الحق في السكن والتزامات الدولة بضمانات الحماية.. بهجت الحلو

السبت 12 نوفمبر 2016 10:37 م / بتوقيت القدس +2GMT
الحق في السكن والتزامات الدولة بضمانات الحماية.. بهجت الحلو



إن السكن أكبر من أن يكون أربعة جدران وسقف ونوافذ وشرفات، أنه المكان الذي تتواصل فيه الأسرة، وتنمو فيه العلاقات، وتُتقاسم فيه الوجبات، وتتوالد فيه الذكريات، وهو مركز حياتنا الاجتماعية والعاطفية.


يعتبر الحق في السكن احد العناصر الأساسية المكونة للحق في مستوى معيشي لائق، ويحظى بمكانة مركزية في القانون الدولي لحقوق الإنسان نظراً لارتباطه بحقوق الإنسان الأخرى وخصوصا الحق في الصحة، والتعليم، والضمان الاجتماعي والحق في الخصوصية، وارتباطه الوثيق بحقوق فئات محدده كالأطفال والنساء والأشخاص من ذوي الإعاقة والمشردون داخلياً. وعلية فإن هذا الحق يرتبط بجملة من الالتزامات التي يتوجب على الدولة الوفاء بها لحماية الحق في السكن، والتي تكون خاضعة للرصد والمساءلة.


تهدف هذه الورقة للتعريف بالضمانات القانونية للحق في السكن، والتي يسهم التوعية بها في مناصرة الحق في السكن في قطاع غزة وجهود أعاده الإعمار، وذلك في سياق استمرار انتهاكات هذا الحق الناجمة عن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة خلال العام 2014


 تتضمن هذه الورقة واقع الحق في السكن وإعادة اعمار قطاع غزة والانتهاكات التي طالت هذا الحق ولا زالت آثارها مستمرة، وكذلك الضمانات القانونية للحق في السكن وفق المعايير الدولية لحقوق الإنسان، والتزامات إعمال هذا الحق، ومكانة الحق في السكن في إطار منظومة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومفاهيم الإعمال التدريجي والتراكمي وفي المقابل طبيعة الالتزامات الأخرى الفورية. وتتضمن كذلك الالتزامات الواقعة على دولة فلسطين بموجب انضمامها للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفي صلبها الحق في السكن، ودور المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تعزيز الحق في السكن وحمايته.
قطاع غزة وواقع الحق في السكن


يمتد قطاع غزة على مساحة 360 كم2، بطول 41 كم، وعرض يتراوح بين 12.6 كم، وقد بلغ عدد سكانه 2 مليون فلسطيني مطلع أكتوبر 2016، ويعتبر قطاع غزة أكثر الأماكن كثافة سكانية في العالم ، حيث يبلغ معدل الكثافة السكانية 4.661 فرد/كم2، واغلب سكان القطاع هم من لاجئي العام 1948. 
ويعتبر المجتمع الفلسطيني مجتمعاً فتياً، حيث يشكل صغار السن دون 15 سنه نسبة 17% ونسبة الأفراد دون 14 عام 44%، بينما تبلغ نسبة الأفراد الذين تبلغ أعمارهم 65 سنه فاكثر2 % من السكان .


ويبلغ عدد الخصوبة الكلية في قطاع غزة 5.2 مولود، ومعدل النمو السنوي 3.44%


يعاني السكان في قطاع غزة ومنذ العام 2006 من انقطاع متكرر للتيار الكهربائي يصل من 8-12 ساعة يومياً، ويصل مستوى تلوث المياه إلى 95% في ظل شحها وسحبها من خزانها الجوفي، وتعتمد 25% من المساكن على الحفر الامتصاصية والقنوات المفتوحة للصرف الصحي، ما يؤدي لتلوث المياه الجوفية، وكذلك مياه البحر، ما يشكل خطراً على الحق في الصحة والحق في بيئة نظيفة، كما يعاني القطاع عجزاً في السكن قبل مراحل العدوان، وقد تفاقم هذا العجز بعد العدوان بنسب يصعب حصرها.


تقدر عدد الوحدات السكنية في القطاع ( قبل العدوان الإسرائيلي  خلال صيف العام 2014)  261 ألف وحدة سكنية، ونسبة ملكية المسكن لأحد  أفراد الأسرة 83%، فيما 7 %  تعيش في مساكن مستأجره، متوسط كثافة السكن بلغت 1.6 فرد في الغرفة الواحدة، بينما يعيش 10% من السكان في مساكن ذات كثافة عالية بواقع 3 أفراد أو أكثر في الغرفة الواحدة.  ويعيش60% من الأسر في شقق، 37% في بيوت،  و2.3 % في مسكن فيللا ، و1% في (براكة) أو خيمة.
انتهاكات الحق في السكن الناجمة عن عدوان 2014


