الاغتيال والقبض على الانفعال.. رمضان بركة

الإثنين 27 مارس 2017 05:21 م / بتوقيت القدس +2GMT
الاغتيال والقبض على الانفعال.. رمضان بركة



الوقوف امام مشهد اغتيال الفدائي المتميز مازن فقهاء، يحتاج الى تدبر وتفكر ودراسة تداعياته وظروفه المكانية والزمانية بمهاره فائقة، هذا الاغتيال له اهداف متشعبه ومتعددة، رغم انه ليس بالجديد في تاريخ صراعنا مع الاستخبارات الإسرائيلية سواء في الساحات الداخلية والخارجية وتجاربنا مع هذا النوع من الجبن والغدر مريرة وأليمة

ولكل قصة اغتيال أساليب وأدوات واهداف تختلف عن الأخرى ، الا انه في مجمله كان وما زال هدف استراتيجي للعدو ،تستخدم فيه إسرائيل الإرهاب والعنف والتخويف والقتل المنظم بصفه خاصه لتحقيق أغراض سياسية وامنيه ، علما بان مشاهد القتل للفلسطينيين تكاد تكون بشكل يومي في قرى وشوارع ومخيمات الوطن ، ومبرراتها لدى القتلة والمجرمين جاهزة وراسخة في عقولهم ، لانهم يتلقونها في نشأتهم التربوية والتلمودية المزورة ويتم تدريبهم وتأهيلهم لذلك ، ويمارسون علينا اسقاط ارهابهم المنظم بتفاصيله ، ويتساوق معهم العالم الظالم ويجاريهم في اغتيال كل شيء يتعلق بالفلسطيني المسروقة ارضه وتاريخه المقدس.....وهناك مناصره واسناد للسارق والقاتل لم يسبق لها مثيل من قبل مؤسسات العالم الذي يدعي الحرية والإنسانية......

ان قضية اغتيال الفدائي مازن ومكانها وحرفيتها تدلل على ان استخبارات العدو اتقنت الإجراءات القبلية والبعدية والواضح بأن المنفذ المباشر يتمتع بقدرات وسمات ومحاط بإجراءات وتعليمات متقنه من العدو....فان كانت قوات خاصه فتلك مصيبه وطعنه في القلب امنيه مهارية......؟وان كانت بأيدي عملاء العدو من أبناء جلدتنا فهي مصيبه اعظم وتشير الى تطوير قدرات العملاء والقضية تحتاج الى عقول ابتكاريه ابداعيه امنيه للتعامل معها......؟؟؟، لأنها تصبو الى هدف ربما يرتبط بهشاشة الائتلاف الحكومي لديهم وتورط الإرهابي الأول نتنياهو في قضايا فساد و.....

وللحقيقة تعود الساسة في إسرائيل على غسل صناديق الاقتراع لديهم بدماء شبابنا وشيوخنا واطفالنا ونسائنا....طبعا ابتهاجا بالديمقراطية النموذجية التي يتغنى بها زعماء الإرهاب الدولي ، وظروف الاحتراق الذاتي في وطننا العربي الكبير تخدم سياسة العدو واعداء الامن والسلام بامتياز للإجهاز على حلمنا في ما تبقى من ارضنا وبالعودة للموضوعية وحتى لا نغطي واقعنا المؤلم بالغربال امام الهجمة الصهيونية الشرسة على انسانيتنا.......

الكل الوطني يتساءل اين مؤسساتنا الأمنية مما يجري لنا..؟؟ بجرأة ادبيه الامن الحزبي لن يكون له رؤية استراتيجية وضيق البصر والبصيرة، وتبادل الاتهامات فيما بيننا بعد كل عملية اغتيال من قبل الاستخبارات الإسرائيلية ليس حلا.... ومشهد الكل يشد الكل حتى كاد ان يخنقه فلسطينيا يعمق وجع قلوبنا.....

