خبر : تغييرات مرتقبة في مراكز القوى في الأمم المتحدة، أميركا، وفرنسا: أيام صعبة تنتظر إسرائيل \ بقلم: شلومو شمير

السبت 06 فبراير 2016 08:33 ص / بتوقيت القدس +2GMT





المبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر دولي للسلام؛ تصريحات الامين العام للامم المتحدة والتي تشرح – تبرر «الارهاب»؛ المنشورات حول قرار الجمارك الأميركية بوسم بضائع من انتاج المستوطنات؛ تعاظم تواجد الاتحاد الاوروبي وتدخله في الخطوات ضد اسرائيل – كل هذه مؤشرات إلى «العاصفة الكاملة»، هكذا وصفها، هذا الاسبوع، دبلوماسي غربي. وعلى حد قوله فان العاصفة تهدد اسرائيل في الساحة الدولية ولا سيما في مجال الامم المتحدة في نيويورك.
لم تولد هذه الخطوات الان بالصدفة، ولم تنشأ في فراغ. فهي نتيجة أمزجة وتقديرات تتبلور في اوساط أجهزة رائدة وذات نفوذ في الاسرة الدولية، قبيل التغييرات الشخصية المرتقبة في البيت الابيض، في كي دورسيه في باريس، وفي المقر الرئيس للامم المتحدة في نيويورك. وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، يوشك على الاعتزال لاسباب شخصية وطبية. الامين العام للامم المتحدة، بان كي مون، سينهي مهام منصبه في نهاية السنة، والرئيس براك اوباما يوجد في نهاية ولايته.
«في السياسة الخارجية لكل واحد من الزعماء الثلاثة لا يوجد انجاز مهم يمكنه أن يتباهى به»، اوضح الدبلوماسي. ولكنهم على حد قوله يتوقون ليخلفوا وراءهم ذكرى من كانوا مشاركين شخصيا في الجهود او على الاقل في محاولة حل ازمة اقليمية مستمرة، ووضع حد للضائقة والمعاناة.
تدخل الحرب في سورية سنتها السادسة؛ ليس لبوتين نية في ترك جزيرة القرم؛ الارهاب البربري لـ «داعش» في العراق وفي سورية ولبوكو حرام في افريقيا مستمر؛ كوريا الشمالية تواصل تجاربها النووية – ولكن الامر الذي في متناول اليد، ومن السهل والمريح اظهار التواجد فيه هو النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني.
التقدير في اروقة الامم المتحدة هو انه في اعقاب التغييرات الشخصية في مراكز القوى وكاعداد لمجيء مسؤولين جدد، من المتوقع حدوث خطوات لن تحبها اسرائيل، على اقل تقدير. وقال المصدر السياسي الكبير في نيويورك: «كنت سأصف هذا بانه اضطراب سياسي».
تصريح الامين العام للامم المتحدة بأن «الارهاب» الفلسطيني هو وليد الاحباط من الاحتلال الاسرائيلي كان تجاوزا جارفا للخطوط الحمر في التصرف تجاه دولة عضو، وانتهاك فظ للعرف الدبلوماسي، وبان كي مون يعرف هذا بصفته رجلا معتدلا وضابطا للنفس.
التقديرات هي أن الاحباط من الجمود المستمر في المسيرة ومن غياب كل مؤشر في الافق اللى استئناف الحوار بين الطرفين، جر بان كي مون الى خروج فظ عن الاسلوب الدبلوماسي مكبوح الجماح الدارج في مداولات مجلس الامن، واغراه ليهجر التزامه بالتوازن في تصريحاته واعلاناته – المبدأ الذي يلتزم هو نفسه به بحرص شديد.
«بعد ما قاله في خطابه في مجلس الامن نقلنا له رسالة تفيد بان ليس للارهاب تفسيرات، وليس هكذا يتم الحديث»، يقول سفير اسرائيل في الامم المتحدة داني دانون. «طلبنا أن يوضح موقفه، فنشر مقالا في «نيويورك تايمز». ولكن مرة اخرى كانت فيه تفسيرات وتملصات من الصدام المباشر مع «الارهاب». والمقال ليس فقط لم يوضح موقفه، بل فاقم موقفه المشكوك فيه، وعزز أقواله المثيرة للخواطر عن «الارهاب». الأمين العام للامم المتحدة ملزم بشجب «الارهاب» بشكل لا لبس فيه لا ان يبحث عن تفسيرات ويتعاطى مع «الارهاب» باسلوب «لكن» و «لعل».