نجم عن العدوان الحربي الإسرائيلي على قطاع غزة ما بين 17/7 وحتى 26/8/2014  تدمير (31974) منزلاً وبناية سكنية متعددة الطبقات، من بينها (8377) بناية تم تدميرها بشكل كلي،  ومن بين المدمرة كلياً (1717) بناية سكنية، وبلغ عدد المهجرين قسرياً جراء هدم منازلهم بشكل كلى (60612) مدنياً من بينهم (30853) طفل، و(16522) سيدة. ولم تشمل عمليات الرصد والتوثيق المنشآت والمساكن التي تعرضت لأضرار طفيفة وهي تعد بالآلاف. حيث أجبرت قوات الاحتلال 520.000 من سكان القطاع أغلبيتهم من النساء والأطفال على الهرب من منازلهم دون توفير سبل خروج آمنة من مناطقهم، ودون توافر مراكز إيواء آمنة تتوفر فيها الحدود الدنيا لحفظ الكرامة الإنسانية.


وبحسب التقرير الصادر عن الأمم المتحدة في ابريل 2016 فإن 75000 من المشردين في قطاع غزة ما زالوا يعيشون بلا مأوى تتوافر فيه مقومات حقوق الإنسان الدنيا، أو في داخل كرافانات مؤقتة، ينتظرون إعادة بناء وأعمار بيوتهم، وذلك على الرغم من مرور أكثر من عامين على المؤتمر الدولي لإعادة اعمار قطاع غزة، وعجز الآلية الدولية لإعادة اعمار قطاع غزة .( GRM)
تعريف السكن 


طرأ تطور على التعريف الدارج للحق في السكن بصفته " قدر مناسب من الخصوصية، ومساحة كافية، وثمن مناسب، وإضاءة وتهوية مناسبتان، وبنية تحتية أساسية كافية، وموقع مناسب فيما يتعلق بالعمل والمرافق الأساسية وكل ذلك بتكلفة معقولة"، لتشمل مظلة التعريف الابعاد التي تتعلق بالأمن، والحماية، والخصوصية الثقافية.
الإطار القانوني للحق في السكن


يحظى الحق في السكن بمكانة خاصة في منظومة حقوق الإنسان حيث نصت المادة 25  من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان  على أنه:  " لكل فرد الحق في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهة له ولأسرته، وخاصة على صعيد الأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية."


 ونصت المادة 11 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية " تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل شخص في مستوى معيشي كاف له ولأسرته، يوفر ما يفي بحاجتهم من الغذاء والكساء والمأوى، وبحقه في تحسين متواصل لظروفه المعيشية. وتتعهد الدول الأطراف باتخاذ التدابير اللازمة لإنفاذ هذا الحق، معترفة في هذا الصدد بالأهمية الأساسية للتعاون الدولي القائم على الارتضاء الحر.


وركزت اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في تعليقها العام رقم7  على الحماية القانونية من إخلاء السكن بالإكراه، ومن المضايقة وغير ذلك من التهديدات، مؤكدة أن حالات إخلاء السكن بالإكراه تتعارض مع الالتزامات الناشئة بموجب العهد الدولي بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. 

ويتمتع بهذا الحق الرجال والنساء والأطفال والأشخاص من ذوي الإعاقة دون تمييز على أساس الجنس أو اللون أو الدين أو اللغة أو العرق أو أي اعتبار آخر ينطوي على تمييز، حيث تضمنت المادة 14 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ما يلي: " للمرأة التمتع بظروف معيشية ملائمة، ولاسيما فيما يتعلق بالإسكان والمرافق الصحية والإمداد بالكهرباء والماء، والنقل، والمواصلات.


ونصت المادة 27 من اتفاقية حقوق الطفل على ما يلي: " تتخذ الدول الأطراف، وفقا لظروفها الوطنية وفى حدود إمكانياتها، التدابير الملائمة من أجل مساعدة الوالدين وغيرهما من الأشخاص المسئولين عن الطفل، علي إعمال هذا الحق وتقدم عند الضرورة المساعدة المادية وبرامج الدعم، ولاسيما فيما يتعلق بالتغذية والكساء والإسكان." 


ونصت المادة 8 من إعلان الحق في التنمية على اتخاذ التدابير اللازمة لضمان تكافؤ الفرص  للجميع في إمكانية وصولهم إلى الموارد الأساسية والتعليم، وبضمنها السكن.


وتضمنت المادة 43 من الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم على حقهم في فرص الحصول على المسكن بما في ذلك مشاريع الإسكان الاجتماعي والحماية من الاستغلال فيما يتعلق بالإيجار.


واكدت المادة 5( ه3) من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لعام 1965 على ضرورة وفاء الدولة بالتزام الحق في السكن. ودعت التوصية العامة رقم 30 من تقرير لجنة القضاء على التمييز العنصري الدول الأطراف إلى ضمان المساواة بين المواطنين وغير المواطنين في التمتع بحق السكن اللائق ولاسيما تفادي التفريق العنصري في المسكن، وضمان امتناع وكالات الإسكان من الممارسات التي تنطوي على تمييز. 


