محلل إسرائيلي يتوقع "آثارا هائلة" لـ"مسلسل" عباس دحلان

الإثنين 31 أكتوبر 2016 09:38 ص / بتوقيت القدس +2GMT
محلل إسرائيلي يتوقع "آثارا هائلة" لـ"مسلسل" عباس دحلان



القدس المحتلة -

أرجع محلل إسرائيلي بارز، لقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الأسبوع الماضي، مع قادة تركيا وقطر وحركة حماس، إلى "تخلي أصدقائه عنه"، في الوقت الذي شهدت فيه مصر والضفة الغربية المحتلة نشاطا ملحوظا لأتباع دحلان.
 
الطريق طويلة

ورأي المحلل الإسرائيلي، لشؤون الشرق الأوسط، آفي يسسخاروف، في مقال له على موقع "تايمز أوف إسرائيل"، أن هناك تحولا في الأحداث لم يكن لأحد أن يتوقعه، حين التقى الأربعاء الماضي، عباس؛ الذي كان قبل فترة قصيرة حليفا لمصر والسعودية في حربهما ضد الإخوان المسلمين، برئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، خالد مشعل، و"خليفته" إسماعيل هنية.
 
وجرى اللقاء في العاصمة القطرية الدوحة، وسبقه لقاء في تركيا بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ولقاء بالأمير القطري الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في الدوحة.
 
وتوقع يسسخاروف، أن يؤدي "اللقاء مع قادة (حماس)، الفرع الفلسطيني للإخوان المسلمين، ومع أردوغان والشيخ تميم؛ وهما أبرز الرعاة لحركة الإخوان المسلمين، الخصم الأكبر لعبد الفتاح السيسي، في وقت لاحق إلى مصالحة تاريخية حتى مع (حماس)، على الرغم من أن الطريق للوصول إلى ذلك لا يزال طويلا"، وفق تقديره.
 
ويسأل المحلل الإسرائيلي: "ما الذي دفع عباس إلى أذرع الإخوان المسلمين وربما حتى (حماس)، بعد أن وصف قبل أيام قلية فقط بـ(الخائن) من قبل أحد المسؤولين في الحركة في غزة؟".
 
وتابع: "الجواب بسيط: محمد دحلان، المسؤول السابق في حركة فتح؛ الذي يتحدى عباس منذ سنوات، نجح هذا الأسبوع في ما لم تنجح فيه حتى (حماس)؛ لقد نجح في حشد القاهرة إلى جانبه في حربه ضد عباس وإثبات مدى ضعف وتضعضع مكانة أبو مازن في العالم العربي".
 
ضربات موجعة

ولفت يسسخاروف، إلى أن دحلان لم يكتف بذلك، وقام بتنظيم سلسلة من المظاهرات في الضفة الغربية المحتلة، ضد السلطة وقائدها، بمشاركة المئات من ناشطي "فتح"، منوها إلى أن عباس "أدرك أنه تلقى ضربات موجعة في الأسابيع الأخيرة (إضافة لمشاركته في جنازة شمعون بيريس)، حيث تحاك المؤامرة ضده بين القاهرة وأبو ظبي (مكان إقامة دحلان) والسعودية؛ التي قلصت مساعداتها للسلطة".
 
وقال: "لذا قرر عباس تغيير اتجاهه؛ فتوجه إلى رعاة الإخوان المسلمين وربما سعى للمصالحة مع (حماس)، وخاصة أن القيادة السياسية للحركة في الخارج"، مرجعا توجه عباس لقادة "حماس" في الخارج لعدة أمور منها؛ أن "قادة المنظمة في غزة، كما يبدو، يتعاونون مع دحلان".
 
وأضاف المحلل: "هكذا تختلط أوراق التقسيم المعروفة للمعسكرات الكلاسيكية؛ التي نشأت في السنوات الأخيرة (من سنة معتدلين وإخوان مسلمين وشيعة وسنة جهاديين) أمام أعيننا من جديد؛ الشرق الأوسط الجديد أصبح منذ مدة مسلسلا دراميا سياسيا مثيرا ومأساويا، من الصعب توقع ما تحمله الحلقة القادمة فيه".
 
