خبر : خيارات حماس بعد إتفاق "روما"بين إسرائيل و تركيا ...محمد حجازي

الثلاثاء 05 يوليو 2016 02:11 م / بتوقيت القدس +2GMT
خيارات حماس بعد إتفاق "روما"بين إسرائيل و تركيا ...محمد حجازي





بدون أدنى شك أن إتفاق روما بين إسرائيل وتركيا بمختلف مضامينه , خضع لحسابات شديدة التعقيد , وهي التي أملت على الرئيس التركي أردوغان هذا الإتفاق بعد قيامه بمراجعة شاملة لدور تركيا و سياساتها السابقة التي أدت في كثير من المراحل إلى إضعاف و تهميش الدور التركي في المنطقة , في سوريا وغيرها , كما حددت هذه المراجعة موقفه من روسيا التي تأزمت العلاقة معها نتيجة إسقاط طائرة السيخووي الروسية فوق سوريا , ولن تقف هذه المراجعات عند حدود إسرائيل وروسيا , بل اكثر من ذلك وربما مصر.


وضعت حركة حماس كل رهاناتها على دول في الإقليم " تركيا و قطر " وقبل ذلك على مصر الإخوانية , وفي البداية على سوريا و إيران و حزب الله , ضمن مشهد شديد التعقيد و الغرابة , سياسة اللعب في الإقليم و التنقل بين المحاور المتخاصمة أربك الحركة وسبب لها حرجا  وللفلسطينيين بشكل عام , والأكثر من ذلك أنها وضعت نفسها مؤخرا في محور, أقل ما يقال عنه أنه حليف لإسرائيل , " تركيا و قطر " . 

حسابات المصالح والسياسة تسقط حسابات الايديولوجيا 

 اثار إتفاق روما بين تركيا و إسرائيل ردود افعال واسعة في أوساط الفلسطينيين , خاصة و أنه يأتي في ظل أجواء غير طبيعية ومعقدة فالكثير من العرب وتحديدا في الخليج العربي بدأوا في إستبدال الدور الأمريكي في المنطقة بالدور الإسرائيلي , في الوقت الذي كانت فيه حماس تراهن على هذا المحور لترتيب وضعها في قطاع غزة التي تسيطر عليه منذ 14 حزيران 2007 , ككيان تم صناعته , وروجت له دولتي قطر وتركيا و هذا الترتيب كان من المفترض أن يبدأ بفك الحصار عنها , والسماح لحليفتيها ببناء مطار و ميناء , وبهذا يترك القطاع وحماس تحت الوصاية التركية , وهذا الوهم إتضح في الكثير من التصريحات لمختلف قيادات حماس وبشكل علني وواضح , كما جاء في تصريح سابق للسيد إسماعيل هنية عندما قال بأن الإتصالات التركية مع الإحتلال قطعت شوطا مهما في ملف ميناء غزة , وفي مكان آخر قال بأن همنا الأساسي خلال المرحلة القادمة هو فك الحصار و الميناء".

 هذه الرؤية الإستراتيجية , وهذا الرهان كان أحد الاسباب الرئيسة في تعطل جهود إنهاء الإنقسام وتوحيد النظام السياسي الفلسطيني وإستعادة الحياة الديمقراطية ولكن حسابات الحقل لم تتوافق مع حسابات البيدر كما يقولون .


بدون أدنى شك ان قطر وتركيا تتعاملان مع قطاع غزة , لأن حركة حماس الحاكمة تنتمي لحركة الأخوان المسلمين , و بالتالي هي تتعامل مع طرف ضد آخر أي تتعامل مع الشعب الفلسطيني بالمفرق وليس بالجملة , ومن هنا أتى موقف المنظمة و السلطة من الإتفاق التركي الإسرائيلي , و بالرغم من التصريحات التركية السابقة وعلى لسان أردوغان الذي عبر مرارا عن عدائه لإسرائيل وشرطه فك الحصار بشكل كامل وبناء الميناء لغزة , فقد غدا يتعامل مع القضية الفلسطينية في مستواها الإنساني الإغاثي فقط بدون أي مضامين سياسية كشعب يتطلع للحرية و الخلاص .