وغفلة دور الاعلام الدعائي الإسرائيلي في تأجيج ذلك بأساليبه السيكو سياسيه مصيبه اعمق.....الامن الحزبي يا ساده يستنزف قوانا البشرية ويشغل عقولنا عن اهدافنا الرئيسية وغالبا ما يصب في مصلحة الأهداف الإسرائيلية والتي هي في الأصل لا أخلاقية في سلوكها، وهنا يجب ان نتوقف امام ذلك...انظر لهذا المشهد بتدبر ( لو علق إسرائيلي عمره 98 عام في عماره بالمكسيك نتيجة كارثه طبيعية زلزال ) الاجراء المباشر تسخير كل امكانيات إسرائيل والاستعانة بدول صديقه لنجدة هذا العجوز مع تفعيل ماكنه اعلاميه لا طاقه لنا بها دوليا...

باختصار يعني الصورة النمطية السائدة في أوساط البشرية (هي انقاذ الإسرائيلي مهمه إنسانية واجبه مهما كان الثمن ) ولكن في المقابل نقتل بشكل فردي وجماعي في كل مكان...

واضحى قتلنا بلا ثمن ،ان صراعنا مع العدو يحتاج الى اليات مواجهة فعاله ، وعملية الاغتيال الجبانة والحرفية في نفس الوقت بحق الفدائي مازن ،بحاجه الى وقفه استراتيجية متزنة تبحث عن مهارات في الرد وفي نفس الوقت تؤثر في نفسية العدو اكثر من قيمة الفعل نفسه....وهنا يستحضرني قول مقتبس من كتاب فن الحرب مفاده " اذا عرفت العدو وعرفت نفسك ، فليس هناك ما يدعو الى ان تخاف نتائج مائة معركه ، واذا عرفت نفسك ولم تعرف العدو فانك سوف تقاسي من هزيمه مقابل كل انتصار......

واذا لم تعرف نفسك ولم تعرف العدو ، فانك احمق وسوف تواجه الهزيمة في كل معركه " هذه الاقوال للاعتبار يا ساده ...؟ وتدفعنا الى النظر بعين العقل والحكمة ، وان نضع دراسة واقعنا المشرزم على طاولة الاهتمام الفوري ونغادر واقع الالام ونعيد صياغة اليات مواجهة تخدم رؤيتنا للمستقبل بمهارات عقلية متزنة ، وان ندرك مهارات إسرائيل في كيفية تسويق نفسها كضحيه والاختباء خلف افة الإرهاب، رغم ممارساتها له بأبشع صوره ضد الانسان الفلسطيني.....

ونحن في المقابل سيطر علينا انفعال المواجهة الغير مدروسة والتي تاهت وللأسف في سياق الخلط بين الكفاح المسلح في التحرر من الاحتلال والسعي للسلام المفقود من الوجود وبين ربطنا بالعمل الإرهابي السائد في الاعلام الدولي......مما أدى الى غموض في الرؤيا والى تشويه سمعة حركات التحرر الوطني والمقاومة المشروعة امام الراي العام الدولي......على الجميع ادراك هذا الواقع والخروج من حالة الهذيان واللاوعي والنظر بموضوعية مع عدم اغفال استخدام استراتيجيات مواجهة فعالة للحرب النفسية المضادة للعدو ( كالهمس في اذن الشهيد بالأمس...) واكاد ان اجزم بأن أثرها عمق الخوف والرعب في نفوس قادة العدو بامتياز......يا ساده ( الامن والصحة والتعليم ) ملفات للكل الوطني وثلاثي شديد الأهمية ومسؤوليه أخلاقية...بالأمن تطمئن النفوس ..وبالصحة يقوى البدن.....وبالتعليم تتنور العقول....وهذ احتياجات أساسية للإنسان الفلسطيني تعزز صموده على هذه الأرض.....لا بد من تحييدها عن الصراع الحزبي المقيت.....هيا نصنع القرار ونعمر الديار....

الكاتب والباحث في القضايا السيكو استراتيجية