يديعوت : غمار الحرب القادمة

الثلاثاء 21 مارس 2017 11:22 ص / بتوقيت القدس +2GMT
يديعوت : غمار الحرب القادمة



أطلس للدراسات / بقلم: رون بن يشاي\

الهجمات الكثيرة بشكل نسبي، والمنسوبة إلى سلاح الجو الإسرائيلي في سوريا في الفترة الأخيرة، وردود الفعل السورية المتفاقمة هي جزء ممّا يمكن وصفه "الحرب القادمة"، المبادران بهذه المعركة هما إيران وحزب الله، اللذان يريدان تحويل سوريا إلى جبهة أخرى ضد إسرائيل في حال اندلعت حرب بين إسرائيل وتنظيم حسن نصر الله أو بين إسرائيل والجمهورية الإسلامية. والسبب في ذلك هو ان حزب الله واللبنانيين يخشون أن تخرب إسرائيل في الحرب القادمة بالمعنى الحرفي للكلمة أرض الأرز في المطاردة التي ستجريها بحثًا عن مواقع إطلاق الصواريخ والقذائف، وفي الحرب التي ستخوضها ضد قواعد انطلاق حزب الله في جنوب لبنان.

حزب الله والإيرانيون يئسوا - على الأقل - من إمكانية تحويل لبنان إلى قاعدة لعملياتهم ضد الجبهة الداخلية الإسرائيلية وضد مستوطنات الشمال، ولذلك فهما بحاجة إلى جبهة جديدة يستطيعان منها إطلاق الصواريخ والقذائف والطائرات غير المأهولة باتجاه وسط البلاد، وفي المقابل إطلاق العمليات برًا ضد البلدات القريبة من الحدود. هذا ما يبحثون عنه في هضبة الجولان، في مطلع العام 2015 جرت محاولة جدية لإقامة هذه الجبهة في الجولان السوري؛ غير ان المحاولة أحبطت عندما قامت الطائرات الحربية الإسرائيلية - حسب التقارير الأجنبية - بمهاجمة دورية قيادات تلك الجبهة، من بينهم جهاد مغنية والجنرال في الجيش الإيراني وقادة من الجيش السوري.

محاولة أخرى لاستخدام الأراضي السورية

بعد الاغتيال تلاشت محاولة تحويل هضبة الجولان إلى جبهة أخرى ضد إسرائيل، منذ نهاية الـ 2016 ولغاية اليوم تم القيام بمحاولة أخرى تختلف قليلًا عن سابقتها؛ هذه المرة كانت الفكرة ليس فقط استخدام خط التماس في هضبة الجولان كقاعدة للانطلاق في عمليات وإطلاق صواريخ وقذائف مدفعية قصيرة المدى إلى قلب الأرض الإسرائيلية، وإنما تحويل سوريا كلها إلى قاعدة عمليات أخرى تابعة لحزب الله والإيرانيين.

سبب محتمل لهذه المحاولة الأخرى، وهو مصاعب إيران المتزايدة في مساعدة سوريا على نقل السلاح الاستراتيجي والنوعي من الأرض السورية إلى داخل الأرض اللبنانية. يمكن القول ان الإيرانيين ورجال حزب الله أدركوا بأنهم شفافين، ذلك بسبب كون إرساليات السلاح القادمة من إيران أو المنتجة في سوريا لصالح حزب الله تهاجم حسب الكثير من التقارير، والأهم من ذلك فليس هناك منظومة مضادة للطائرات تستطيع ان تدافع عن المنظومة الصاروخية والمدفعية الثقيلة خاصة حزب الله داخل الأرض اللبنانية.

مقابل ذلك، في سوريا يوجد كل ما يحتاج حزب الله إليه؛ بدءًا بالورش في الشمال السوري التي تصنع فيها الصواريخ والقذائف الصاروخية لصالح الميليشيا الشيعية، ومرورًا بمواقع الإطلاق المنتشرة في جميع أنحاء دولة بشار الأسد، وهي الأكبر كثيرًا من الأرض اللبنانية، ووصولًا إلى المكون الثالث، والذي هو منظومة الاعتراض ضد الطائرات والصواريخ، هذه المنظومة بالكاد لم تتضرر في الحرب الأهلية، ويمكنها توفير دفاع لحزب الله والإيرانيين في حال قرروا إطلاق الصواريخ من سوريا باتجاه إسرائيل، وبالطبع أيضًا الدفاع عن المواقع التي ينتجون فيها ويخزنون حسب الاستراتيجية الجديدة الصواريخ لصالح حزب الله في المنطقة السورية.

بكلمات أخرى؛ حزب الله والإيرانيون يريدون إضافة قاعدة أخرى لأنفسهم يكونون محصنين فيها، ليس فقط من خلال منظومة اعتراض الطائرات والصواريخ السورية، وإنما بواسطة حقيقة التواجد الروسي في سوريا أيضًا. السوريون يظنون ان إسرائيل لن تجرؤ على المهاجمة بالقرب من القوات الروسية، رغم ان نتنياهو أبرم اتفاقًا مع بوتين مفاده أن إسرائيل وروسيا لن يضرا بمصالحهما المشتركة في لبنان. بمعنى أنه طالما لم تحاول إسرائيل قلقلة نظام الأسد ولم تساعد المتمردين بشكل مباشر او غير مباشر؛ روسيا ستسمح لإسرائيل بالتحرك الحر، لهذا السبب ازداد الأمن الذاتي للنظام في سوريا، وهو تحت الضغط الإيراني وضغط حزب الله للشروع في الرد على الهجمات المنسوبة إلى إسرائيل.

