صادقت الكنيست الاسرائيلية بالقراءة الثانية والثالثة على قانون التسويات او ما يسمى قانون تبييض المستوطنات او شرعنة الاستيطان وبالتالي صدر القانون الذى يعتبر قانونا عنصريا بامتياز ولا يمكن تجميله بأية صورة فالقانون يعطي الحق للدولة بمصادرة أراضى المواطنين الفلسطينيين الخاصة وتمنحها للمستوطنين اليهود حتى وان كانوا قدا استولوا عليها بالقوة وبالتالي ستقوم الدولة بترخيص كل البؤر الاستيطانية التى كانت قد أقيمت مسبقا على أراضى خاصة يملكها أفراد والذي يعنى اعلان بإنشاء ١٢٠ مستوطنة جديدة باستثناء مستوطنتي عامونا وعوفرا لصدور قرار مسبق من المحكمة العليا بإزالتها
القانون العنصري ينذر بنقل الصراع على الارض من صراع جماعى مع عموم الشعب الفلسطيني الى حتى صراع شخصي على ارض يملكها أصحابها منذ مئات السنين فقط لكونهم عرب لتمنحها لمستوطنين تناصرهم دولتهم فى الاستيلاء على الارض فقط لكونهم يهود وبالتالي تدخل الصراع الى آفاق جديدة تزيد من الكراهية والغضب وتؤدي بكل تاكيد الى مزيد من العنف والتطرف لمواجهة هذه العنصرية المقيتة
اسرائيل لم تكتفي بالاراضي الحكومية او أراض الملكية العامة لمصادرتها وبناء المستوطنات عليها وتوسيع ما هو قائم منها وايضاً لم تكتفي بقانون املاك الغائبين الذي كانت تستخدمه كمسوغ قانوني لمصادرة أراضى المواطنين الفلسطينيين الغائبين قصرا عن أراضيهم التى طردتهم اسرائيل منها مسبقا تمهيدا لمصادرتها بل اصبحت تطمع فى الاراضى الخاصة التى يملكها المواطنين الفلسطينيين وغالبيتهم من المزارعين الفقراء المحاصرين خلف جدار الفصل العنصرى لتقيم عليها مستوطنات جديدة للمستوطنين اليهود لتغيير الواقع الجغرافي والديموغرافي في الضفة الغربية وزرع مئات الألاف من المستوطنين المتطرفين حول المدن الفلسطينية لتحولها الى معازل تعانى من التمييز العنصري والابارتهايد وتمهيدا لضم كل المنطقة c التى تقارب ثلثي الضفة الغربية
القانون الجديد هو امتداد لسياسة حكومة اليمين في اسرائيل برئاسة نتياهو حيث ان الحكومة هي من قدمت هذا القانون والائتلاف الحكومي هو من ايده وبالتالي حولت الحكومة نفسها الى حكومة مستوطنين تقر قانون مبنى على اساس عنصري وبالتالي قدمت نفسها على انها حكومة أبارتهايد لا تختلف ابدا عن حكومة بريتوريا العنصرية او حكومات جنوب افريقيا العنصرية التى عاداها وعزلها العالم ولكن يبدو ان مقاييس العدالة فى العالم قد اختلفت فالقانون يصدر بينما رئيس الحكومة العنصرية نتياهو في لندن يجتمع مع زعماء بريطانيا العظمى وفى خلال ايام سيذهب الى واشنطن ليلتقى الرئيس ترامب الذى لا يتوانى عن الاعتزاز بالعلاقة بين بلاده وبين الدولة العنصرية وزعيم الحكومة العنصرية وربما يقدم له مكافأة مجزية على إقرار هذا القانون لانه فعلا لا يرى فى الاستيطان عائقا امام عملية السلام بل ربما يرى فى المواطنين الفلسطينيين الذين تصادر أراضيهم فقط لانهم عرب معيقا لعملية السلام التى تريدها دولة للاحتلال
ان العالم باكملة اليوم يقف شاهدا على عنصرية اسرائيل الواضحة وعلى عنجهيتها وتحديها المجمتع الدولى والامم المتحدة وخاصة ان هذا القانون يتناقض مع القانون الدولى والقانون الدولى الإنساني ومخالف لقرار مجلس الأمن ٢٣٣٣ ولكل قرارات الشرعية الدولية ومخالف لاتفاقية جنيف الرابعة وللقرار الاستشاري لمحكمة العدل الدولية فى لاهاي وميثاق روما الأساسى الذى يعتبر الاستيطان جريمة حرب ولكل الاعراف والمواثيق الدولية وتحد للعالم الحر باكملة الذى يتحمل بالصمت المسئولية عن كل ما تقوم به دولة الاحتلال من سياسات واجراءات عنصرية
ان اسرائيل ما كانت ستقدم على مثل هذه الخطوات الفجة ان لم تكن قد حصلت على ضوء اخضر من الادارة الامريكية الجديدة او على اقل تقدير وعد بالصمت وعدم الملاحقة وهى تحتمى الان اكثر من اي وقت مضى بالرئيس الامريكي دونالد ترامب وربما تحتمى ايضا بسلبية مواقف الدول الغربية وغيرها التى ربما فى احسن الاحوال تقوم بإدانة القانون ببيان صحفى ليس اكثر وهذا الضعف فى الموقف الدولى هو السند الحقيقي لحكومة الاحتلال فى تحديها للانسانية جمعاء وللقانون الدولى لانها تضمن الحماية من أية عقوبات او اجراءات ضدها
ان السؤال الاهم اليوم هو كيف يمكن للعالم وحتى للفلسطينيين الاقتناع ان هناك امل لاستمرار عملية التسوية بل حتى مجرد الحديث عن مفاوضات بين الاسرائيلين والفلسطينين فهذا القرار المضاف الى مجمل السياسات الاستيطانية فى الضفة الغربية والقدس واستكمال بناء جدار الفصل العنصرى تقضى تماما على ما يسمى حل الدولتين وبالتالي تقضي على مسيرة التسوية بشكلها المعروف وتأسس لصراع سيتحول بسرعة الى صراع عرقي وربما صراع ديني بالمنطقة والعالم ويدخلنا الى جحيم من الحروب والعنف لن يستطيع احد السيطرة على هذا المارد ان خرج من القمقم
ان العالم الان امام الحقيقة المجردة لدولة عنصرية فاشية مارقة على القانون الدولى وقيم الأمن والسلم الدوليين فإما ان يقف متحدا للجمها وأما فالجميع سيدفع الثمن
دكتور وجيه ابو ظريفة
المحلل السياسي لشبكة السياسات الفلسطينية