حَيّ .. الله حَيّ .. نحن الخيرو العافية ، عكا إليك آتية..
جيشونا الضارية ..
والقدس و حيفا الزاهية ..
كيما نقيم الخلافة ثانية ..
أردوغان ، العز لك ، و المجد لك .. حي حي حي ..
على وقع هذه الدروشات ، و الدردشات ، في إنتظار الإصلاح و التغيير ، و فك الأسر ، و التحرير ، في غزة ، يموت الأطفال من شمعة ، فاجسادهم أضعف من تتحمل كمية الظلام و الظلم الذي تذوب الشمعه و هي تحاول مقاومته ، وقد يموت الأطفال في غزة بسبب غارة من سرب من أحدث الطائرات المقاتلة الصهيونية ، تقعقع و تحرث سماء غزة المحررة ذهاباً و عودة و تزأر و تضرب بلا رحمة الصاروخ تلو الصاروخ ، فيّذهل من يّذهل و يموت الأطفال بالسكتة أو الصدمة قبل أن تقتلهم قوة التفجير أو نار الظلم .. و في غزة يموت الأطفال ، و يموت الأمل ، و يموت الجمال ، و يموت الحب ، و يستمر الدروايش في الرقص ، و التلبيس و التدليس ، بإسم الله ، و يُحمِّلون خطاياهم لغيرهم ، و كل من يعارضهم كافر وخارج على المِلَّة ، و العُرف ، و يستمرون في حلقات ..في غزة يهرب الناس من الموت المفروض ، إلى الموت المقصود ، يهربون من قصف الطائرات و الدبابات ، و من قصف الضرائب ، و تلوث الماء ، و سرطان الطعام ، و من الظلم و الظلمات ، من عَتَه المُّدَّعين ، أصحاب الكروش و القروش و الأوداج المنفوخة ، و الخطب الرنانة ، و البكاء المسرحي ، و مناسف البركة و الثريد المجبول بلبن عصافير الدوحة .. إلى أعماق البحر ، يُودِعُون صَدَفاتِه أسرارهم ..
في غزة ، يهرب الرجال من وجوه أطفالهم ، من المرايا ، من نسائهم ، من أعمالهم ، من حياتهم ، و يبكون بلا دموع ، و يصرخون بلا صوت ، و هم مُستمرن في التصفيق ، و تناول حبوب الوهم ، ولا ينسى رجال غزة أن يذكروا إسم الله قبل الأكل و حمد الله بعد الأكل ، لتكتمل الصورة ، و تتلون بلون مجتمع الصفوة ، و الربانية ..
في غزة ، لا يجد الأباء جثث أطفالهم ، فيدفنون أحلامهم بلاً منهم ، في مقبرة تمتد من بيت حانون إلى رفح
في غزة ، و فقط في غزة ، يحسد الأحياء الأموات على موتهم .. في غزة و فقط في غزة يتمنى الناس الحروب ، و ينتظرون بشوق أي كارثة تحصدهم عن آخرهم ، و تريحهم ..
في غزة ، يعزي الآباء أنفسهم بموت أطفالهم ، أن الحمد لله على موتهم قبل أن يفهموا ، و يقهروا ، أو يكبروا و ليس في ذاكرتهم سوى صور البؤس و الدمار و القهر و الكبت و المرض .. فهنيئاً لهم ..
في غزة يستمع الناس إلى البيانات ، و يشاهدون الشاشات ، بأذان الطرشان و عيون العميان ..
في غزة ، يجب أن تشرب ماء البحر ، و حتى لا تكفر ، بالله ، و حتى لا تخون الوطن ، يجب أن تقر و تعترف و تبتسم و أنت تقر و تعترف ، بأن الماء عذب فرات لذة للشاربين .
في غزة ، يموت أطفالك ، فَيأتي من يحملك صوراً ، و يوقفك في طابور ، و يأمرك أن تستمر بالغناء ، على ألحانه و أن تنضم إلى حلقات الدروشة " حي " مغيباً ، هارباً من كونك ، من رجولتك ، من وطنيتك ، وويل لك إن أنت رفضت : تُشبح و تُهان ، و ربما تُقتل .. و إن أنت هربت ، تركوك لأسماك البحر ، ثم يبكوك ، و يعيدوا الكرَّة مرة تلو المرة ، بنفس الأسلوب ، دون كلل أو ملل !! فَيُحمِّلوا أقاربك و بيت عزائك صوراً لأي أحد غيرهم ، لكل الآخرين ، إلاّ هم ، فهم ربانيون ، هم باقون رغماً عن أنفك و أنف أبوك .