ومع ذلك فان دانون، الذي يسير خطوات الاولى كسفير في الامم المتحدة، يتخذ جانب الحذر من وصف ما حدث مع الامين العام كأزمة في العلاقات. ولا يزال هناك تفسيرات بان رد اسرائيل والسفير دانون على تصريح الامين العام كان ينبغي أن يقال وجها لوجه وفي اجتماع ثنائي مع بان كي مون. «الامين العام رجل نزيه، منطقي ومستقيم»، قال دبلوماسي قديم. «لو كنت محل دانون لالتقيت به وأقنعته بالنزول عن الموضوع». وعلى حد قوله، فان الرأي بان الاحباط الفلسطيني والاحتلال هو من اسباب «الارهاب» ليس محصورا بالامين العام وحده.
«كثيرون في مبنى الامم المتحدة يقولون هذا في احاديث خاصة، لغير الاقتباس»، لاحظ مسؤول يهودي أميركي كبير. «لاحظ انه لم يرد أي زعيم يهودي او تنظيم يهودي مركزي على تصريحات الامين العام». العصبة لمنع التشهير نشرت بيانا «طالبت فيه الامين العام بايضاح اقواله»، وبعد اسبوع من ذلك تذكر رون لاودر، رئيس الكونغرس اليهودي العالمي، بان يشجب اقواله.
* * *
المبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر دولي للسلام هي من شبه المؤكد رد وزير الخارجية الفرنسي فابيوس على فشل مشروع القرار لاستئناف المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين، والذي وزعته فرنسا على اعضاء مجلس الامن قبل اكثر من سنتين. عارضت اسرائيل بالطبع، وأحبطت الولايات المتحدة النقاش على المشروع بأمل ان تجلب الطرفين الى طاولة المفاوضات.
حتى الآن لم تعقب الولايات المتحدة بشكل رسمي على المبادرة الفرنسية الجديدة، ولكن يمكن الافتراض بان وزير الخارجية، جون كيري، لا يعتزم تأييدها. فبشكل ثابت تعارض الولايات المتحدة التدخل النشط من الامم المتحدة، أو أي جهة سياسية اخرى، في النزاع. وترى الادارة فيه مجالا محفوظا لتدخل الولايات المتحدة الحصري.
بالمقابل، يدعي دبلوماسيون بانه كان خطأ من جانب حكومة اسرائيل أن ترفض المبادرة الفرنسية تماما. وقالوا ان «حقها، وربما واجبها ان ترفض مبادرة وزير الخارجية الفرنسي. ولكن القول مرة اخرى ومجددا فقط «لا» لكل محاولة لكسر الجمود – هذه ليست سياسة. هذا سلوك يعلي سور العزلة حول اسرائيل».
ان الادعاء بان العالم ضد اسرائيل يتبين كادعاء مغلوط. فثمة فصل لا لبس فيه بين إسرائيل وسياستها، او للدقة انعدام سياسة الحكومة في الموضوع السياسي. اسرائيل تعتبر قوة عظمى من ناحية عسكرية وقدوة للتقدم التكنولوجي، وتحظى بالتقدير لكونها جزيرة استقرار في قلب منطقة ثائرة ومضطربة. هناك جهات تمتدح سلوك اسرائيل المنضبط حيال انهيار الانظمة والعاصفة الجارية حولها. ولكن في الوقت ذاته ينطلق انتقاد شديد، يصبح مؤخرا فظا أكثر فأكثر ضد ما يوصف بانه الشلل التام في مجال العلاقات مع الفلسطينيين. ان المسؤولية عن الجمود في المسيرة ملقاة على حكومة اسرائيل التي تعتبر يمينية وقومية متطرفة. كما أنه يبدو ملموسا اجماع عام بان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مذنب بحقيقة انه لا يوجد أي مؤشر لجهد او نية من جانب اسرائيل لطرح مبادرة سياسية جديدة.

عن «معاريف»