وتنص المبادئ التوجيهية بشأن التشرد الداخلي على أن لكافة المشردين داخلياً الحق في مستوى معيشي لائق، وان على السلطات المختصة أن توفر وتكفل لهم ذلك دون تمييز، والوصول الآمن إلى المأوى الأساسي والمسكن. واشتملت مبادئ بنهيرو على حق اللاجئين والمشردين استرداد مساكنهم وممتلكاتهم في سياق عودتهم إلى ديارهم، واعتبار هذا الاسترداد حق من حقوق الإنسان. 


يعتبر إعلان فانكوفر للمستوطنات البشرية لعام 1976 الوثيقة الأكثر تفضيلاً فيما يتعلق بالطبيعة القانونية الخاصة بهذا الحق حيث حددت الفقرة الثانية من الجزء الثالث أن السكن والخدمات المناسبة حق أساسي للإنسان يفرض على الحكومة واجب بلوغ جميع الناس له. ونص الفصل الثاني من الإعلان على انه يجب أن لا يتم استخدام الإيديولوجيات لحرمان الأسر من بيوتهم وأراضيهم واو لترسيخ الامتيازات والاستغلال.


ودعت اتفاقية منظمة العمل الدولية الحكومات إلى ضمان عدم التمييز ضد العمال فيما يتعلق بحقهم في السكن.
ويعتبر برنامج الموئل بالأمم المتحدة ( برنامج الأمم المتحدة المتعلق بالمستوطنات البشرية) برنامجاً فاعلاً يهدف إلى تعزيز المأوى المناسب للجميع وتوفير الأرض والسكن لصالح الفقراء، وتحقيق أمن الحيازة،، وإنشاء آلية رصد فاعلة لقياس التقدم المحرز في مجال إعمال الحق في  السكن والأرض والملكية
ويحظى الدور الذي يقوم به المقرر الخاص للحق في السكن في تعزيز الإعمال الكامل لهذا الحق بصفته مكون أساسي للحق في مستوى معيشي لائق ، وتحديد أفضل الممارسات وتحديد التحديات والعقبات القائمة أمام الإعمال الكامل للحق، والتركيز على الحلول العملية للنهوض به، وتيسير توفير المساعدة الإنسانية. 


واشتملت قواعد القانون الدولي الإنساني على حماية للحق في السكن، والمنازل بصفتها أعياناً مدنية، خاصة المادة 33 من  اتفاقية جنيف الرابعة لحماية المدنيين وقت الحرب للعام 1949 التي حظرت على قوات الاحتلال الحربي القيام بمعاقبة الأشخاص على جرائم لم يرتكبوها ومن تدمير مساكن المدنيين الذين لم يشاركوا في الإعمال العدائية. 

ويعتبر المساس بالحق في السكن جريمة بموجب ميثاق روما للعام 1998 الناظم لعمل المحكمة الجنائية الدولية، حيث اعتبر تدمير المنازل والمساكن متى تمت في سياق عملية نزاع مسلح دولي، وفي إطار هجوم واسع النطاق، وبعلم وإرادة القادة والمسئولين بمثابة جريمة حرب توجب المساءلة والمحاسبة.
وعلى الصعيد الإقليمي، فإن الحق في السكن اللائق معترف به في الاتفاقية الأوروبية لحقوق العمال والمهاجرين (1977)، والميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب (1981)، والاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان (1969).

وعلى الصعيد الوطني، تضمنت المادة 23 من القانون الأساسي الفلسطيني على ما يلي:      " المسكن الملائم حق لكل مواطن، وتسعى السلطة الوطنية الفلسطينية لتامين المسكن لمن لا مأوى له". كما نص في المادة 17 على أن للمساكن حرمة، فلا تجوز مراقبتها أو دخولها أو تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب ووفقاً لأحكام القانوني.

ضمانات الحق في السكن

يشتمل الحق في السكن على أربع ضمانات أساسية أولها ضمانة الاحترام والتي تعني حق كافة الأشخاص للمشاركة في تنفيذ وتقييم السياسات وخطط الإسكان، وحق جميع الأشخاص بالتمتع بالحق في السكن الملائم، وتكوين جمعيات الإسكان، والحماية القانونية من إخلاء المنزل بالإكراه، والحق في الخصوصية ومن التفتيش التعسفي للمنزل، وعدم التعرض للتميز في توزيع السكن، واحترام الخصوصية الثقافية للبناء التقليدي، وحماية السكن ذو البعد التاريخي، والتوقف عن الإجراءات القسرية التي تنتهك الحق في السكن.

