتح بقوة حركة حماس وترسخها في القطاع. وسارعت حركة حماس الى ملء الفراغ بالموظفين والوزراء والقضاة والمدعين العامين والشرطة من بين مؤيديها ومقربيها. وهكذا نشأ جهازين متوازيين لموظفي القطاع العام: الذين يحصلون على الرواتب شريطة أن لا يعملون والذين يعملون.

حركة حماس التي فازت في الانتخابات العامة في 2006 وأصبحت عاملا هاما في حكومة الوحدة الوطنية التي تم تشكيلها في آذار 2007، اتهمت في صيف ذلك العام الاجهزة الامنية لفتح بخطط التآمر في الضفة الغربية. وبعد حرب أهلية قصيرة ومؤلمة نجحت حماس في السيطرة على الاجهزة الامنية في القطاع. وأمر عباس بحل حكومة الوحدة، وتحول اسماعيل هنية الى رئيس حكومة غزة وسلام فياض الى رئيس حكومة رام الله.

مع انهيار اقتصاد الانفاق في 2013 دخلت سلطة حماس الى ازمة اقتصادية متواصلة، الامر الذي أدى الى تراجع وتقليص رواتب الموظفين. وأصبحت العبثية أكثر وضوحا. فاضافة الى الموظفين الذين حصلوا على الرواتب دون العمل، كان هناك آلاف الموظفين الذين يعملون ولكن بدون رواتب.

خلقت البطالة القسرية مقابل الاجر التوتر الاجتماعي والعائلي في القطاع، اضافة الى التوتر الذي تولده البطالة العادية. وكما يؤكد مراقبون ونساء فان البطالة مقابل الأجر خلقت ثقافة ثانوية من الكسل في اوساط عشرات آلاف الرجال والتملص من المسؤولية العائلية واللامبالاة وعدم الاهتمام بالحياة. في المقابل من استغلوا الوقت من أجل انشاء مشاريع خاصة صغيرة ومؤقتة قاموا باخفاء ذلك عن الحكومة وعن المالية في رام الله من اجل عدم فقدان الراتب الثابت.

لقد استمر الاتحاد الاوروبي في دعم رواتب السلطة الفلسطينية. وفي نهاية 2013 أوصى مكتب مراقب الحسابات في الاتحاد الاوروبي بالكف عن المشاركة في تمويل الرواتب لمن لا يعملون. وبالفعل، في شباط من هذا العام اعلن الاتحاد الاوروبي بأنه منذ الآن سيمنح ال 30 مليون يورو التي كانت مخصصة للرواتب في غزة لمساعدة العائلات الفقيرة والتطوير.

حتى نهاية العام 2015 كان  25.490 من سكان غزة مسجلين  في القطاع العام المدني للسلطة في رام الله، و23.200 كاعضاء في الاجهزة الامنية. وفقط الاجراء في جهاز التعليم والرفاه والصحة للسلطة الفلسطينية سمح لهم بالاستمرار في العمل، ويبلغ عددهم الآن 10 آلاف شخص. ورواتبهم تقلصت بـ 30 – 50 في المئة، والمئات من موظفي القطاع العام في غزة، ولا سيما في الاجهزة الامنية، تسللوا الى الضفة بعد الحرب الاهلية في تموز 2007 وهم يعملون هناك، ورواتبهم ايضا تم تخفيضها. لهذا فان الرسالة التي ترسلها السلطة هي أن سكان الضفة الغربية هم في نظرها أهم من سكان القطاع.

إن محاولة السلطة تقرير خفض الرواتب بالنفقات المرتفعة للقطاع هي محاولة غير مقنعة: مجموعة إي.آي.اكس للاقتصاديين الفلسطينيين والاسرائيليين نشرت قبل فترة قصيرة بحث جديد شمل اقتراحات لتحسين الاقتصاد في القطاع. ووجدت هذه المجموعة أن الاموال التي تستثمرها السلطة في القطاع، اضافة الى مداخيل الضرائب المختلفة ليست 40 في المئة من الميزانية كما تزعم، بل 15 في المئة فقط. نسبة دعم حكومي معقولة ومقبولة.

لقد تحولت الرواتب المجانية في غزة المحاصرة الى نوع من رسوم البطالة أو مخصصات الشؤون الإجتماعية. وخفض الرواتب الذي بدأ في بداية نيسان هو نوع من إصلاح العبث المالي. ولكن الاصلاح يتم على حساب الاشخاص الذين هم موالين لفتح ولـ م.ت. ف والجمهور الكبير المتعلق بهم. عباس ورئيس الحكومة رامي الحمدالله ومستشاريهم يكررون نفس الخطأ السياسي الذي إرتكبوه قبل عقد وهم يأملون بأن الضغط الاقتصادي على الجمهور في غزة هو الذي سيضعضع مكانة حماس وسيطرتها.

"هآرتس