خبر : حول الإعدام ووفاة الطفل السباح والتحرش ...مصطفى إبراهيم

السبت 28 مايو 2016 12:32 ص / بتوقيت القدس +2GMT
حول الإعدام ووفاة الطفل السباح والتحرش ...مصطفى إبراهيم




حركة حماس ليست بحاجة إلى فرض هيبتها بتنفيذ أحكام الإعدام لتهديد الناس وتطويعهم وفرض سيطرتها للحفاظ على كرامتها، فالكرامة هي للمواطنين والهيبة تكون للنظام، فتطويع الناس وحبهم وولائهم يكون بالعدل وإطلاق الحريات العامة وإحترام الحقوق، وتوفير الحد الأدنى من العيش الكريم والأمن الإقتصادي والغذائي والإجتماعي.
ليس غريباً أن تُقدم حركة حماس على تنفيذ أحكام الإعدام فهي تقوم بذلك من خلال عقيدتها ورؤيتها وعدم قبولها لأي جهة المزايدة عليها بأنها حكومة إسلامية تقوم بالقصاص إستجابة لشرع الله، سواء كانت جهات خارجية أو داخلية من الفصائل والجماعات الإسلامية السلفية الجهادية وغير الجهادية.
حتى الفصائل الوطنية التي لم نسمع صوتها وكأنها موافقة بإستثناء حركة فتح التي تتناول الموضوع مناكفة في حركة حماس، وهي من أشارت على الرئيس عباس في بداية ولايته في العام 2005 بالمصادقة على تنفيذ خمسة أحكام بالإعدام لفرض هيبة السلطة والنظام.
يبدو أن حماس بدأت تشعر أن بقرتها المقدسة "الأمن والأمان" مست وكرامتها أصابها الإهتزاز وتتراجع، وأن الأوضاع الإقتصادية القاسية ستكون سبب لعودة الإنفلات الأمني وأن تصريحات بعض المسؤولين في حركة فتح مست عصب حماس، لذا تريد أن تفرض سيطرتها وهيبتها من جديد.
حماس ليست بحاجة إلى تفصيل وتقييف المواد القانونية في الدستور والقول بإنتهاء ولاية الرئيس محمود عباس وولاية الجميع منتهية الصلاحية منذ زمن، أو إلى حشد الرأي العام والإستجابة إلى ضغط العائلات ذات النفوذ سواء القريبة أو البعيدة من حماس.
الجدل والسجال في قضية مقتل المواطنة البدري عجل من إتخاذ موقف بتنفيذ أحكام الإعدام، والأسبوع الماضي ثار جدل وسجال حول نشر تقرير عن التحرش وطال الصحافي معد التقرير نقد وإتهامات بغياب المسؤولية الإجتماعية والأخلاقية، وأنه تناول فئات ومؤسسات وشخصيات محددة ووصف مناصبهم والمؤسسات التي يعملون فيها، التقرير يؤشر لوجود ظاهرة التحرش وهي من المحرمات، قليلون يجرؤون الحديث عنها، وكثيرات يتعرضن للتحرش، ولم يتناول المؤسسات الحكومية والعامة وغير العامة والمواصلات العامة، وظهر التقرير في أجزاء منه وكأنه رد فعل إنتقامي وموجه ولا ينقص غزة أزمات، ربما لأن معد التقرير لم يوفق في الوصول إلى حالات وضحايا في المؤسسات العامة.
لم يهدأ الجدل، وثار جدل جديد حول الأخطاء الطبية على إثر نشر فيديو لمواطن من مخيم الشاطئ يرثي إبنه الذي توفي جراء خطأ أو إهمال طبي أثناء إجراء عملية جراحية له في مستشفى خاص في مدينة غزة. وفي طريقة دراماتيكية فيها من الدراما السوداء، تناول المواطن الأطباء بطريقة غير معتادة ومعيبة وتعبر عن التدني وواقع الحال، ربما لأنه ليس من عائلة كبيرة وليس بإمكانه الإعتداء على الطبيب بالضرب أو على المستشفى بالتكسير كما حدث ويحدث في حالات مشابهة. وإختار هذه الطريقة القاسية في وصف الطبيب للتعبير عن غضبه وحزنه تعبر عن فقدان الثقة بالنظام العام خاصة النظام الصحي الذي يعاني ومتهم بإنعدام الضمير والإنسانية وغياب المسؤولية الإجتماعية عن كثير من الأطباء وكل همهم الربح المادي.
الجدل يثار بشكل يوم ولا يتوقف وفي كل يوم لدينا قضية جدلية وتتحول إلى قضية رأي عام وأي قضة سواء كانت صغيرة أو كبيرة تصبح قضية رأي عام، وبدل من التصدي لها ومعالجتها بالبحث والنقاش تصبح مادة دسمة من الجدل والسجال الصبياني يشارك فيه الجميع بقصد ومن دون قصد.
حماس هي المسؤولية عن وقوع أي جريمة أو حادث حتى لو كان سرقة دجاجة، لأنها صاحبة الواجب والمسؤولة عن حكم قطاع غزة وتفرض سيطرتها وتمارس صلاحياتها كحكومة ولم تقدم نموذج جيد للحكم لا في سيادة القانون ولا العدالة. ولم تعد ذريعة الحصار والإنقسام مقنعة للناس ويطالبونها بإنهائه والتخلي عن مسؤوليتها للقطاع والتوصل الى توافق وطني، أو في الحد الأدنى تقديم نموذج جيد في الحكم وتحمل مسؤولياتها من دون تنقيذ أحكام إعدام وتخويف الناس وفرض أعباء جديدة على الناس تثقل كاهلهم.
في غياب المسؤولية الوطنية والأخلاقية وتخلي وقصور السلطة الحاكمة عن مسؤولياتها يبدأ التدهور والإنحطاط ويفقد المواطنين الثقة بالنظام العام ومكوناته يفقد هيبته بإنهيار منظومة القيم وسيادة القانون وعدم إحترامه، ولن يتغير الحال للأصلح حتى لو تم تنفيذ عشرات أحكام الإعدام.