خبر : جامعة الأقصى وطلابها وتساؤلات الشارع الفلسطيني: يا قوم أليس فيكم رجل رشيد ؟!د. أحمد يوسف

الأربعاء 10 أغسطس 2016 12:33 م / بتوقيت القدس +2GMT
جامعة الأقصى وطلابها وتساؤلات الشارع الفلسطيني: يا قوم أليس فيكم رجل رشيد ؟!د. أحمد يوسف





لماذا نعجز عن حلِّ أي مشكلة وطنية، وتتعثر خطانا في إنجاز كسب يريحنا جميعاً من خلال التوافق؟! ولماذا كل هذا التنطع والعناد وغياب بوصلة الوطن؟!
إن إشكالية جامعة الأقصى؛ والتي هي في معايير الهموم والأوجاع الأقل، ومن المفترض ألا تكون معضلة تستعصي على الحل، ولكنها – للأسف – ومنذ أن وقع الانقسام البغيض في يونيه 2007 وهي محل خلاف حول إدارتها وتسيير أمورها، وقد عجزت كل الجهود في التوصل إلى حلٍّ يرضي الطرفين؛ فتح وحماس.
لن أسجل رأيي هنا في هذه المسألة، حيث كانت لي مساعي أنا والأخ د. غازي حمد، ثم أنا والأخ د. جميل سلامة، ولكن تبددت آمالنا أمام عناد البعض وسياسة ركوب الرأس هنا وهناك.
لقد أراد البعض التغوّل على الجامعة خارج سياق التوافق، فيما الآخر عمل على استخدام لغة التهديد والوعيد، وباشر في تطبيقها، بعدما أخفقت كل الجهود في الوصول إلى ترضيات وتفاهمات بين الطرفين.
أكثر من خمس سنوات ولجان الإصلاح من الفصائل وأهل الخير تحاول رأب الصدع، ولكن دون جدوى!! ويكفيك أن تسمع لكل طرف رأيه وروايته، حيث يقوم بتعليق شماعة الفشل وعدم الرغبة في الحل على الطرف الآخر؛ لتكتشف – كمتابع للمشهد - أن المشكلة هي صراع تغليب إرادات، وكل طرف بيديه بعض الأوراق التي يلعب بها، ويراهن عليها.
نحن هنا لا نريد أن نقف إلى جانب هذا الطرف أو ذاك، وكل ما يهمنا هو مصلحة الطالب الذي ينتسب إلى هذه الجامعة العريقة، والذي يدفع من أعصابه ثمن هذه المناكفات، والخلاف الذي استفحل إلى مستويات غير وطنيه ودخل في متاهات التيه والضياع الذي تمر به القضية، كدعوة الطلاب لعدم التسجيل في الجامعة؛ لأن الاعتراف بشهاداتها أصبح أمراً مشكوكاً فيه!!
مهزلة وطنية بالغة الغرابة والاستخفاف بالانتماء والهوية الوطنية، وهي تضيف إلى مواجعنا ألماً آخر، وتصيبنا بالمزيد من اليأس والقنوط والإحباط، ولعلي أتذكر هنا وقائع تدعو إلى الاستهجان والغثيان، وذلك حين تمَّ تعيني والأخ سيد أبو مسامح بمرسوم رئاسي كأعضاء في مجلس أمناء جامعة الأقصى، وشاركنا في أكثر من اجتماع للمجلس لمتابعة شأن الجامعة، إلا أنه – للأسف - عادت المناكفات والاتهامات لتأخذ بتلابيب الوضع من جديد، وتتعطل بذلك التفاهمات التي تمَّ التوصل إليها أكثر من مرة.
كان السؤال الذي أصابنا بالحيرة وكنا نبحث عن إجابة مقنعة له، هو: هل فعلاً أن المشكلة عصيَّة على الحل، وليس هناك من سبيل للخروج غير سياسة "فرض الأمر الواقع"؟!
