معاريف: لا معنى لاستخلاص العبر من الحرب السابقة فالحرب القادمة لن تكون مثل سابقاتها

الخميس 02 فبراير 2017 10:21 ص / بتوقيت القدس +2GMT
معاريف: لا معنى لاستخلاص العبر من الحرب السابقة فالحرب القادمة لن تكون مثل سابقاتها



القدس المحتلة / سما /

بقلم: البروفيسور تشيلو روزنبرغ – معاريف

في هذه الأيام ثمة من ينتظر نشر تقرير مراقب الدولة عن حملة “الجرف الصامد”. هذه دراما مصطنعة اخرى، ليس لها اي غاية حقيقية غير الانشغال السياسي التافه بها. فتقرير مراقب الدولة لن يهز أركان المجتمع. فالمقتنعون بان الحكومة أدارت الحملة باهمال، بشكل غير مرتب وغير مهني، سيحتفظون برأيهم. واولئك الذين يعتقدون بان كل شيء أدير حسب الكتاب، هم ايضا سيبقون متمسكين برأيهم. باختصار، لن تنشأ اي منفعة حقيقية من تقرير المراقب.

عناوين رئيس كبيرة في الصحف، اخبار في قنوات التلفزيون والراديو، وبعد يوم – يومين – هذا التقرير ايضا سيغيب في طي النسيان، فليس للمجتمع في إسرائيل الوقت الكافي للتعمق في هذا الموضوع الهامشي جدا. من الافضل الانشغال بقضايا مختلفة ومتنوعة. فرئيس الوزراء منشغل حتى اعلى الرأس بحملة تطهيره من الشبهات ضده، وبالتالي لا وقت شاغر لديه للانشغال بحملة الجرف الصامد. لا معنى لاستخلاص الدروس، فالحرب القادمة لن تكون مثل سابقاتها. لا معنى لتوجيه اصبع اتهام لنتنياهو ووزراء الكابنت إذ هم لا يخطئون ابدا. فالعكس هو الصحيح: كانوا محقين، ولهذا مات جنود، ولهذا استمرت العملية 51 يوما، ولهذا لم تهزم حماس، ولهذا بقيت الانفاق في معظمها، على حالها.

أمام كاميرات التلفزيون او في حسابات الفيس بوك والتويتر يمكن قول كل شيء، فعلى اي حال ليس للجمهور أي امكانية للتأكد من صحة الاقوال. وعندما ينشر مراقب الدولة تقاريره، يكون هذا بات متأخرا. ويكون السياسيون قد تمكنوا من تمزيق شعره، اهانته، نزع الشرعية عنه، اتهامه بدوافه سياسية. ليس لاقواله في التقرير اي معنى في نظر معظم الجمهور. فقط العائلات الثكلى، فقط الجرحى الذين يجرون آلامهم منذئذ وحتى اليوم، فقط هم سيبقون مع ذكرياتهم القاسية. اما السياسيون المسؤولون عن النتائج فلن يدفعوا الثمن.

حقيقة هي أن في حملات الانتخابات الاخيرة نجح نتنياهو في اقناع المقتنعين بانه هو والكابنت خاصته أدوا مهامهم جيدا، وانه هو فقط قادر على القتال ضد حماس. وحتى لو أشار مراقب الدولة في تقريره الى أن “الجرف الصامد” كانت فشلا ذريعا، وان رئيس الوزراء أدار جلسات الكابنت في اثناء الحرب بشكل أخرق للغاية، فانه لن تكون لذلك اي نتيجة حقيقية. لقد أدارت حكومة إسرائيل حملة “الجرف الصامد”، مثلما فعلت هذا معظم حكومات إسرائيل على مدى سنوات الدولة. فالاجراءات العسكرية التكتيكية ليست بمسؤولية الحكومة. الحكومة ملزمة بان تضع توجيها للجيش، وعلى الجيش أن يسعى لتحقيقه. وبدلا من ذلك، يبدو أن حكومة إسرائيل في الجرف الصامد كانت منشغلة بصورتها اكثر بكثير مما يحصل في الميدان. فهي لم تنشغل بالاستراتيجية وبمسألة ما تريد تحقيقه في نهاية حملة عسكرية طويلة. فرفض رئيس الوزراء، تردده، الضغوط من جانب البيت اليهودي في الحكومة والتي لم يصمد أمامها – كل هذه معا لم تؤدي الى النتائج المرغوب فيها من “الجرف الصامد”.

والثمن كان أليما جدا. فهل تعلم نتنياهو وحكومته الجديدة شيئا ما مما حصل في الجرف الصامد؟ لا وكلا. والاسوأ من ذلك، فان المواقف تطرفت أكثر فأكثر. التبجحات، الوقاحات والغرورات لزعماء إسرائيل لن تساعد في اصلاح الوضع. وعمليا الجيش الاسرائيلي هو الذي يرسم الطريق، والجيش الإسرائيلي هو عمليا من يرسم الطريق، ولهذا كانت وستكون نتائج قاسية. وبدلا من الانشغال بالجوهر، ينشغل نتنياهو وبينيت في موضوع الانفاق، والمناكفة مهينة وأليمة. وعن حق تسأل العائلات الثكلى اذا كان الثمن الرهيب الذي دفعوه مجديا في ضوء العجبة السياسية التي نقف امامها.