وتنسى تركيا ومن ورائها حلفائها أن الصراع الحقيقي هو ضد الإحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس العاصمة السياسية للفلسطينيين و الضفة الغربية اللتين تعانيان ابشع انواع الإضطهاد و الظلم بفعل الإستيطان وجرائم الإحتلال ومستوطنيه , يدرك الفلسطينيون جميعهم بان الرد السياسي على جرائم الإحتلال هو بإستعادة وحدتنا كجماعة سياسية واحدة . وفي هذا الإطار يأتي الخوف من تقرير الرباعية الدولية الذي يتحدث في مقدمته عن فقدان السلطة الفلسطينية سيطرتها على قطاع غزة التي تحكمه حماس .


مما سبق يمكن تسجيل الخيارات الثلاثة التالية و كسيناريوهات أمام حماس خاصة أن هناك حالة جدل و نقاش داخلي في الحركة من مسألة الموقف من المحاور في الإقليم :


السيناريو الأول : تبقى حماس على ماهي عليه مراهنة على تركيا , في تقديم الدعم الإغاثي لها في القطاع , والإستفادة من علاقتها مع إسرائيل وفق الإتفاق الأخير في جانبه الأمني والعسكري , لمنع حرب رابعة على غزة كوسيط حليف لها أي ضابط إرتباط بين الطرفين , مع محاولة إدخال حركة حماس في معادلة جديدة مع إسرائيل , كما قال وزير خارجية تركيا جاويش أوغلو في إشارته إلى عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية بأن تركيا تسعى بأن تكون حماس جزءا من عملية السلام , وأن لامفاوضات بدونها و إسرائيل تعلم ذلك , في إشارة تركية واضحة على تحدي التمثيل السياسي للمنظمة و السلطة .


هذا السيناريو سيعزل حركة حماس عن القضية الوطنية وسيعمق الإنقسام وسجعل القطاع محمية تركية بمساعدة قطرية , وسيزيد الخلاف مع مصر التي بدورها لن تسمح لتركيا , بأن تلعب بحديقتها الخلفية , وبهذا الإطار لا ننسى التنسيق الأمني العسكري التركي الإسرائيلي حسب البند الذي جاء في الإتفاقية و إنعكاس ذلك على المقاومة و القضية الفلسطينية .


السيناريو الثاني : تحلل حماس من إلتزاماتها السياسية مع محور قطر وتركيا و العودة إلى محور إيران حزب الله , وهذا الخيار من الطبيعي ان يدعمه بقوة القسام لما يتمتع به هذا الجهاز من علاقات تستند إلى تاريخ طويل من الدعم بمختلف مجالاته " التسليح , المال , التدريب ... إلخ " .
هذا السيناريو سيقود القطاع إلى حرب رابعة تشنها إسرائيل , مع إدراك الحركة بأن هذه الحرب ستكلفها الكثير وقد تصل الكلفة لخسارتها قطاع غزة , وهي تعلم أيضا بأن دولا في الإقليم ستشكل غطاء لإسرائيل في هذه الحرب و قد يصل الأمر إلى تمويل هذه الحرب . ولا ننس مقدار الدمار و المآسي التي سيعانيه سكان القطاع .


في السيناريو الأول والثاني قد تحاول حماس الجمع بين الإثنين , ومحاولة اللعب على الطرفين في مساحة ضيقة وهامش محدود , وعندها سيكون أشبه بإعتماد اللاموقف , وخطورة هذا تكمن في إضاعة الوقت وبعدها خسارة كل الحلفاء .


السيناريو الثالث والأخير الأقل كلفة لحماس : هو الذهاب لإنهاء الإنقسام وتأسيس شراكة حقيقية قائمة على وحدة النظام السياسي الفلسطيني على أسس واضحة وبرنامج سياسي متفق عليه , يمهد الطريق لدخول حماس في منظمة التحرير الفلسطينية , عندها نستطيع أن نواجه ونقاوم بشكل أنجع الإحتلال ومخططاته العدوانية .
من حق شعبنا على حركة حماس و التي هي جزء أساسي من تكوينه السياسي , أن يسألها و يحاسبها على رهاناتها , التي وصلت إلى درجة المساومة على القضية الفلسطينية مقابل مواد تموينية وبضعة من المنافع الذاتية للحركة فالقضية الفلسطينية ليس إنسانية فحسب بل سياسية بإمتياز .