داؤُنـا مِـنا ودَواؤُنـا مَعـنا ...فــــراس يــــــاغـــــــي

الجمعة 17 مارس 2017 09:27 ص / بتوقيت القدس +2GMT
داؤُنـا مِـنا ودَواؤُنـا مَعـنا ...فــــراس يــــــاغـــــــي



أصرّ البعض المتنفذ في السياسه ولا يزال على النظر إلى أمريكا وكأنها المُنقذ والحامي والقادر بإعتبارها القدر المحتوم المفروض ليس على العالم وحده بالذات وإنما وبالأخص في منطقتنا بإعتبار أنّ المَعبوده وما تُمَثله من نَسق إلهي مُفضّل ومُدَلل موجود بين ظاهريْنا...دولة إسرائيل المعشوقه والعاشقه لديها رباطٌ مُقدس لا يمكن حتى مُجرد لمسه مع كبير العاشقين وحاميهم وبما يسمح لها لأن تكون المُتَفَرّده والمُقرّره بما يتعلق بالقريب منها وما بعد القريب وما بعدَ بعدَ القريب...

قال البعض أن "الشك بداية اليقين" وأضاف آخرين بأن "الشك أساس الوجود"، وبين الشك واليقين مسافه فاصله تقترب أو تبتعد وفقا لمفهوم الحقيقه، لكن في علوم الطبيعه والفيزياء هناك دائما حقيقه مطلقه لا تحتمل الشك وترفضه، قانون الجاذبيه والحركه الدائمه للكون بما فيه وعليه، وتحول الماده حتى الطاقه من شك لآخر، حتى الصوت حين ينطلق يُصبح ماده ويتحول لذبذبات مُنشره في فضاء هذا الكون اللا متناهي...في السياسه تَتعَقّد الأمور، وتُصبح القوانين مَرِنَه لدرجة الشك بل النفي أحيانا، وفي حركة المجتمعات والناس لا ثابت ولا مُطلق حتى في مفهوم "المصالح"، وتُصبح القوة إلى حين، صاحبة القرار في تحديد طبيعة الموازين ومفهوم اليقين...النسبيه لا المطلق، والحركه الدائمه لا سكون فيها، ويتحول المُتَغَيّر هنا وفق حسابات ترتبط بالمصالح أحيانا، وبالأيديولوجيا أحيانا أخرى، لكن إيقاعها ومهما كانت يُحال دائما لمفهوم "موازين القوى".

فلسطينيا وفي خِضّم الصراع المُستمر مُنذُ عُقود، إيقاعه ليس سوى تعبير واضح لتلك التوازنات المحليه والإقليميه والعالميه، في السابق لم يكن لدى أي إسرائيلي مُتَنفذ وصانع للقرار توجه للإعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينيه ومفاوضتها...الإنتفاضه الأولى فرضت معادله جديده وغَيَرَت مفهوم الثابت لصالح المُتَغيّر، فجاءت "أوسلو" وما أدراك ما "أوسلو"...الثابت في الموقف من الصانع الأول في مطبخ القرار في دولة إسرائيل لم يَتَغَيّر، لكنه تلاعب لإحداث مُتَغَيّر جديد يتلائم ومُعطيات ذاك الواقع وأوجد معادله جديده إسمها "التبادليه" بين الأمن والسلام، إستمر الحاله "العفويه" كرد فعل وليس كَ "خُطه" أوصلنا في النهايه لمفهوم الأمن لأجل الأمن، ولاحقا الأمن لأجل المصالح الإقتصاديه، وفيما بعد الأمن لصالح إستمرار الحاله للأفراد و "بِزنِسّها"، بل وصلت الأمور لأبعد من ذلك بأكثر مما يتصوره البعض ليس في مفهوم الشراكه ولا مفهوم الصراع ولا في مفهوم المصالح، وإنما في مُتَغيّرات شخصيه وأحيانا فرديه بمفهوم "المقاولات"... مقاولة الأمن في "غزة" والإقتصاد في "الضفهط، في حين غابت "القدس" لصالح الأصيل لا الوكيل المقاول.

