صعود مسؤولي حماس للحكم سيقود للاستقرار أم للقتال؟

الأحد 19 فبراير 2017 12:47 ص / بتوقيت القدس +2GMT
صعود مسؤولي حماس للحكم سيقود للاستقرار أم للقتال؟



أطلس للدراسات \معاريف\

جمع القدر بين ثلاثتهم في بداية الطريق، عندما كانت حماس في بداياتها، ومنذ ذاك الوقت ارتبطت مصائرهم ببعضها. يحيى السنوار، روحي مشتهي، وتوفيق أبو نعيم

بدأوا طريقهم في أجهزة أمن حماس التي أقيمت بأمر من الشيخ أحمد ياسين في منتصف الثمانينات، بعد سنوات معدودة عرف التنظيم باسمه الرسمي وخرج للنور بنسخته الجديدة، وسمي باسم "جهاز المجد الأمني".

يحيى السنوار (أبو ابراهيم) كان أحد المؤسسين، وقد جنّد للجهاز روحي مشتهى (أبو جمال)، ومعًا تقاسم الطرفان مسؤولية قطاع غزة، السنوار أشرف على منطقة جنوب القطاع، ومشتهى على شماله، توفيق أبو نعيم تم تجنيده بعد وقت قصير. إسماعيل هنية أيضًا تم تجنيده لهذا الجهاز في بداية الطريق، على يد روحي مشتهي، لكن القدر أخذ بهما لمسارات مختلفة.

"جهاز المجد" كان مسؤولًا عن تطهير المجتمع الفلسطيني من شيئين: المتعاونون مع إسرائيل، والفلسطينيون الذين يشذون عن نظام الحياة الإسلامي، وهؤلاء هم المسؤولون عن تجارة المخدرات، بيع الكحول، بيع الأشرطة الإباحية والنساء اللواتي ترتكب الفواحش. السنوار كان ناشطًا متحمسًا في الجهاز، فقد كان يحقق مع المشتبه بهم بنفسه، يعذبهم وبعد أن ينتزع منهم اعترافات، يقتلهم.

بعد وقت قصير من اندلاع الانتفاضة الأولى تم اعتقال السنوار، بعد شهر واحد من ذلك قام روحي مشتهى بإعداد عبوة ناسفة، لكن حدث عطل ما تسبب بأن انفجرت العبوة بين يديه، ليفقد حينها أحد أصابعه على الأقل، واعتقل على يد قوات الجيش الاسرائيلي في مستشفى بغزة كان يتلقى به العلاج. قيادة "جهاز المجد" تم التخلص منها تقريبًا وألقيت خلف القضبان، ناشط الجهاز توفيق أبو نعيم اعتقل بعد عام ونصف تقريبًا من ذلك؛ وهكذا جمعهم القدر مرة أخرى، ولكن هذه المرة في السجون الإسرائيلية.

السنوار وأبو نعيم مكثا في نفس الزنزانة بسجن عسقلان، بجانب صديق آخر لهم في الزنزانة هو محمد شراتحة (مجند الخلية التي خطفت وقتلت آفي سبورتس وايلان سعدون)، حفر الثلاثة حفرة محاولين الهرب، الخطة تم كشفها وبالتالي أحبطت عملية الهرب. هناك، بالسجن، في مرحلة مبكرة، زُرعت البذور الأولى، وبدأت تتبلور عند السنوار فكرة أن السجن ليس مدى الحياة، حتى لو حُكم عليك بالسجن مدى الحياة.

في وقت لاحق، عندما تم نقله لسجن بئر السبع، خطط من داخل السجن لخطف جندي سيتم تهريبه لسيناء عبر أنفاق رفح ليستخدم كورقة مساومة في صفقة لإطلاق سراح أسرى أمنيين؛ هذه الخطة أيضًا تم كشفها في وقت مبكر، وأحبطت.

الثلاثة (السنوار، مشتهى، وأبو نعيم) أطلق سراحهم بالنهاية في صفقة شاليط بعد أن قضوا أكثر من 20 عامًا في السجن، صعودهم لقيادة حركة حماس في غزة الفترة الماضية، بعد مرور خمس سنوات ونصف فقط، يؤكد أن مكانتهم في فترة سجنهم لم تتآكل، خلال هذه الفترة القصيرة نجحوا بالالتفاف حول المناصب العليا لكثر من قادة حماس الذين حصلوا على منصب عظيم خلال العقدين اللذين قضوهما في السجون الاسرائيلية. في مرحلة مبكرة نسبيًا نهض شخص ما في واشنطن، وأدخل السنوار ومشتهى لقائمة المطلوبين للولايات المتحدة.

السنوار تم اختياره الآن ليحل محل إسماعيل هنية لرئاسة قيادة حماس في غزة، المنصب الذي سيشغله في الأشهر القادمة القريبة؛ هذا المنصب تلقاه بشكل أساسي من الناخبين الشباب لحماس في الانتخابات السرية التي جرت بالتنظيم مؤخرًا، هذا المنصب يعطيه تفويضًا رسميًا، فهو يعتبر المسؤول الحقيقي لحماس في غزة منذ مدة طويلة، يقولون انه عندما يدخل لغرفة النقاشات يسود الصمت، واضحٌ للجميع من هو المسؤول البارز الموجود بالغرفة، الخلاف معه لا يُنصح به أبدًا، ويشهد بذلك أبناء عائلة قائد كتيبة حي الزيتون في حماس محمود شتيوي، الذي تم قتله قبل عام في إطار خلاف بينه وبين السنوار.

