القمة العربية 2017 بين التفاؤل والتشاؤم ..بقلم: أ. سلوى محمد ساق الله

الإثنين 27 مارس 2017 11:08 ص / بتوقيت القدس +2GMT



جاءت القمة العربية  في ظروف صعبة وتحديات كبيرة على الصعيدين الإقليمي  والعربي، وفي ظل اشتداد الأزمات العربية والحاجة إلى الخروج من مأزقها وتحقيق الامن والاستقرار في المنطقة في ظل تعاون عربي من أجل انهاء الأزمات التي تمر بها الشعوب.

لا شك أن القضية الفلسطينية ستحتل الصدارة على أولويات أجندة القمة العربية، وأنها ستحظى أيضاً باهتمام كبير. وستكون هذه القمة فرصة بالنسبة للجانب الفلسطيني إن أمكن الاستفادة منها واستثمارها بشكل جيد يخدم القضية الفلسطينية في ظل التعقيدات التي تشهدها الساحة السياسية محلياً واقيليماً ودولياً، وخاصة أن كل من الجامعة العربية والسلطة الفلسطينية يسعون إلى إقامة دولة للسلطة الفلسطينية، بينما الطرف الإسرائيلي وواشنطن لم يلتزما حتى اللحظة، على الرغم من رغبة جميع الأطراف تؤيد إيجاد نهج إقليمي من أجل حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

إن القضايا الثلاث الملحة في الشرق الأوسط والتي تؤرق مضجعه هي القضية الفلسطينية، والأزمة السورية، ومكافحة خطر التطرف والإرهاب، في ظل انحدار الأمن في المنطقة عاماً بعد عام، الأمر الذي يفرض وجوب إيجاد حلول عاجلة لها ضمن إطار عربي واحد داعم لهذه الحلول، وهو ما يمكن قياس نجاح القمة العربية من عدمه عليه لهذا العام.  

من المتوقع أن يجدد البيان الختامي للقمة العربية الالتزام بالتصدي لكل التهديدات التي تواجه الأمن القومي العربي، وتأكيد مركزية القضية الفلسطينية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، والتأكيد على ضرورة تحريك مساعي حل القضية الفلسطينية وصولاً إلى حل الدولتين من أجل إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من خلال الدعوة لمؤتمر دولي يزيح عن أكتاف الزعماء العرب فرصة إيجاد حلول ربما تكون ضاغطة على الطرف الإسرائيلي كوقف التطبيع أو قطع العلاقات بشكل حقيقي أكثر من كونه تهديداً هشاً على ورق أكثر ما يعتبره الطرف الإسرائيلي أنه إهانة بحقه وفي النهاية لا يمكن أن يترجم إلى واقع يجني ثماراً للفلسطينيين.

قد يكون من الصعب التفاؤل بشأن إمكانية وضع حد للنزاع السوري الذي دمرها بالكامل تقريباً. وعلى الرغم من أن الحكومة السورية لا تحضر القمة، لكن يمكن لرؤساء الدول العربية أن يعبروا عن تأييدهم لمحادثات السلام التي تتخذ من جنيف مقرا لها والتي تهدف إلى حل النزاع السوري في ظل الحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها واستقرارها وسلامتها الإقليمية.

أما قضية مكافحة التطرف والإرهاب في العراق ضد داعش لا شك أنها تتمتع بتوافق عربي ودولي كبير ومتزايد، ومن المتوقع أن تكون تبدأ التوصيات لعلاج هذه الأزمة بوجود نظام سياسي شامل، يدعمه زيادة ميزانيات الدفاع، ومساعدة الدول الشقيقة ما أمكن من خلال مناصرة الحكومات وتقديم يد العون والمساعدة لها، ويمكن الخروج بتوصيات فاعلة من أجل كسب الحرب ضد التطرف والإرهاب بتأمين حقيقي للجبهة للايديولوجية داخل المجتمعات والشعوب ودعم مساعيها في تحقيق نصر حاسم على الجماعات الإرهابية التي تلحق الدمار بالمنطقة، في ظل طلب مساعدة الدول العظمى كالولايات المتحدة وروسيا في هذه الحرب من أجل حلها.

ومن المؤكد أن هناك العديد من القضايا الأخرى التي تثير قلقاً بالغاً على سبيل المثال الأزمة في اليمن وليبيا، وبالتالي سيكون لها بلا شك مساحة ضمن جدول أعمال القمة. 

وعلى الرغم من الزخم الذي يضيفه استضافة الأردن للقمة العربية، ودورها الدبلوماسي الإقليمي، إلا أن الصورة تبقى قاتمة حقاً، لا توحي بأكثر من التشاؤم تجاه الجهود والقرارت العربية التي يمكن أن تنتج عن القمة، وذلك لضعف البنية التحتية الأساسية الداعمة لتنفيذ القرارات والتي أصبحت من باب رفع العتب لا أكثر.

إن الفشل في التوصل إلى إعطاء أهمية بالنسبة للقضايا التي تعتبر أكثر من كونها مثيرة للقلق، أبرزها مشكلة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وإنهاء الأزمة الإنسانية التي يخضع لها الفلسطينيون منذ عقود طويلة، والظروف حول القضية الفلسطينية من نوايا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في نقل السفارة الأمريكية إلى تل أبيب وما ينتج عن هذ التحركات من تغييرات كبيرة في الشرق الأوسط، وكذلك ما حدث مؤخراً سحب تقرير الإكسوا الذين يدين بالأدلة لنظام الأبارتايد أو ما يسمى بجريمة الفصل العنصري الذي أسسته إسرائيل، كما أن جريمة التعدي الإسرائيلي على الأماكن المقدسة في الأراضي الفلسطينية إنما هو تعدي سافر على دور الأردن في رعاية هذه الأماكن المقدسة، وهو أمر لا يمكن تجاهله من الدول العربية والإسلامية على حد سواء، في مقابل ما تقوم أطراف إقليمية تشارك بوجه أو بآخر في صراعات في المنطقة غالباً ما تستخدم المشكلة الفلسطينية كذريعة لتنفيذ أجنداتهم الخاصة، فمن المنطقي أن يولي القادة العرب أهمية قصوى للمسألة وأن يحاولوا حلها بإنصاف، وهذا يعني على أساس حل الدولتين. إن غياب هذا الدور الكبير للعرب لا يدع مجالا أمام العالم العربي أن يتوقع من بقية العالم والمجتمع الدولي أن يفعل ذلك بالنسبة لهم، في أي محافل أخرى.

على الرغم من الظروف الصعبة والمزرية التي تواجه البلدان العربية، إننا على أمل أن يشكّل القادة العرب جبهة مشتركة لتفادي التحديات العديدة التي تواجه بلدانهم بشكل حقيقي قابل للتنفيذ على أرض الواقع قبل فوات الأوان والذي لا يمكن أن يُثمر إلا إذا كانوا على قلب رجل واحد، رافضين التدخل الخارجي وخاصة التدخل الإيراني في سياسات الدول العربية وشؤونها الداخلية.