خبر : اقصاء يعلون وتعيين ليبرمان: نتنياهو يسعى لتقزيم الجيش من اجل الحفاظ على سلطته \ هارتس

الخميس 19 مايو 2016 03:27 م / بتوقيت القدس +2GMT



يكتب يوسي فورتر، في "هآرتس" انه حتى في مصطلحات السياسة الاسرائيلية التي لا تعرف الخجل، كان اليوم الذي بدأ بالحديث عن مؤتمر السلام الاقليمي بإدارة هرتسوغ، وانتهى باقتراح بتعيين بلطجي الحي، افيغدور ليبرمان، وزيرا للأمن، كان من الأيام الفظيعة وغير المتوقعة. اقصاء يعلون من مكتبه في مقر وزارة الامن في "الكرياه"، في تل ابيب، يمكن ان ينطوي على تفسير منطقي واحد: تخوف بنيامين نتنياهو الزائد من المسار الخيالي يعلون – ايزنكوت – جولان، وبقية قادة القيادة العامة الذين يطلق كل واحد منهم، بدوره وبطريقته، اصوات عقلانية، ديموقراطية واخلاقية، تعتبر في ديوان نتنياهو ومقر اقامته الرسمي كتهديد وتحدي لسلطة العائلة القيصرية.
يعلون لا يشكل تهديدا سياسيا حقيقيا لنتنياهو؛ فقوته في الحزب ليست كبيرة، وفي كل الاحوال تم التحديد مسبقا، بأن مرشح الليكود في الانتخابات القادمة سيكون رئيس الحزب الحالي. ولكن تحول يعلون الى بطل اعلامي، واللغة المشتركة بينه وبين قادة الجيش ووقوفهم امامه في قضية الجندي اليؤور أزاريا، وقضية يئير جولان، تكفي لحسم مصيره.
لقد بحث نتنياهو عن رجل قوي، مع نبوت، لكي يفرض النظام، يدعو الى النظام، يفرض الرعب ويزرع الخوف في قلوب الجنرالات. الى ما قبل شهر، اظهر نتنياهو اصرارا قاطعا في رفضه تعيين اكبر كارهيه وشاتميه والمشهرين به في الجهاز السياسي الإسرائيلي، للمنصب الذي يتطلب اكثر من أي منصب وزاري اخر التحلي بالمسؤولية، والوعي، والاعتدال والثقة المتبادلة المطلقة في علاقات العمل مع رئيس الحكومة.
قطع رأس يعلون، احد وزراء الأمن الأكثر إثارة للإعجاب والتقدير الذين تم تعيينهم هنا، لصالح ليبرمان ("الشخص الذي لا يتمتع حتى بموهبة تسمح له بالعمل كمحلل عسكري"، كما وصفه نتنياهو قبل عدة أسابيع فقط)، يدل مثل ألف شاهد، على ما يقف اليوم في مقدمة اولويات رئيس الحكومة: تقزيم وكبح الجهاز العسكري، بهدف الحفاظ على سلطته. ومن اجل تحقيق ذلك تصبح كل الوسائل مقبولة: اهمال الأمن، ولكن ايضا، البصق في وجه الرئيس المصري الذي يفاخر نتنياهو بالعلاقات القريبة معه، مع تقويض الهدوء النسبي، الهش والسائل في برميل البارود القابل للانفجار، أي الضفة، من خلال القاء عود ثقاب مشتعل بصورة ليبرمان الى جانبه.
حتى يوم امس- امس الأول، شرح لقادة احزاب الائتلاف بأنه يتحتم عليه، بشكل ضروري، ضم هرتسوغ الى الحكومة كمُبيض ومُليّن ومدافع استعدادا للأيام الرهيبة بين الثامن من تشرين الثاني المقبل والعشرين من كانون الثاني 2017، منطقة الفراغ الفاصلة بين الانتخابات الامريكية ودخول الرئيس الجديد الى منصبه. التقدير السائد في اسرائيل هو ان اوباما، الذي سيكون محررا من رعب الناخبين، سيبادر الى سلسلة من الخطوات السياسية الكارثية لإسرائيل. "ليبرمان يكرهني، يشهر بي، انه شخص خطير، لا يرى في عينيه" قال نتنياهو شارحا لشركائه المفاوضات المتواصلة مع هرتسوغ. وقد بدا لهم الأمر معقولا، منطقيا، ضرورة حتمية. وفجأة، هكذا بكل بساطة، خلال ساعات، يصبح بوغي (هرتسوغ) في الخارج وايفيت (ليبرمان) في الداخل.
لقد سعى هرتسوغ للانضمام دون تردد الى رئيس الحكومة هذا الذي لا يقدس شيئا غير سلطته، ولم يتنازل طالما لم يتم صد الباب في وجهه وصراخ احد من داخل البيت في وجهه: "فلتبق في الخارج!". كمصاب بالجنون، كبائع متجول، قرع الشبابيك الزجاجية لديوان نتنياهو، في محاولة للحصول على "انجازات" من المشكوك انها كانت قائمة.
المؤتمر الصحفي الذي عقده مساء امس، كان طريقة رائعة للتهرب من المسؤولية من خلال تحميل المسؤولية عن الفشل لمعارضيه في الحزب برئاسة شيلي يحيموفيتش. في بداية حديثه ادعى هرتسوغ انه هو الذي انهى المفاوضات مع نتنياهو بسبب رفض الأخير تدوين تنازلاته الكبيرة، ظاهرا، في الموضوع السياسي بشكل خاص.
وفي الوقت نفسه ادعى ان يحيموفيتش "في هجومها الفظ والعنيف والسائب" عليه، تتحمل المسؤولية عن تعيين ليبرمان وزيرا للأمن ولحملة "الحرب والجنائز" التي سينزلها هذا التعيين بإسرائيل. سنرى ان كان ذلك سيحدث، ولكن في هذه الأثناء، يبدو ان الجنازة ستكون للسيرة السياسية المنهارة لرئيس حزب العمل الذي يصعب قياس الضرر الذي تسبب به لحزبه خلال الأسبوع الماضي. في احيان نادرة يحدث ان تقوم شخصية سياسية رفيعة، تميزت خطواته حتى الان بدون ذكاء وحكمة، بتحقيق مثل هذا الانتحار الكبير لنفسه. لا نذكر هنا مثل هذه الاهانة المدوية. ربما في ظل الاحداث يتطلب الأمر اجراء تغيير للكلمة القديمة: منذ الآن، قل "بيجيون" (جمع لكلمتي بوغي -لقب هرتسوغ- واهانة باللغة العبرية).
يا للجحيم، ما الذي فكر فيه هرتسوغ: ان يقوم نتنياهو، زعيم معسكر اليمين، اكثر سياسي يشق الصفوف، ويحرض جمهور على آخر (باستثناء ليبرمان)، ويدوس بفجاجة كل مظاهر المعايير السلطوية، بتغيير جلدته ويسمح لبوغي بتغيير نهجه؟ حتى شريك رئيس المعسكر الصهيوني في قصة توسيع الحكومة، رئيس الهستدروت، ابي نيسنكورن، فهم بأنه لن يخرج أي شيء جيد من هذا الزواج. بعد الظهر، قبل خمسة دقائق من اعلان هرتسوغ عن تعليق المحدثات مع نتنياهو الى ان تتضح الامور مع ليبرمان، بعث نيسنكورن ببيان الى الصحف اشار فيه الى اعتقاده بأنه لا يوجد أي مبرر لاستئناف المفاوضات. لقد ترك هرتسوغ جريحا ونازفا في الميدان.