ولفت إلى أن "العداء بين دحلان وأبو مازن ظهر أواخر 2010، عندما انتشرت تقارير مشكوك في صحتها، تحدثت عن أن دحلان يخطط لانقلاب ضد عباس؛ ما دفع الرئيس الفلسطيني إلى القيام بخطوة سريعة كانت نهايتها طرد دحلان في أوائل كانون الثاني/ يناير 2011 من حركة فتح"، وهو ما دفع دحلان لترك الأراضي الفلسطينية والإقامة في الإمارات.
 
صداع مستمر

ومنذ ذلك الحين، يحاول دحلان حشد دعم له وخاصة في مخيمات اللاجئين في الضفة والقطاع، وباءت محاولاته بالفشل؛ ورغم أن الأشخاص المقربين منه لم ينجحوا في كسب مكانة لهم، فإنهم كانوا بمثابة صداع مستمر لعباس وأجهزة الأمن الفلسطينية، وفق المحلل الإسرائيلي، الذي أشار إلى أن المقربين من عباس، يزعمون أن دحلان يستخدم مسلحين تابعين له  في أماكن مختلفة؛ مثل مخيم قلنديا شمالي القدس، ومخيم بلاطة القريب من نابلس، لتنفيذ هجمات ضد "إسرائيل"، في محاولة لزعزعة العلاقات بين رام الله و"تل أبيب".
 
ونبه يسسخاروف، إلى أن الأشهر الأخير شهدت تغيرا ما؛ وهو "إضعاف مكانة عباس في الأراضي الفلسطينية، في الوقت الذي دعمت فيه الرباعية العربية (مصر والسعودية والإمارات والأردن) الجهود لمساعدة دحلان، ومارست القاهرة على وجه الخصوص، ضغوطا على عباس للتصالح مع دحلان وقبوله من جديد في صفوف (فتح)؛ لكن عباس ومعه قيادة (فتح)، أصروا على رفض عودة دحلان إلى صفوف الحركة".
 
وبين أن عبد الفتاح السيسي "لم يستقبل رد عباس بالنسبة لعودة دحلان ورفضه عقد قمة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، برحابة صدر؛ وهو ما دفع النظام المصري ودون الإدلاء بأي تصريح للإعلام، بالعمل ضد عباس، بأساليب مصرية كلاسيكية؛ حيث سمح لدحلان بإجراء لقاء مع العشرات من مؤيديه في القاهرة؛ في ما اعتبر تحديا واضحا لأبو مازن".
 
الرئيس المقبل

ومضى المحلل، قائلا: "توصلت مصر إلى تفاهمات مع (حماس) للسماح بدخول زوجة دحلان، جليلة دحلان إلى غزة؛ عبر معبر رفح، بعد أن منعت السلطة دخولها عبر معبر إيرز (بين حانون شمال قطاع غزة)؛ وتعمل جليلة منذ سنوات في غزة بموافقة (حماس)، التي ترى في ذلك طريقة لإزعاج أبو مازن، في مجال الأعمال الخيرية".
 
ووافقت مصر على فتح معبر رفح في كل شهر مدة 10 أيام، على الأقل؛ وهو ما سيؤدي بحسب يسسخاروف، إلى "تعزيز مكانة دحلان في غزة، الذي لا يزال المرشح المرغوب فيه لمنصب الرئيس المقبل"، وفق قوله.
 
ونوه المحلل الإسرائيلي، إلى أن جهود دحلان "لم تتوقف عند حدود غزة؛ حيث إن جهاد طمليه أقام، (له سجل طويل من المواجهات مع عباس، وهو أحد مناصريه)، الأسبوع الماضي، اجتماعا في مخيم الأمعري في قلب رام الله، بعنوان (توحيد صفوف فتح)؛ حضره نحو 200 من ناشطي الحركة، دعوا فيه إلى اعتماد مبادرة المصالحة المصرية السعودية الإماراتية، وبكلمات أخرى: "أعربوا عن تأييدهم لدحلان ومعارضتهم لعباس".
 