كانت توقعاتنا نحن المطلعين على بواطن الأمور، ولدينا معطيات حول هذا الملف، أن حل المشكلة أسهل بكثير مما يعتقد البعض، وأنه بالإمكان حلها لو خلصت النوايا واستقامت التوجهات بجلسة أو جلستين؛ عملاً بالقاعدة القائلة: "إذا صدق العزم وضح السبيل"، ولكن يبدو أن هناك من لا يريد لهذه القضية أن تُحل، وأن تظل أحد عناوين المماحكة ومشاكل الانقسام والعجز، الذي استشرى – للأسف - في كل مرافق حياتنا.
عندما تمَّ تعيين د. صبري صيدم وزيراً للتربية والتعليم استبشرت خيراً، فالرجل كما عرفته، من خلال السفر والمشاركة في أكثر من مؤتمر في تركيا وقطر، وما سمعته عنه أيضاً، يعتبر قامة وطنية، وكفاءة مهنية، وإنساناً نظيفاً في تعاملاته، ولا نملك في تقييمنا له إلا أن نقدره ونحترمه، والرجل كونه ابن قطاع غزة، وله مشاعره الفياضة تجاه أهلها، كانت له رغبة في المجيء إلى هنا للتسريع بحل أزمة الجامعة، والعمل على وضع النقاط على الحروف، ومعالجة المسألة من جذورها. للأسف، كان هناك رفض لقدوم الرجل بصفته كوزيرٍ للتربية والتعليم؛ لاعتبارات نتفهمها من قبل الإخوة في حركة حماس، ولكن ذلك تسبب في أن تظل القضية معلقة أو تراوح مكانها دونما حل، واستمرت سياسة العقاب الظالم تمارس على الجامعة من قِبل الوزارة في رام الله، بهدف الضغط على إدارة الجامعة وحركة حماس للتراجع عن اشتراطاتها، التي ترى أنها حق لها، وسبق أن تمَّ التفاهم حولها والتوافق عليها، ولكن جهات في رام الله نقضت العقد، وعطّلت تنفيذ ما توافق عليه الطرفان.
وعليه؛ وقبل أن تغرق السفينة في لجَّة الانقسام وبحر ظلماته، ويتشرد طلاب الجامعة، التي تعتبر - كونها حكومية - هي ملاذ الفقراء للحفاظ على مسيرتهم التعليمية، فإني أقدم مقترحاً عملياً لاستنقاذ السفينة وإيصالها بجهد المخلصين إلى برِّ الأمان، وهو أن يتم الاتفاق على تشكيل لجنة وطنية من خمسة أشخاص يتمَّ الاتفاق والتوافق عليهم من الفصائل (الجبهة الشعبية وحركة الجهاد والجبهة الديمقراطية)، وواحد من المستقلين أو منظمات المجتمع المدني، وآخر من رجالات الإصلاح، للتحرك لحل المشكلة، على أن يُسلم الطرفان؛ فتح وحماس، بقرار الحلِّ الذي تخرج به اللجنة، التي يتم اعتمادها – أيضاً - من قبل الرئيس محمود عباس، ويكون قرارها الذي تخرج به ملزماً للجميع، ويُصدِّق عليه الرئيس.
أرجو أن ننجح في معالجة قضايانا الداخلية ومنها هذه المشكلة، التي تمس حياة أكثر من عشرين ألف طالب جامعي، وكفى إرهاقنا فقد بلغت مواجعنا وحالاتنا السياسية والمجتمعية والمعيشية الحلقوم، بسبب العناد والانقسام، فالضحية هي قضيتنا الفلسطينية التي تراجعت مكانتها إقليمياً ودولياً، وهذا الشعب العظيم، الذي تداعت على قصعته الأكلة من كل جانب وأنتم تنظرون، وإذا انهارت أركان خيمته فلن تفلحوا إذاً أبداً.