رئيس مجلس الأمن القوميّ الإسرائيليّ: إيران القوّة العظمى الوحيدة بالشرق الأوسط

الإثنين 09 يناير 2017 11:30 م / بتوقيت القدس +2GMT
رئيس مجلس الأمن القوميّ الإسرائيليّ: إيران القوّة العظمى الوحيدة بالشرق الأوسط



تل ابيب \سما\

ما زالت مفاعيل خطاب وزير الخارجيّة الأمريكيّ الأخير، جون كيري، يُلقي بظلاله السلبيّة على صنّاع القرار في تل أبيب، ويُشكّل مادّةً دسمةً لمراكز الأبحاث الإسرائيليّة، التي تُحاول سبر غوره، والتنبؤ بتداعياته وتبعاته على مُستقبل الدولة العبريّة.
في هذا السياق، لم يكُن مفاجئًا بالمرّة أنْ يقوم رئيس مجلس الأمن القوميّ الإسرائيليّ السابق، الجنرال في الاحتياط، يعقوف عميدرور بشنّ هجومٍ كاسحٍ ضدّ كيري، تجاوز حدود اللباقة السياسيّة المعروفة.
عميدرور، وفي دراسةٍ جديدةٍ، نشرها على موقع مركز بيغن- السادات للأبحاث الإستراتيجيّة، رأى أنّ كيري تجاهل في خطابه المذكور حصول إيران على أكبر موطئ قدم في المنطقة، وذلك بفضل الاتفاق النوويّ عام 2015 وتحالف طهران مع موسكو، مُشدّدًا على أنّ الجمهوريّة الإسلاميّة باتت الآن القوّة العظمى الوحيدة في المنطقة، على حدّ تعبيره. وأشار إلى أنّه باستثناء الحملة الجويّة ضدّ “داعش”، فقد أصبحت الولايات المتحدّة أقّل أهمية عندما يتعلّق الأمر بالحروب التي شُنّت في الشرق الأوسط.
ولفت الجنرال عميدرور إلى أنّ كيري ركزّ في خطابه الأخير على موضوعٍ واحدٍ فقط: الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، وعلى وجه التحديد المستوطنات، مُوضحًا أنّ وزير الخارجيّة الأمريكيّ أكّد على عدم قدرته تقييم المنطقة بشكل صحيح ووضع القضية الفلسطينية في إطارها الصحيح.
بالإضافة إلى ذلك، قال الجنرال إنّ كثيرين حول العالم بالكاد يُميّزون بين المستوطنات وإسرائيل، وبالتالي فإنّ محاربة إسرائيل تعكس الكراهية المتنامية لليهود. ونتيجة لذلك، لا بدّ من التشديد، أضاف، على أنّ خطاب كيري هو خدمة لأعداء إسرائيل ويُمكن أنْ يسهم في تعزيز معاداة السامية، بحسب توصيفه.
وبرأيه، يعتقد كيري دائمًا أنّ المفتاح لمستقبلٍ أفضلٍ في الشرق الأوسط يكمن في السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، ولكن المؤيّدين لهذه الفكرة تقّلصوا إلى حدٍّ كبيرٍ على ضوء الاضطرابات الإقليمية الأخيرة، وخطاب كيري الأسبوع الماضي الذي ينتقد المشروع الاستيطانيّ، يوحي بأنّه لا يزال واحدًا منهم، قال عميدرور.
ولفت الباحث الإسرائيليّ إلى أنّ كيري قال في خطابه الأخير إنّه لا يعرف دولةً عربيّةً مستقرةً تمامًا، حتى إذا لم تتعرّض للاضطرابات، لأنّه يعلم، أيْ كيري، بأنّ الجماعات الإسلاميّة المتطرفة تزدهر في المنطقة، وتهدد نسيج الحياة في الدول السُنيّة المعتدلة من الداخل، وأيضًا لأنّه يعلم بأنّ منطقة الشرق الأوسط، باتت منطقة دماء تسيل فقط، على حدّ قوله.