أمن الأسد

الأسد متأكد تمامًا أنه طالما أراد الروس استمرار حكمه فإن إسرائيل لن تجرؤ على أن تتسبب له بضرر كبير، لذلك فهو يسمح لحزب الله والإيرانيين بتطوير نظامهما في سوريا، وهذا يشمل في الظاهر مواقع إنتاج الصواريخ والقذائف ومواقع التخزين والإطلاق لهذا السلاح، والتي - حسب التقارير - يعززها حزب الله والإيرانيون في أماكن مختلفة في سوريا، وأخيرًا مجموعات إرهابية نفذت عمليات وأطلقت صواريخ قصيرة المدى إلى داخل منطقة الجولان الإسرائيلي من داخل منطقة الجولان السوري.

دعمًا لهذا النظام، طلب الإيرانيون وحصلوا أيضًا من الأسد على ركيزتهم الخاصة في ميناء اللاذقية بالشمال السوري في المنطقة العلوية ليكون منفسًا لهم لإنتاج المواد الخام والسلاح المنتهي الصلاحية من إنتاج الصناعات الحربية الإيرانية.

في زيارته الأخيرة لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قال رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو "نرى ان إيران تحاول بناء قوة عسكرية وبنى عسكرية، بقصد ان تخلق لها قاعدة في سوريا، بما في ذلك محاولة إنشاء ميناءً بحري؛ هذه الامور لها انعكاسات خطيرة بالنسبة لأمن إسرائيل. تحدثت إلى الرئيس بوتين مطولًا عن الانعكاسات الاستراتيجية لترسيخ إيران قدمها، هذا وقلت ان ذلك يقلقل الاستقرار، وأنه يضر بإمكانية إيجاد حل سياسي، وأوضحت ان الأمر لن يكون مقبولًا على دولة إسرائيل".

إطلاق الجبهة الأخرى الجديدة في سوريا، التي ستخدم المحور الراديكالي، هو إطلاق خطير، وله احتمال تدميري على إسرائيل، فمجرد نشر سلاح حزب الله وإيران وسوريا على أراضي البلدين (لبنان وسوريا) سيجعل من الصعب للغاية مواجهة هذا التحدي من قبل الجيش الإسرائيلي؛ بل ان من شأنه أن يتطلب العمل على الجبهتين، في سوريا ولبنان في ذات الوقت. إضافة إلى ان ذلك سيلزم إسرائيل بتخصيص قوات كبيرة أكثر مما تخصصه اليوم من أجل الدفاع عن مستوطنات هضبة الجولان، لذلك ازداد عدد حالات الهجمات المنسوبة إلى إسرائيل في سوريا، هذه الهجمات يراد منها إحباط توجه حزب الله لإنتاج وتخزين القذائف والصواريخ في سوريا، بل وإطلاقها من هناك، ومن خلال ميليشيات محلية أيضًا، والتي يقيمونها هم والأسد، والقيام بتنفيذ عمليات تخترق الجدار أو إطلاق الصواريخ باتجاه هضبة الجولان.

ما جرى نهاية الأسبوع الأخير يعتبر نموذجًا جيدًا لهذا الأمر، صبيحة يوم الجمعة هاجمت طائرات إسرائيلية سلاحًا أنتج في سوريا (على ما يبدو "سكود" من طراز D، مداها حوالي 700 كم)، والتي اعدت لاستخدام حزب الله، كل شيء ممكن في الحرب شبه السرية هذه، والدائرة بين إسرائيل والمحور الراديكالي الشيعي بقيادة إيران حول تحويل سوريا إلى جبهة أخرى ضد إسرائيل. يوم الجمعة انضم الروس أيضًا إلى ميدان الصراع، فقد استدعوا السفير الإسرائيلي في موسكو لحديث توضيحي - على ما يبدو - بسبب كون الهجوم المنسوب إلى إسرائيل على شمال سوريا حدث قريبًا جدًا من مكان كان فيه رجال من الجيش الروسي.

ربما غضب الروس بسبب ما بدى انه تعريض رجالهم للخطر من قبل إسرائيل، وربما أيضًا لأن الأسد طلب ذلك منهم فاستجابوا لإرضائه. الرئيس السوري يحاول الآن صد هجوم للثوار على دمشق، ويبدو وكأن الروس - على الأقل حاليًا - يلجمون الإسرائيليين لصالحه. على أية حال في إسرائيل وفي الكرياه في تل أبيب يلمحون إلى انه لا نية لديهم لتخفيف الضغط ما لم تتخلى إيران وحزب الله عن محاولات إقامة جبهة ثانية.

الردود السورية المتفاقمة أريد منها تقليص مساحة التحرك الإسرائيلي والحد منها، لكن الجيش الإسرائيلي لم يتأثر وتحرك - حسب زعم موسكو - بالقرب من المناطق التي يعمل فيها الروس أيضًا.