أمريكا ليست ولم ولن تكون القَدر المحتوم، و"الترامبيّه" الجديده ليست شيء فريد في الواقع العالمي المُتَجَدّد والقديم، والموقف الأمريكي من المَعْشوقه "إسرائيل" له ضوابط إستراتيجيه مُحدّده تتغير بين الفنيه والأخرى في هوامشها بينما يبقى الجوهر ثابت، طبيعة المُتَحَكّم كَ "ثابت" لأجل البقاء والوجود الآمن بالمطلق المرتبط بالنسبي والتفوق بمفهوم القوة يتغير بهوامش ضيقه إرتباطاتها داخليه أكثر منها خارجيه، وأمريكا و "ترامب" هي لاعب مُنضبط وفقا لذلك وبما يُحقق إستمرار العمليه كإداره، لكن المُتغير هنا أن طبيعة الإداره يغلب عليها مفهوم "البزنس" و "الشركه"، فمثلا مبعوثه "غرينبلات" هو مُتخصص في "بزنس" العقارات، وعلم السياسه لديه ولدى رئيسه مرتبط بمفهوم الربح والخساره كَ "شركه" أكثر من كونها حقوق وقوانين ومواثيق...الخ.

يقول الإمام علي كرّم الله وجهه "كلما إزدادت الحقيقه وضوحا إزداد أعداؤها"، الحقيقة لدى القاصي والداني واضحه، "الترامبيه" ليست قدراً وأمريكا ليست سوى دولة ظالمه تقف إلى جانب الظُلم وصناعته، وحقيقة عدالة القضيه الفلسطينيه وضوحها ساطع وبرّاق، المشكله أن الداء فينا، وعلاجه من دواء صناعته إختصاصنا...نحن صنعنا ذاك الداء، ونحن من يرفض العلاج، بل أمعنا في صناعة الداء، فأصبحنا وفق تقرير "الإسكوا" نتعامل مع واقع "الكانتونات" الأربعه كَإداره سياسيه وإقتصاديه وإمتيازات خاصه، أحيانا فرديه في الكانتون الواحد وحزبيه مقيته في الكانتونات المُتَعَدّده، في حين يغيب الحق في مقاومته ورفضه عملياً، ووفق خطه وبرنامج، لا نظرياً وقانونياً ووفق مفهوم رد الفعل والتمسك بالثوابت فقط.

أيها الشعب: لا تُصدق السَرابْ وكأنه حقيقه، ولا تُصدّق الحقيقه الظاهره وكأنها قَدر...وإعلم أن المًتحكم في حركة السياسه ليس مفهوم فن المُمكن ولا التلاعب بالكلمات والعبارات وفق البعض المُتَنَفّذ، موازين القوى وتراكم الفعل وفق حركة دائمه ومستمره وعلى أساس خطه وبرنامج عمل هي اساس حركة السياسه، العمل الجامع وفق مفهوم المؤسسه وضمن الشراكه الوطنيه كأساس لا الفرد الواحد مهما علا منصبه وكان دبلوماسي ومثقف وخبير ومتخصص هو اساس تغيير حركة السياسه وحركة المصالح، والقُربْ والبُعْد من الحق يُحَدّده فِعلْ الشعب لا الفرد...ومرة أخرى أيها الشعب: تَمَعّن فيما قاله الإمام رضي الله عنه، إبن عم رسول الله صلوات الله عليه وسلم "دَواؤك فيكَ وما تشعرُ...وَداؤُكَ مِنكَ وما تُبصرُ...وَتَحسبُ أنكَ جُرمٌ صَغيرٌ...وِفيكَ إنطَوى العالمُ الأكبرُ...رحم الله الإمام