غزة والموظفين العموميين والحلول الجائرة

الخميس 13 أبريل 2017 11:31 ص / بتوقيت القدس +2GMT
غزة والموظفين العموميين والحلول الجائرة



تقاطرت وتوالت الأزمات التي صعقت غزة وأهلها, فالأولى شارفت على الحرب الاهلية, قبل عشر سنوات بين أجهزة ومؤسسات السلطة الشرعية وحركة حماس الحاصدة لأغلبية برلمانية بالمجلس التشريعي, حول السلطات التنفيذية وصلاحيات سلطة مازالت ترزخ تحت الاحتلال, تلتها حرب اسرائيلية وثالثها حرب صهيونية أخرى, وكذلك كانت رابعها, الى أن تكدست الأزمات على كاهل الفلسطيني القاطن بغزة هاشم وتعقدت معها الحلول تلواً, ومع مرور السنين أضحى الحديث عن الوحدة الوطنية وانهاء الانقسام كالضرب بالمندل, أو بصدق القول "كذب المنجمون ولو صدقوا", وكأن الحل لإحدى تلك الأزمات, كان يعبر في واقع الحال عن ميلاد أزمة جديدة تنسخ التفكير بالأزمة التي سبقتها, ليصار العمل على ايجاد الحلول للأقرب فالأقرب يتصدر المشهد, وتبدأ بحوث العمليات الفكرية والانسانية بالبحث عن حل للأزمة الحالية صاحبة الصون والعفاف والتي لم يمسسها بشر من قبل, ولم تخطر على بال أحد, ويُمسي الحديث بها كالذي ينعق بما لا يسمع, والتي تمثلت بجلد الموظفين العمومين بقطاع غزة ثلاثين جلدة لكل منهم, كونهم لبو نداء الشرعية الفلسطينية واستنكفوا عن العمل, وقاطعوا وزارات وهيئات حماس وما نتج ولحق بها من عمل أو فعل أو قول, ولم يعد الحال يقتصر على تلك الجلدات الثلاثين بل الحال يقول "ياما في الجراب يا حاوي", باتوا مهددين بتقاعد مبكر بعد ثلاثة شهور ليتم استكمال الجلد ب 60 جلدة أخرى عقاباً, فهم لا زالوا أحياء يرزقون بعد.. ووقفوا شامخين في ساحة السرايا مطالبين ومنددين, ليُكمل الموظف حياته ب40% من راتبه الاجمالي بعد الخصم والتلاعب والتحايل حتى على القانون الفلسطيني, فالنزاهة والشفافية التي تدعون أمام لجان الدول المانحة تقتضي الاحالة على التقاعد قبل الجلد بثلاثين جلدة (حسم 30% من الراتب), والذي هدفه كما رُوج له جلب حماس لترضخ لجملة الشروط التي ستأتي بها لجنة "فتح" السداسية, فحركة حماس يا سادة لازالت تنتظر تغيُر كل الاقليم بل العالم من حولها كي لا تتزحزح قيد أنملة عن مشروعها وأهدافها, وهذا حقيقة الأحزاب والحركات العقائدية والتي لا تُقيم وزناً يُذكر لطبيعة الظروف الذاتية والموضوعية التي يعيشها المجتمع بمكوناته المختلفة, وتُبقي شعارات الوحدة الوطنية مجرد تكتيك مرحلي,

الهدف منه الوصول للهدف الاستراتيجي المتمثل بسيطرة الحزب أو الحركة على هرم السلطة, ولذلك ليس من العدالة بمكان رهن الموظف العمومي الفلسطيني القابع في قطاع غزة بقبول حركة حماس من عدمه لشروط لجنة فتح السداسية ذات الطابع السياسي, والتي دارت بشأنها سابقاً جولات عديدة من المفاوضات عبر سنين عجاف لم تُفضي لحل ناجع أو حتى لبارقة أمل على طريق الآلام الطويل, والمؤشرات الحالية بمطلب حركة حماس حضور كافة الفصائل جلسة الحوار الأخيرة مع وفد حركة فتح قبل اعلان طلاق البينونة الصغرى, هو بمثابة الطلب أن يكونوا شهود الزور على حالة براءة الذمة, فكثيراً ما كان مطلب الشراكة الوطنية بمفاوضات انهاء الانقسام مطلب رئيسي من كافة فصائل العمل الوطني, وألا تقتصر مباحثات انهاء الانقسام على وفد فتح وحماس فقط, ولكن هيهات هيهات, وفضل الطرفين الحوار الثنائي, ولعل ذاك المطلب وبهذا التوقيت قد يكون بطاقة دفع مسبق على عقم الحوار القادم, وبالتالي باتت الحقيقة الماثلة أمام القاصي والداني والعالم وحتى الجاهل بخفايا السياسة ودهاليزها, أن ارتهان مستقبل الموظف العمومي وحياته العائلية بقبول الخصم السياسي لمجموعة من الشروط السياسية مهما كانت عادلة فيه تجني كبير على الموظف العمومي وأمنه الوظيفي والمجتمعي, فاذا أردت أن تكبح جماح حماس ولجنتها الادارية المكلفة بإدارة قطاع غزة وتضعها أمام مسؤولياتها من كهرباء وغذاء ودواء وحالات انسانية فهذا تقديرك لمتطلبات الموقف السياسي الراهن, ولكن عليك أن لا تُلقي بمعولك على قارعة الطريق, بل أن تحافظ عليه لتبني مستقبلك السياسي والوطني, فمازال على هذه الأرض ما يستحق الحياة.

أ. علاء محمد منصور

كاتب وباحث بالدراسات السياسية