ثانياً، ضمانة الحماية والتي تعني عدم قيام الدولة بانتهاك معايير الحق في السكن، وتوافر اليه قضائية للنظر في ادعاءات انتهاك الحق في السكن، وشمولية مبدأ حماية المستأجر في قطاعات الإسكان، وحماية حق النساء والأطفال والأشخاص من ذوي الإعاقة من التمييز إزاء الحق في السكن، وتوفير السكن لأصحاب الدخل المحدود، وحماية الساكنين وأمنهم من خلال معايير صلاحية السكن وملائمته، والحماية من تقلبات البيئة كالبرد والحر والمطر، ومن المخاطر الصحية وانتقال المرض.

ثالثاً، ضمانة التعزيز والتي تشتمل على مراجعة التشريعات ذات المضامين السلبية على الحق في السكن، وتوافر سياسات إسكانية سريعة، ولكافة القطاعات، ووضع أسس لمراقبة احتياجات السكن المجتمعية، ووضع المؤشرات قابلة للقياس، وتطوير وتطبيق إستراتيجية وطنية لتعزيز الحق في السكن، وتبني إستراتجية خاصة للفئات المحرومة خاصة المسنين، ولذوي الأمراض المزمنة، ولذوي الإعاقة وضحايا الاجتياحات، والكوارث، والعدوان المتكرر ، وأمر آخر في غاية الأهمية وهو ضمان

الوصول الكامل لجميع المصادر والمعلومات.
رابعاً، ضمانة التنفيذ، وذلك من خلال تخصيص جزء ملائم من الميزانية العامة للإسكان وتقديم المعونات الإسكانية للمستأجرين، وإجراءات تمويل فعالة لذوي الدخل المنخفض، والتزام الدولة بتقديم الخدمات العامة من البنية التحتية والمياه والكهرباء والصرف صحي والتدفئة والتهوية والطرق ومراكز الرعاية الصحية وخدمات طوارئ وتعزيز استخدام المواد الطبيعية والأصلية في بناء المساكن، وقيام الدول المتقدمة صناعياً بتقدم مساعدات تنموية للدول النامية لتمكينها من الوفاء بالتزاماتها.

عناصر الحق في السكن
ويشتمل الحق في السكن على عدة عناصر أساسية مكونة له وهي الأمن القانوني للحيازة وإتاحة الخدمات والموارد والبنية التحتية، والقدرة على تحمل التكلفة، والصلاحية للسكن، وسهولة الوصول اليه، وملائمته من حيث  الموقع، ومن حيث مناسبته ثقافياً. ولقد قامت اللجنة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بإصدار التعليق العام رقم 4  المتعلق بالحق في السكن الملائم وحددت سبعة عناصر أساسية تشكل بمجموعها الضمانات الأساسية التي يوفرها القانون الدولي لتمتع الأفراد بالحق في السكن الملائم وهي: الضمان القانوني للاستمرار في شغل المسكن، وتوفر الخدمات والمواد والمرافق والهياكل الأساسية، والقدرة على تحمل التكاليف، والصلاحية للسكن، وإتاحة إمكانية الحصول على السكن في موقع مناسب، والسكن الملائم من الناحية الثقافية.

الحق في السكن والفئات الخاصة: الأطفال والنساء والأشخاص من ذوي الإعاقة
يعتبر الأطفال والنساء والأشخاص من ذوي الإعاقة على وجه الخصوص ( وفئة رابعة أخرى ظهرت بسبب ظروف الحرب وهم النازحون والمشردون داخلياً)  جميعا فئات تواجه عناءً خاصاً وتمييزاً مريراً بسبب السن أو الوصمة، أو بسبب آخر ناجم عن تشوه وتوشوش يصيب خارطة الأولويات، ما يوجب بذل اهتمام خاص بحقوق هؤلاء الأفراد وحمايتهم من المخاطر التي تتهدد حقهم في السكن.


الأطفال والسكن
تتأثر صحة الأطفال، ونفسيتهم، وتطورهم، ونمائهم تأثراً مباشراً بنوعية السكن الذي يعيشون فيه، وقد يشرف مستقبلهم على الانهيار إذا ما تعرضوا لعمليات الإخلاء القسري، النزوح، أو التشرد القسري. ولقد شددت اتفاقية حقوق الطفل على انه لا يجوز أن يجري تعرض تعسفي وغير قانوني للطفل في حياته الخاصة أو أسرته أو منزله أو مراسلاته. وشددت الاتفاقية على أن تتخذ الدول الأطراف وفقاً لظروفها الوطنية التدابير الملائمة من اجل مساعدة الوالدين وتقديم المساعدة المادية، وبرامج الدعم، ولاسيما فيما يتعلق بالتغذية والكساء والإسكان.      

 كما أكدت لجنة حقوق الطفل على الطابع العالمي للحق في السكن اللائق، مشددةً على انه ينطبق على كل طفل دون تمييز، وعلى ضرورة القضاء على ظاهرة أطفال الشوارع، والعمل على إيجاد حلول لموضوع المساكن الضيقة التي تتسم ( بالتشنج) أو الازدحام والضجيج التي تشكل خطراً على نماء الأطفال وصحتهم، وقدرتهم على التعلم واللعب، وحماية الأطفال من الوفيات الناجمة عن المساكن التي تفتقد إلى التهوية ورداءه الخدمات الأساسية فيها كالمياه والصرف الصحي وما ينجم عنها من ملوثات تفضي إلى وفاة الأطفال.