ووفقًا لرئيس مجلس الأمن القوميّ السابق فإنّ كيري، في خطابه الأخير حول تحديد السياسات في الشرق الأوسط، اختار التركيز فقط على الصراع الإسرائيليّ الفلسطينيّ، وهذه هي علامة واضحة على عدم قدرته على قياس مكان القضية في المعادلة الإقليميّة.
وشدّدّ عميدرور على أنّ جريمة كيري لا تكمن مع ما قاله، ولكن فيما  لم يقله، مشيرًا إلى أنّ الانشغال المفرط بالمستوطنات يمكن أنْ يكون مبرّرًا لو تمّ وضعه في السياق الصحيح، ولكنّه لم يُوضح بالمرّة كيف ساهم سلوك الفلسطينيين في شلّ المفاوضات وفقدان الثقة في عملية السلام ككلٍّ.
كما رأى أنّ الوزير الأمريكيّ فشل في إدانة التحريض الفلسطينيّ بقوة، كما ندد ببناء المستوطنات الإسرائيليّة، رغم يقينه بأنّ عباس يستطيع بسهولةٍ وضع حدٍّ للتحريض الفلسطيني، وهي الخطوة التي من شأنها أنْ تقلل من عدد من الهجمات الـ”إرهابيّة” ضدّ الدولة العبريّة، قال عميدرور.
وباعتقاده، فإنّ سماع خطاب كيري الأخير يُمكن للعالم أنْ يستنتج أنّ ما تشعر فيه الولايات المتحدّة، هو مشكلة واحدة فقط: المشروع الاستيطانيّ، الذي تسبب حصرًا إفشال الجهود المبذولة لتجديد محادثات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
كما فشل كيري، بحسب الجنرال عميدرور عندما تجاهل أنّ رئيس السلطة الفلسطينيّة عبّاس،  عقب لقائه مع الرئيس الأمريكيّ باراك أوباما في العام 2014، رفض الإطار الأمريكيّ المقترح لتجديد محادثات السلام، وهو المقترح الذي وافق عليه رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو.
وحتى لو كلّ شيء في خطاب كيري كان صحيحًا، فإنّ الحقيقة لا تزال مجرد تمثيل جزئي للواقع، ذلك، كما نعلم جميعا، أنصاف الحقائق هي أسوأ بكثير من الأكاذيب كلها. هذا هو السبب في أنّ بريطانيا وأستراليا، وهما من الدول التي تعارض الاستيطان الإسرائيليّ في يهودا والسامرة، التسمية الإسرائيليّة للضفّة الغربيّة، خرجتا ضدّ الخطاب، وأكّدتا على أنّ  المستوطنات بعيدة كل البعد عن أنْ تكون المشكلة الوحيدة التي تعيق عملية السلام. يبدو، أضاف عميدرور أنّهما فهمت أّن أيّ شخص يقوم بتقديم أنصاف الحقائق، يُلحق الأذى، حتى لو كان الحقائق التي طرحها صحيحةً.
وشدّدّ على أنّ إسرائيل تشنّ معركةً ضد حملة نزع الشرعية المنظمة جيدًا، وخطاب كيري يجعل  المعركة أكثر صعوبةً، لأنّ منتقدي سيدّعون بأنّ تصرفات إسرائيل هي وحدها المسؤولة عن تعثر المفاوضات، وبكلماتٍ أخرى، فإنّ كيري يخدم أولئك الذين يكرهون إسرائيل وقد يُعزز بشكلٍ غير مباشرٍ معاداة السامية في جميع أنحاء العالم.
وخلُص إلى القول إنّ قرار مجلس الأمن الدوليّ الذي أدان الاستيطان الإسرائيليّ، وامتنعت واشنطن عن استخدام حقّ النقض (الفيتو) وخطاب كيري الأخير، كانا بمثابة هزيمةٍ ذاتيّةٍ  لأوباما ووزير خارجيته، قال عميدرور.