وهنا يظهر بوضوح الخطأ الذي ارتكبه عباس؛ فبدلا من أن يحاول تقريب خصومه إليه، ومعظمهم نشطاء مركزيون في مخيمات اللاجئين، فقد قرر عباس الخروج ضدهم بكل ما أوتي من قوة، عبر رجاله (أفراد الأجهزة الأمنية) ما أدى إلى غليان أكبر ضد السلطة، خاصة بعد طرد طمليه من الحركة، بحسب المحلل الإسرائيلي، الذي لفت؛ إلى أن سكان قلنديا وبلاطة وعسكر ومخيم جنين؛ يرون أنهم يعانون من التمييز من قبل السلطة الفلسطينية؛ حيث أدرك دحلان الفرص الكامنة في هذه الأماكن ونجح في حشد مؤيدين ووكلاء له هناك في السنوات الخمس الأخيرة، في الوقت الذي استمر فيه عباس بالعمل بكل قوته ضد هؤلاء الناشطين.
 
وما زال التوتر سيد الموقف في العديد من المخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، حيث خرج المئات من الأشخاص للتظاهر ضد السلطة؛ وهو ما أدى إلى وقوع العديد من الإصابات في صفوف المتظاهرين.
 
مرحلة خطيرة

وقال يسسخاروف: "هذه الأحداث تؤكد بقوة أن الضفة الغربية تتواجد اليوم في فترة الشفق؛ مرحلة مؤقتة خطيرة ومزعجة، ومكانة السلطة الفلسطينية وقائدها ضعيفة أكثر من أي وقت مضى، في الوقت الذي ما زالت فيه أجهزة الأمن الفلسطينية تظهر قدرتها على فرض النظام، ومع ذلك فإن مكانة أبو مازن ضعيفة للغاية والجميع منشغل في مسألة اليوم التالي".
 
وأوضح أن "الكثيرين في فتح يخشون من اليوم الذي ستشهد فيه الحركة انقساما بسبب الصراع العنيد بين دحلان وأبو مازن وتنامي قوة (حماس) ليس بالبعيد؛ كما أنه داخل حركة فتح ليس دحلان الوحيد الذي يعمل على تعزيز مكانته استعدادا للحرب المستقبلية على الخلافة".
 
وأشار المحلل الإسرائيلي، إلى أن قيادة حركة فتح تستعد للمؤتمر العام للحركة الذي سيعقد على ما يبدو في أواخر شهر شرين الثاني/ نوفمبر القادم؛ وذلك لتحديد هوية خليفة عباس، لمنصب رئيس الحركة، وقد يتم اختيار نائب لرئيس الحركة أيضا، سيكون بالطبع خليفته عندما يحين الوقت.
 
وأفاد يسسخاروف، بأن هناك أسماء كثيرة للرئيس ونائبه؛ منها المعتقل مروان البرغوثي، وصائب عريقات الذي يشغل منصب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وناصر القدوة، ابن أخت الراحل ياسر عرفات؛ ويتميز عن غيره بعدم وجود أعداء كبار له داخل حركة فتح.
 
واعتبر أن القيادي في حركة فتح، جبريل الرجوب رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، قد نجح خلال السنوات الأخيرة في تعزيز مكانته داخل حركة فتح، وحشد دعم كبير له في صفوف عدد كبير من الشبان، وتربطه علاقات ممتازة مع أجهزة الأمن الفلسطينية، وجميع المحافظين تقريبا كانوا جنوده في الماضي؛ وهو من أبرز أعداء دحلان.

واختتم المحلل مقاله بقوله: "كما ذكرنا آنفا؛ فإن السياسة الفلسطينية هي مسلسل درامي مثير!".