ويعد موقع المسكن المناسب حقاً من حقوق الأطفال وذلك من حيث وصولهم إلى مدارسهم، ومراكز الرعاية الصحية، وتمكينهم من الوصول المادي والاقتصادي، ورفع الكلفة والعنت عنهم، وحمايتهم من الإخلاء القسري والتشرد. ويتسبب فقدان الطفل لعنوان مسكن ثابت ومعروف، في إصابة الأطفال باضطرابات نفسية وسلوكية كالعدوان والانطواء والقلق والأرق، وتعرضهم للعنف من الآخرين بسبب هشاشة أوضاعهم. ويشبه خبراء حقوق الانسان أثر الإخلاء القسري من المسكن على الأطفال بأثر النزاعات المسلحة عليهم. 

ويعاني الأطفال في قطاع غزة، وخصوصاً في المناطق الحدودية، من أثار وخيمة من غياب تمتعهم في الحق في السكن وإعادة الإعمار والتي مست بشكل مباشر بحقوقهم الأخرى وخصوصاً حقهم في التعليم، نتيجة الصعوبات في الوصول إلى مدارسهم البعيدة عن أماكن سكناهم الاضطرارية في الكرافانات التي تفتقر إلى معايير السلامة والأمان والمرافق الصحية الملائمة، والمياه الصالحة للشرب، عدا عن إصابتهم بأمراض فقر الدم، واضطرابات ما بعد الصدمة الناجمة عن كربات فقدان منازلهم أمام عيونهم، والصدمات النفسية التي سببها القصف المروع.


المرأة والسكن


حثت اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة الدول الأطراف على اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة والتمتع بظروف معيشية ملائمة ولاسيما فيما يتعلق بالإسكان والمرافق الصحية والنقل والمواصلات، حيث تعاني النساء بشكل واسع من التمييز بحقهن لأسباب متعددة منها ضعف التشريعات، وطغيان الثقافة الذكوريه، والوصمة Stigma، وضعف آليات وصول النساء للعدالة، أو الجهل بالحقوق وباليات الحماية والعدالة. كما تواجه المرأة تمييزاً في الحق في الحيازة، أو في الأمن على ما تحوزه، أوفي قيام أقاربها بوضع يدهم على مسكنها، وانتهاكات مستمرة لحقها في الميراث الذي يؤثر بشكل مباشر على حقها في السكن. وتعاني النساء بشكل مضاعف عند حالات التشرد والنزوح والإخلاء القسري للمسكن، حيث انه يفترض بها كبت مشاعر قهرها أو إحساسها بالضعف لتستمر في رعاية أسرتها وضمان تماسكهم. إن حرمان المرأة من السكن اللائق يمس بكرامتها و(بالخصوصية الاستثنائية) التي تحتاجها النساء ويجب أن تتمتع بها. وعليه فقد راعت مواثيق حقوق الانسان هذه الاعتبارات ودعت إلى ضرورة حماية حق المرأة في السكن اللائق بصفته حاضناً دافئاً لبقية حقوقها.

وما زالت النساء في قطاع غزة  يتجرعن بشكل مضاعف ومستمر مرارة فقدان منازلهن. وتتعرض النساء لمعاناة على المستويين الجسدي والنفسي نتيجة التشرد مع أطفالهن، واضطرارهن لمتابعة المساعدات الخاصة بضحايا الحق في السكن، أو (المطاردة) خلف المؤسسات ذات العلاقة للحصول على بدل الإيجارات المستحقة، أو التردد على المؤسسات ذات العلاقة بصرف تعويضات لإعادة البناء، والكآبة التي تتسببها حبال الوعود الطويلة للدفعات المالية المتفر، وتناقض المعلومات بشأنها، عدا عن تعرضهن للعنف الاسري نتيجة الحالة العصبية التي يمر بها الأزواج، وضيق مساحة المأوى البديل مع العدد الكبير لأفراد الأسرة ، عدا عن حرمانهن من الخصوصية، وما يسببه ذلك من الإحساس المستمر بالمساس بالكرامة.

