خبر : قراءة سياسية لما وراء الرباعية العربية ...د.عبير عبد الرحمن ثابت

الخميس 22 سبتمبر 2016 09:17 ص / بتوقيت القدس +2GMT




أحداث ومتغيرات متتالية تدور على الساحة العربية من صراع دولى لفرض السيطرة على منطقة الشرق الأوسط بشكل عام وصراعات إقليمية وعربية يختلط فيها الاقليمى بالدولى لفرض تسوية ما فى الملف الفلسطينى بشكل خاص، وذلك يأتى مع انتهاء القطبية الواحدة وتقدم ملموس لقوى دولية أخرى متمثلة بروسيا والصين والذى نشهده جلياً في الأزمة السورية بإصرار على ترك بصمتها السياسية والاقتصادية في أى ترتيبات بعيدة الأمد للشرق الاوسط، إن ما لمسناه من تحرك عربى على الساحة الفلسطينية سواء باللجنة العربية الرباعية أو من تدخلات قطر وتركيا خاصة في ملف المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام لا يدور بعيداً عن هذا السياق.
وما يحدث الآن هو رسم لخارطة الشرق الأوسط الجديد الذى ستستمر لمائة عامة قادمة وبديهياً أن تكون إسرائيل حاضرة في هذه الخارطة وبشكل مقبول من الجميع ، ومحاولة إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من خلال البوابة العربية خاصة بعد فشل الإدارة الأمريكية فى حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بإجراء تسويات ثنائية بعيداً عن الشرعية الدولية بقراراتها، وأصبح ضرورة توسيع أى حل قادم وهو ما يعد تغير جوهرى في استراتيجية إنهاء الصراع العربى الاسرائيلى والتى اعتمدتها إسرائيل لعقود سابقة من تجزأة لحل الصراع مع كل طرف عربى بشكل منفرد، واليوم ومع التغيرات الاقليمية الراهنة وإنقلاب المحاور وكذلك أولويات العداء لإسرائيل بحكم ظهور ما يعرف بالإرهاب الإسلامي المتطرف والخطر الإيراني كعدو مشترك للعديد من دول الإقليم التى التقت مصالحهم المشتركة عليه، كل هذه العوامل دفعت الجميع لتقديم حلول لانهاء الصراع الفلسطينى الاسرائيلى ومنها كانت مبادرة الرباعية العربية لتقديم مبادرة لترتيب البيت الفلسطينى والذى شملت على أربع مراحل إنهاء الخلاف الفتحاوى الداخلى وإعادة النائب محمد دحلان والمفصولين من حركة فتح ووضع خطط لإعادة وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير بالتشاور مع كافة الفصائل وإنهاء الانقسام السياسى بين فتح وحماس وتوحيد الضفة وغزة تحت سلطة واحدة وسلاح شرعى واحد وتجديد الشرعيات بإجراء انتخابات شاملة، وانهاء الصراع الفلسطينى الاسرائيلى وفق المبادرة العربية، تلك المبادرة العربية التى رفضتها اسرائيل بشده قبل ذلك والآن تتمسك بها، وفى حال عدم استجابة الفلسطينيين وهنا تكمن الخطورة بأن بعض الدول العربية ستدرس بدائلها في التعاطى مع الصراع العربى الاسرائيلى بمعنى إنهاء الخلاف مع إسرائيل وإقامة علاقات عربية اسرائيلية معلنة ضمن السيناريو الدولى الجديد المرسوم للمنطقة العربية بدمج اسرائيل بالعالم العربى بشكل دبلوماسى سياسى متفق عليه وبدون سرية أو تخوف لمواجهة الأخطار المشتركة. وذلك ما تسعى اليه اسرائيل منذ سنوات بأن يتم إنهاء الصراع عربياً وليس فلسطينياً فلا مانع لدى اسرائيل تسوية خلافاتها مع كافة الدول العربية وإقامة علاقات اقتصادية وسياسية وسياحية وعلى كافة المجالات ، وهذا يعنى استمرار معاناة الشعب الفلسطينى إلى ما لانهاية في حال ذهب العرب بالبحث عن بدائل للتسوية بعيداً عن الجانب الفلسطينى الذى من الصعوبة أن يشهد إنهاء للانقسامات الداخلية في المرحلة الحالية من خلال ما نشهده في تصعيد الحملات الاعلامية بين الأطراف المنقسمة والذى يشير إلى فشل الرباعية في ترتيب البيت الفتحاوى وإنهاء الانقسام . وبالمقابل سيدفع الشعب الفلسطينى الثمن في حال تم تسوية الصراع العربى الاسرائيلى دون تسوية عادلة للقضية الفلسطينية .
وأمام هذا السيناريو وللمصلحة الفلسطينية العامة والتى هى الأهم من الخلافات أيا كانت أسبابها، ولإنجاز مشروعنا الوطنى الفلسطينى يجب ضرورة إنهاء الانقسامات الفلسطينية الداخلية كلها وتوحيد الصف الفتحاوى والفلسطينى لمواجهة القادم الأسوء في تاريخنا السياسى حتى لا يتم تنفيذ هذا السيناريو الذى سيجعل اسرائيل دولية شرعية حاضرة في البلدان العربية بدون حل للقضية الفلسطينية وتبقى عالقة على ما هى عليه، وحتى لا نفقد علاقتنا بأشقائنا العرب الذين يشكلوا عمقنا الإستراتيجى ومرجعيتنا السياسية .