عباس «يماحك» القاهرة بأنقرة والدوحة

الأحد 23 أكتوبر 2016 10:42 م / بتوقيت القدس +2GMT
عباس «يماحك» القاهرة بأنقرة والدوحة



الدوحة / وكالات / أهمية الزيارة التي بدأها الرئيس الفلسطيني محمود عباس امس الى تركيا، ومن بعدها الى الدوحة، ليست بجدول الاعمال الذي سيبحثه مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، وامير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بل بالرسائل التي ترسلها الزيارة الى هاتين العاصمتين بالذات باتجاه القاهرة، وبدرجة اقل باتجاه عمان.


فلم يعد خافياً حجم الازمة التي تعصف بالعلاقات الفلسطينية – المصرية، والفتور الذي تبديه عمان حيال عباس في الآونة الاخيرة، وبالتالي، فإن اختياره كما تقول محافل مقربة منه في هذا التوقيت زيارة انقرة والدوحة محاولة منه لافهام القاهرة انه ليس معزولاً، وانها اذا اغلقت ابوابها في وجهه فثمة عواصم اقليمية وازنة وفاعلة، والاهم انها منافسة ومتخاصمة مع القاهرة تستقبله بحفاوة.
وتضيف المصادر، ان زيارة انقرة تكتسب اهميتها الخاصة، بعد ان جاهرت مصر باحتضان ودعم خصمه اللدود القيادي المفصول محمد دحلان، ومنحته مزايا وامتيازات على حساب العلاقة مع عباس، ويكفي التذكير بعقد مؤتمر «عين السخنة» الاسبوع الماضي، تلبية لطلب وبتمويل من دحلان، وفتح معبر رفح المغلق منذ سنوات بالاتجاهين، وهو ما يشير الى ان المعنيين في الامر الفلسطيني في العاصمة المصرية قرروا دعمه وتوسيع مساحة نفوذه وشعبيته في غزة وفي الضفة الغربية. واشارت المصادر ذاتها الى ان تجرؤ انصار دحلان على عقد مؤتمر تشاوري السبت الماضي في مخيم الامعري في قلب رام الله، بمشاركة نحو 200 من قيادات، ونواب في المجلس التشريعي وكوادر «فتحاوية» من سائر مناطق الضفة، رغم الاجراءات المشددة التي اتخذتها الاجهزة الامنية للسلطة لمنعه، هو بمنزلة تحد سافر لأبو مازن ما كان يمكن ان يحدث لولا يقين هؤلاء وقبلهم دحلان انهم يحظون بقدر من الدعم من قبل عواصم «الرباعية العربية» كاف لتحدي عباس في عقر داره.

فصل جديد من الصراع
مؤتمر انصار دحلان على مقربة من مقر المقاطعة، بالاضافة الى الصدامات المسلحة التي وقعت الجمعة الماضية في مخيم بلاطة في نابلس وجنين، بين الاجهزة الامنية وعناصر من «فتح» من اتباع دحلان، اعطى اشارات في غاية الخطورة، إذ رأى فيها كثير من المتابعين افتتاحا لفصل جديد من الصراع، ولكن العنيف هذه المرة على ابواب مؤتمر «فتح» السابع المقرر عقده في 29 نوفمبر القادم، وهو ما سيحاول دحلان بكل ما لديه من قوة ونفوذ لعرقلة عقده، وربما بأي ثمن، لان انعقاده قبل تسوية وضعه وعودته الى «فتح» سيكرس واقع فصله، وسيكون بمنزلة ضربة قاصمة لمستقبله السياسي الذي اعد نفسه له، لذلك كان واضحاً عندما اعلن قبل عدة ايام انه «لن يسمح لعباس باختطاف حركة فتح والاستفراد بمصيرها».
على الخط نفسه، فإن دحلان المدعوم اقليمياً، خاض الاسبوع الماضي تجربة تحسين علاقاته داخلياً لاحكام الطوق حول عباس، مع بعض الأطراف المعارضة للاخير. وكان مثيراً ان تجري معه صحيفة الاستقلال الناطقة باسم «حركة الجهاد الاسلامي» التي لم تفوت طوال السنوات الماضية فرصة لانتقاده مقابلة مطولة. وليس خافياً، ان سلطة «حماس» في غزة تغض عن قصد الطرف عن النشاطات التي يقوم بها انصار دحلان.

لقاء مشعل
الرئيس عباس الذي يرصد ويعرف ما يجري في العلن، واكثر منه في السر لتحجيمه، وتخريب مسعاه لعقد المؤتمر السابع لـ«فتح» بدون دحلان، ودفعه الى هاوية العزلة، اختار في هذه الظروف بالذات كلا من انقرة والدوحة كعنوانين لمماحكة القاهرة، وعلى الاغلب انهما ستسهلان له هذه المهمة، خاصة انه سيتصدر مباحثاته في العاصمتين، بحسب مصادر الرئاسة موضوع انهاء الانقسام، واستعادة الوحدة.
وبحسب المصادر ذاتها، فإن جدول اعمال عباس لا يتضمن اي لقاءات مع رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» خالد مشعل في الدوحة، لكنه لا يمانع الاجتماع به في حال طلب هو او الجانب القطري ذلك، وربما تكون فرصة سانحة اذا ما حصل مثل هذا الاجتماع للرد على ما تسميه «فتح» تواطؤ «حماس» في غزة مع دحلان.
واضافت المصادر، ان مشعل ارسل الى عباس في الآونة الاخيرة رسالة مع رجل الاعمال الفلسطيني المعروف منيب المصري يفوض فيها الاخير الاتفاق مع عباس على صيغة إزاء موضوع انهاء الانقسام.
واشارت ذات المصادر الى ان رئيس لجنة المتابعة العربية داخل مناطق الـ«48» عضو الكنيست السابق محمد بركة طرح مؤخراً مبادرة لانهاء الانقسام، وبحثها مع عباس الذي وافق عليها وفوضه ببحثها مع مشعل.
غير ان المصادر ذاتها لفتت الى ان تفويض مشعل  للمصري يأتي في الهزيع الاخير من زعامته «حماس»، إذ دخلت الحركة في تحضيرات عقد مؤتمرها العام، وبات مؤكداً ان رحيله بحكم نظامها الداخلي الذي يمنع التجديد له، اي ان اي تفاق معه لا يلزم من سيخلفه، بالاضافة الى ان «حماس» غزة تتخذ من عباس موقفا متشدداً عبر عن نفسه مؤخراً بمطالبة كتلتها في المجلس التشريعي بعودة حكومة اسماعيل هنية لادارة القطاع، بدلاً من حكومة التوافق الحالية.
وفوق هذا وذاك، فإن «فتح» هي الاخرى على ابواب عقد مؤتمرها، وهي في أتون معارك الوراثة والتوريث الطاحنة.