الأشخاص من ذوي الإعاقة والسكن

يعاني الأشخاص من ذوي الإعاقة من عقبات كبيره تحول دون تمتعهم بالحق في السكن الملائم  ومن أكثرها صعوبة قضية الوصول حيث أن المساكن في الغالب يتم تأسيسها  وتصميمها دون وضع احتياجات الأشخاص من ذوي الإعاقة في الحسبان، وفي الغالب لا يتم استشاره الأشخاص من ذوي الإعاقة عند الشروع في بناء المساكن، فتشتد معاناتهم في كل الأحوال، وتعتبر معاناة استخدام المرافق الصحية هي الأشد. كما يعاني هؤلاء الأشخاص من التهديد في أمن الحيازة، وصعوبات تتعلق بقدرتهم على التعاقد الرسمي على السكن، وبالتالي يكونون أكثر عرضة للأوضاع السكنية غير اللائقة. وقد ألزمت اتفاقية حقوق الأشخاص من ذوي الإعاقة قيام الدول بتعزيز وحماية وكفالة تمتع جميع الأشخاص من ذوي الإعاقة تمتعاً كاملاً على قدم المساواة مع جميع حقوق الانسان والحريات الأساسية بما فيها السكن اللائق، وبما يكفيهم من السكن واتخاذ كافة التدابير لصون وإعمال هذا الحق وتعزيزه دون تمييز على أساس الإعاقة، وضمان استفادتهم من برامج ومشاريع الإسكان.

الحق في السكن والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
يعتبر الحق في السكن في صلب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للعام 1966 والتي تتضمن الحق في التعليم والصحة والضمان الاجتماعي، والحماية من الفقر والبطالة وغوائل الشيخوخة، والحق في  مستوى معيشي لائق.

إن الحق في السكن كباقي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، يخضع لمبدأ الإعمال التراكمي التدريجي نظراً لكونه من الحقوق الايجابية المكلفة التي تفرض على الدولة التزامات ونفقات مالية طائلة تثقل ميزانيتها، ولكن لا يعفي  الواقع الاقتصادي المتردي أو الضعيف للدولة الطرف من العهد من ضرورة وفاء هذه الدولة بالتزامات الاحترام والحماية للحق في السكن، إذ أن العهد شجع الدول الأطراف على طلب المعونة الدولية، وحض على الاستغلال الأقصى والأفضل لموارد الدولة الوطنية اللوجيستية والبشرية والمالية بما يسمح بالتوزيع الرشيد لهذه الموارد، واللجوء، مثلاً، إلى تدابير تقشفية في حجم ونوعية الامتيازات التي تمنح لمواقع وظيفية في الدولة لصالح تراكم الموارد التي من شأنها أن تسهم بالنهوض بالحق في السكن.  وحث العهد الدول الأطراف كذلك على استعمال وتوظيف هذه الموارد بالشكل الأفضل رغم ندرتها.      

 إن التحقيق والإعمال التراكمي للحق لا يعني تراخي الدولة ترهل إرادتها، أو تصرفها كيفما تشاء، بل أن التطبيق التراكمي يجب أن يكون بشكل معقول، وخاضع للرقابة من خلال استخدام المؤشرات والمعايير لقياس التقدم أو التراجع وصولاً لاستخلاص العبر والقيام بإجراءات فاعلة أخرى. 
و في المقابل هناك جملة من الالتزامات ذات طبيعة إعمال فورية ومباشرة فيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وفي مقدمتها عدم التمييز، حيث ينبغي تمتع جميع المواطنين بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والاقتصادية رجالاً ونساء وأطفالاً، وأشخاصاً من ذوي الإعاقة، وبعيداً عن أي اعتبارات على أساس الجنس أو اللون أو الدين أو المناطقية ( مع إيلاء تمييز ايجابي للسكان الأكثر تضرراً ومثالة في الواقع الفلسطيني المناطق الحدودية في قطاع غزة، ومناطق ج في الضفة الغربية).


وثانياً اتخاذ خطوات فورية لإعمال هذه الحقوق من خلال سن التشريعات أو موائمتها لتنسجم مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وإعداد السياسات الواضحة القابلة للإعمال والتطبيق والتقييم، وكذلك إعداد الخطط والبرامج لضمان أوسع نطاق للتمتع بهذه الحقوق، وتحضير الموازنات الكافية وفق نهج قائم على حقوق الإنسان. وثالثاً تجنب أي إجراءات تراجعية، ومثاله، فرض رسوم إضافية أو جديدة على تراخيص البناء وإعادة الإعمار، حيث إن العهد الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية يحث على عدم قيام أي دولة طرف في العهد بأي خطوة تنطوي على تراجع للخلف، وتقوم اللجنة المعنية برصد تقارير الدول الطرف لضمان خلوها من أية خطوات تراجعية.

من الممكن استيعاب عدم قدرة الدولة على التقدم في بعض الظروف والأحوال، لكنه من غير الممكن تفهم تراجع الدولة الطرف خطوة إلى الخلف. ورابعاً ضمان الحد الأدنى من الالتزامات الرئيسية، حيث تلتزم الدولة الطرف في العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بضمان أن لا يبقى مواطن يفترش الأرض ويلتحف السماء، و العمل على توفير ( مأوى مناسب وملائم) يضمن حقه في الحياة والكرامة. وخامساً ضمان العمل على أن جميع الإلتزامات لا تخضع لتوفر الموارد أو التحقيق التراكمي ومثالة تمكين الحق في تشكيل الجمعيات والنقابات والائتلافات التي تحمي الحق في السكن وتراقب آليات إعادة الإعمار وتتابع أوضاع النازحين وسكان الكرافانات، فهذه جميعها حقوق والتزامات لا تخضع لقاعدة الإعمال التراكمي والتدريجي.

