هرم الأهرام .. وداعا! د.أحمد شوقى

السبت 25 مارس 2017 03:35 م / بتوقيت القدس +2GMT



عبر عقود طويلة من عمره المديد بإذن الله، قدمت لنا الأهرام العديد من أهرامات الصحافة والفكر، الذين أثروا حياتنا الثقافية المصرية والعربية،

بلى وعرف العالم الكثير من إسهاماتهم المتميزة. واليوم هو يوم أحد هذه الأهرامات العزيزة، الذي رحل عن عالمنا بعد أن علمنا الكثير. أحدثكم عن الأستاذ والصديق السيد يسين، المثقف الموسوعي والمفكر الإستراتيجي والباحث الاجتماعي، الذي لا يشق له غبار.

لقد عرفته عن قرب منذ أوائل ثمانينيات القرن الماضي، فوجدت فيه قدوة فريدة للمفكر الشجاع، الذي يرفض أن يكون المثقف مخادعا أو مبررا أو متهاونا في التصدي للجهل والخرافة والتطرف. لقد حرص على أن يقدم لنا دائما نموذج المثقف المدقق ، المتابع للفكر العالمي باستمرار وإصرار. وفى نفس الوقت، لم يأل جهدا في تعريفنا بالأعمال الجادة للمثقفين المصريين والعرب، شبابهم وشيوخهم على حد سواء. عرف قيمة الجدية والعمق، وكره ثقافة المديوكر السطحية والجمود الأيديولوجي، مهما كان صوتها عاليا. خشى الآثار السلبية لتدهور التعليم والبحث العلمي والإعلام، وهاجمها بشدة من لا يخشى في الحق لومة لائم. دعانا إلى التفكير الناقد، وممارسة نقد الذات قبل نقد الآخرين. قدم لنا رؤيته المدروسة عن العولمة وعصر المعلومات ومجتمع المعرفة. علمنا أن نبني تفكيرنا على مرجعية معرفية واسعة، وأن نضعه في إطار منطقى متماسك. حذرنا من غياب الرؤية الإستراتيجية، التي يجب أن تحكم فكرنا وفعلنا.

هذا بعض ما قدمه الراحل العزيز، حرصت على أن أذكره بصيغة الجمع، وإن كنت أجد أن من حقه ـ ونحن نودعه ـ أن أذكر حكاية شخصية. منذ سنوات طويلة، كنا في مكتبة الإسكندرية، وقال لى: العجز وحش أوى يا أحمد، لكننا اتفقنا على ألا نستسلم، ولم يستسلم. بعد ذلك بمدة، حكى لى عن مرضه، الذي قرر أن يقاومه بالعمل والعطاء، حتى تأتي اللحظة المحتومة. هذا هو درس السيد يسين الأخير، الذي قدمه لنا. لقد إنتصر السيد يسين، ولقى ربه راضيا مرضيا، مصحوبا بحبنا واحترامنا ودعواتنا. رحمه الله.