الجرح المفتوح

عندما كان في السجن، عندما دخلت صفقة شاليط مرحلتها الأخيرة، كان السنوار هو من تنقل بين أسرى حماس وبشرهم إذا ما كان سيتم إطلاق صراحهم في الصفقة أم لا. السنوار ومشتهى كانا مسؤوليْن عن تشكيل قائمة المفرج عنهم، وبعد إطلاق سراحه تحدث مشتهى في مقابلة تلفزيونية أنه في المراحل الاخيرة للصفقة أنشأ الأسرى غرفة عمليات داخل السجن تتواصل مع قيادة حماس في الخارج عن طريق هواتف نقالة مهربة ونقلوا رسائل لمحاميهم.

لكن الصفقة أبقت كثيرًا من أسرى حماس المحكوم عليهم بالمؤبد داخل السجن بسبب "فيتو" إسرائيلي، بالنسبة لحماس السنوار كان خطاً أحمر، أخيه الأصغر، محمد السنوار - قائد كتيبة خانيونس في حماس ومن المخططين لخطف شاليط - لم يكن مستعدًا لأن يتخلى عنه بأي شكل، فقد وضع أخاه على قائمة المفرج عنهم. السنوار ومشتهى يشعران منذ ذلك الوقت بأنهما ملزمان بإطلاق سراح الأسرى، هذا العبء ملقى على عواتقهم، إنه الجرح المفتوح.

السنوار نادرًا ما يظهر في الإعلام وفي المناسبات العامة، إنه لا يفعل ما كان يفعله سلفه هنية، حيث يصف نفسه كزعيم شعبي وجمهوري معروف بنزوله للشارع والاحتكاك بالسكان؛ مرة لملامسة رؤوس الاطفال أمام الكاميرات، مرة يخرج بلبس مناسب للمطر وحذاء طويل للمساعدة بإنقاذ الغزيين من الفيضانات. أسلوب القيادة للسنوار يختلف، ربما سيظهر الآن مضطرًا بحكم منصبه الجديد، لكن بطبيعته كان ولا يزال شخصية مقاومة عسكرية.

قربه من رئيس الذراع العسكرية لحماس محمد الضيف، والرؤية المشتركة التي يتشاركها الطرفان؛ كانا السبب بوصوله لمنصب رئيس الجهاز النازي في حماس بغزة، كلاهما أبناء مخيم اللاجئين خانيونس، من نفس الجيل، "السنوار هو الوحيد الذي يستطيع النظر لمحمد الضيف بعينين قويتين" قالوا عنه مرة في جهاز الأمن، كلاهما يسعيان للتقارب مع إيران التي تساهم بإمداد الذراع العسكرية لحماس بالسلاح وبالمال، في طهران كانوا - بالتأكيد - مبتهجون بسماع خبر انتخاب السنوار ليصبح الرجل الأكبر في غزة.

السنوار، بالرغم من موقفه العدائي لإسرائيل، غير معني - في المرحلة الحالية على الأقل - بالمبادرة لجر قطاع غزة لحرب جديدة، مثله أيضًا مسؤولون آخرون في حماس. حتى لو لم يكن معتدلًا في منصبه الجديد؛ أولًا عن آخر سيدرك القيود والمعوقات في المنصب المعقد الذي حصل عليه، في المقام الأول مسؤوليته تجاه السكان، حيث سرّبت مصادر في حماس أن "السنوار يثق بالاستقرار من أجل غزة، ومن أجل الفلسطينيين".

السنوار يثق أيضًا بحيوية العلاقات مع مصر، المخرج الجنوبي من غزة للعالم، تعمل حماس في الأشهر الماضية بلا كلل لإعادة العلاقات مع نظام السيسي، وفي نفس الوقت بين طهران والقاهرة، وكذلك يحرص السنوار على ألا يخسر قطر، التي تشكل الممول الأكبر لقطاع غزة ومقر قيادة حماس في خارج البلاد.

الانتخابات الداخلية في حماس ستنتهي في فصل الربيع، بين إذا ما كان هنية سيحل محل مشعل في منصب القيادة العامة لحماس أو شخص آخر؛ غير متوقع ان يؤثر الأمر على حماس على المستوى الاستراتيجي، ستحدث تغيرات تكتيكية، حتى قرار اختيار السنوار في منصب قائد حماس في غزة لن يضع أمر اتخاذ القرارات بيده فقط، فحماس مكونة من مؤسسات، والقرارات تتخذ بالتشاور.

لكن من ناحية أمر واحد سيكون للسنوار تأثير كبير، ويبدو أنها حاسمة: قضية الأسرى والمفقودين. جنبًا إلى جنب مع المسؤول عن حقيبة الأسرى في حماس روحي مشتهى، مُتوقع أن يطلب ثمنًا باهظًا مقابل إعادة المفقودين الاسرائيليين وبقايا جثث الجنود، ويمكن أن احتمال عقد صفقة سيتم تأجيله الآن لعدة سنوات.

الكاتب الاسرائيلي جال بيرجر