الحق في السكن والتزامات فلسطين بموجب الانضمام لمواثيق حقوق الانسان
بتاريخ 29/11/2012 أصبحت فلسطين دولة طرف في الأمم المتحدة، ونجم عن هذه الارتقاء والتطور في المركز القانوني تحول السلطة الوطنية الفلسطينية من كيان فلسطيني إلى دولة  فلسطين التي قامت بالانضمام إلى 40 اتفاقية دولية في مقدمتها العهود الأساسية للقانون الدولي لحقوق الانسان. 

لقد انضمت فلسطين للعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في العام2014        (التي تشتمل على حماية الحق في السكن) وهذا فرض عليها جملة من الالتزامات  والتبعات الناجمة عن هذا الانضمام وفي مقدمتها إعداد التقارير وتقديمها للجنة المعنية بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لمراقبة مدى امتثالها بالالتزامات التي يتضمنها العهد، والتدابير التي قامت بها لإنفاذ وإعمال هذه الالتزامات على المستوى الوطني ومن بينها الحق في السكن ( ويشكل تقرير الدولة الطرف State Party الذي تقدمة إلى اللجنة المعنية، أحد أدوات الرقابة الهامة حول مدى التزام الدولة الطرف)، والعمل على نشر الاتفاقية في الجريدة الرسمية، ومراجعة التشريعات النافذة وموائمتها مع الاتفاقية، وتبني سياسات وخطط وتدابير تنسجم معها، والامتناع عن التدخل في التمتع بهذه الحقوق ومنع الآخرين من التدخل بها، وتنفيذ الالتزامات بحسن نية، وتقديم بيانات إحصائية حول إعمال الحق ( وهنا تتجلى أهمية احترام الحق في الوصول إلى المعلومات التي تتعلق بالحق في السكن وما تم انجازه، والإمكانيات، والفرص والمخاطر، وتقديم الإجابات للنازحين وضحايا انتهاكات الحق في السكن).

ومن تبعات الانضمام أيضاً العمل على توفير آليات التظلم والانتصاف على الصعيد الوطني وتقديم الشكاوى لأصحاب الواجب، وتعزيز آليات حماية حقوق الانسان على الصعيد الوطني وفي مقدمتها تفعيل دور المجلس التشريعي، والقضاء، وإنشاء صناديق الشكاوى في المؤسسات الحكومية، وتفعيل آليات المساءلة والمحاسبة، وآليات تعويض ضحايا الانتهاك، وتمكين المؤسسة الوطنية لحقوق الانسان من الوصول للمعلومات ومقابلة الضحايا، ومن الرقابة والرصد والتوثيق، وكذلك التعاون من اجل تمكين أصحاب الواجب من الوفاء بالتزاماتهم. 
المؤسسة الوطنية لحقوق الانسان والحق في السكن

تنشأ المؤسسة الوطنية لحقوق الانسان بنص القانون، أو بموجب الدستور، أو بمرسوم رئاسي أو ملكي، وتنظم مبادئ باريس معايير عمل المؤسسات الوطنية لحقوق الانسان التي تقوم بتقديم تقارير بشأن تعزيز وحماية حقوق الانسان. تعمل المؤسسة الوطنية على مواءمة التشريعات والأنظمة والممارسات الوطنية مع الصكوك الدولية لحقوق الانسان، وتشجع على التصديق على الصكوك الدولية لحقوق الانسان، وتسهم في إعداد التقارير التي ينبغي على الدول أن تقدمها إلى هيئات ولجان الأمم المتحدة، وتسهم في إعداد البرامج المتعلقة بالتثقيف في مجال حقوق الانسان، وتشارك في تنفيذها.

وتقوم المؤسسة الوطنية لحقوق الانسان بتلقي شكاوى انتهاكات حقوق الانسان ( ومن بينها الانتهاكات التي تمس الحق في السكن) والتحقق منها، ومتابعتها مع الجهة المشتكى عليها، وتقوم كذلك بنشر الوعي ومناصرة الحق في السكن. 

على الصعيد الوطني في فلسطين، فقد أطلقت الهيئة المستقلة لحقوق الانسان( بصفتها المؤسسة الوطنية لحقوق الانسان في فلسطين) حملة مناصرة للحق في السكن وإعادة اعمار قطاع غزة خلال العام 2016 اشتملت على مراقبة السياسات الحكومية المتعلقة بالحق في السكن، والقرارات المتعلقة بالتصرف بالأراضي الحكومية، وإعداد المذكرات السياساتية المتعلقة بها، واستقبال شكاوى الحق في السكن،  ونظمت زيارات ميدانية لرصد وتوثيق حقوق الانسان الفلسطيني في المناطق الحدودية، وعقدت لقاءات مفتوحة بمشاركة ممثلي أصحاب الواجب في المؤسسات الحكومية الخدمية لاستعراض مدى تمتع مواطني المناطق الحدودية ( في الضفة الغربية مواطني منطقة ج) بحقوق الانسان الخدمية وفي مقدمتها الحق في السكن. 

كما قامت الهيئة بتنظيم مبادرات التدريب والتوعية ذات العلاقة بالحق في السكن، من خلال تدريب المجموعات القطاعية حول مهارات تنظيم فعاليات ضغط ومناصرة خاصة بالحق، وكذلك تخصيص عناوين جلسات تدريبية حول الحق في السكن في إطار الدورات التدريبية العامة التي تستهدف أصحاب الواجب في قطاع غزة. وتضمنت الحملة تنفيذ عشرات المحاضرات حول الحق بالسكن، استهدفت فئات مختلفة ومنها العاملين في قطاع الاعلام، مؤسسات المجتمع المدني، المجموعات القطاعية المطلبية، وكذلك المحامين ونشطاء حقوق الانسان وطلبة الجامعات بالشراكة مع العيادات القانونية في الجامعات المحلية. 

وأولت الحملة أهمية لدور وسائل الاعلام في تعزيز الوعي بالحق في السكن، وواقع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وسبل تعزيز إعادة الإعمار في قطاع غزة من خلال سبوتات التوعية، وعقد لقاءات إذاعية للحديث حول هذا الحق. وراعت الهيئة التوعية بالحق في السكن عبر إدماج معاييره في صنوف العمل الفني خدمةً لقضايا حقوق الانسان، حيث رعت الهيئة أنتاح مجموعة أفلام قصيرة، وصور فوتوغرافية، ولوحات فن تشكيلية تناولت موضوع  الحق في السكن، ومن خلال الاحتضان المادي والمعنوي للفنانين والموهوبين من الشباب من الجنسين في قطاع غزة، حيث يتم عرض هذه المخرجات الفنية كأنشطة تعزيزيه مصاحبة لمحاضرات ولقاءات تتناول الحق في السكن 

وتعكف الهيئة في منتصف نوفمبر من العام 2016 على تنظيم مؤتمر حول الحق في السكن، يتضمن تقديم أوراق عمل تتناول المحاور الأساسية للحق في السكن مع تركيز حول سبل احترام وإعمال الالتزامات التي تقع عاتق أصحاب الواجب للوفاء بهذه الالتزامات الحق في السكن وإعادة اعمار قطاع غزة.


لقد بات من الواجب تتضافر الجهود على الصعيد الدولي والإقليمي والوطني لتعزيز وحماية الحق في السكان في فلسطين، وإعادة اعمار قطاع غزة، وفق آلية جديدة تحقق الفاعلية والسرعة المطلوبة وتتجنب تعقيدات آلية GRM الحالية، والقيام بمساءلة ومحاسبة دولة الاحتلال عن انتهاكاتها بحق الأعيان المدنية الفلسطينية المشمولة بالحماية بموجب أحكام القانون الدولي الإنساني، وإلزامها بالتعويض عن المساكن التي قامت بتدميرها خلال عملية " الجرف الصامد في العام 2014"، ومطالبة أصحاب الواجب في دولة فلسطين لوضع قضية اعمار قطاع غزة، والوفاء بالتزامات حماية الحق في السكن بموجب الانضمام لاتفاقيات حقوق الانسان،  وتنظيم وتفعيل طلب المساعدة الدولية التي حث العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، الدولة الطرف القيام بها، وقيام أصحاب الواجب في دولة فلسطين بإعمال التزاماتهم الفورية المرتبطة بالحق في السكن عبر سن التشريعات الضامنة لتعزيزه وحمايته، وإعمال سياسات راشدة تمكن من التمتع بهذا الحق، وتوفير الموازنات والموارد المناسبة والكافية، ومنع كافة أشكال التمييز، واعتماد مؤشرات حقوق انسان واضحة تتعلق بالحق في السكن، وضمان عدم وضع العراقيل أمام التمتع بالحق أو القيام بإجراءات نكوصيه تراجعية، أو فرض رسوم جديدة تمس بالحق في السكن، وتشجيع مشاركة ضحايا انتهاكات الحق في السكن في رسم الخطط والسياسات، وتشجيع وتسهيل الحق في تشكيل الجمعيات والنقابات والتجمعات والقطاعات ذات العلاقة بتعزيز وحماية الحق في السكن والرقابة عليه.


إن المسكن اكبر من جدار، وسقف، وشرفة، وخزان مياه.. إنه مأوى تتوالد فيه الذكريات، وحاضنة الكرامة المتأصلة في الانسان، إن السكن الملائم هو حقوق الانسان.