خبر : السنوات التي غيرت الشرق الأوسط \ البروفيسور أيال زيسر، \ "يسرائيل هيوم"

الثلاثاء 15 ديسمبر 2015 11:13 ص / بتوقيت القدس +2GMT



 الربيع العربي الذي مضى عليه خمس سنوات، هذا الأسبوع، غير بشكل كلي وجه الشرق الاوسط واعاد العالم العربي مئات السنوات الى الوراء، الى عهد الفوضى، وبشكل خاص الى عهد التزمت الراديكالي.

ويشير الى بداية الربيع العربي في تونس وانتقاله الى مصر ثم ليبيا واليمن وسوريا، ويكتب ان الهزة التي داهمت الشرق الاوسط كانت الى حد كبير، نتاج ازمة متواصلة عاشها العالم العربي خلال العقود الأخيرة. وقاد هذه الهزة الجيل الشاب الذي يعتبر نتاج عملية حثيثة لزيادة الجمهور العربي خلال النصف الثاني من القرن العشرين. فبينما كان العالم العربي يضم في مطلع سنوات الستينيات حوالي 100 مليون نسمة، ارتفع العدد بعد 50 سنة، عشية الربيع العربي الى حوالي 400 مليون نسمة، ويتوقع ان يصل في 2050 الى 700 مليون نسمة. ولم يتم توفير كل الموارد المطلوبة لضمان مستوى معيشة يسمح بالعيش الكريم لهذا العدد.

ويقول ان العالم العربي استقبل بالترحيب هذه الهزة على امل ان يحقق شبان "ميدان التحرير" وامثالهم تحولا يسمح للمجتمعات العربية بجسر وتجاوز الفجوة بينهم وبين المجتمعات الغربية، وبالتالي دفع نفسها نحو النمو الاقتصادي وخاصة نحو الديموقراطية. وانضم الكثير من الإسرائيليين الى هذا الترحيب، مدعين ان على إسرائيل ان "تسبح" مع هذه الخطوة التاريخية في الشرق الاوسط وعدم الخروج ضدها، والا فانه سيتم اعتبار إسرائيل تنتمي الى الجانب غير الصحيح من خارطة الشرق الاوسط المتغيرة، وهو جانب الانظمة الدكتاتورية العربية التي اضطهدت شعوبها وتم الان القائها في حاوية النفايات التاريخي.

لكنه سرعان ما تبين ان المقصود ليس ربيعا عربيا، وانما شتاء اسلامي. ففي غالبية الدول وصلت حركات الاخوان المسلمين الى السلطة وسعت الى تلوين العالم العربي بالأخضر (لون العلم الإسلامي). وفي عدة دول، كمصر وتونس اعيد الاستقرار، على الأقل بشكل جزئي. لكنه لم يحدث شيء في الدول الأخرى. ففيها انهارت مؤسسات الدولة، التي يمكن ان تكون قد اعتمدت منذ البداية على اسس متصدعة او ربما مصطنعة، بل تم تحطيم المجتمعات التي عاشت فيها. وهكذا ضمت الهزة سوريا وليبيا واليمن الى القائمة المتواصلة من الدول الفاشلة كالعراق ولبنان والصومال. وهكذا في صيف 2014، استبدل الربيع العربي والشتاء الاسلامي بصيف داعش، بعد تمكن محاربي التنظيم من السيطرة على شمال العراق وعلى شرق سوريا، وتلوينه لها بالأسود (لون علمه). لقد نشأ تنظيم داعش وامثاله في سوريا والعراق وليبيا واليمن من الهزة الاقليمية واجاد استغلال فشل الشبان العرب لقيادة والسيطرة على الاحتجاج والانقلاب الذي حققوه.

ربما كانت إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي ردت بخوف وتحفظ على الاحداث من حولها، خشية ان تسيطر على السلطة في الانظمة المعتدلة التي تعودت عليها، حركات اسلامية كالاخوان المسلمين. لكن إسرائيل لم تتنبأ ايضا بأن الربيع العربي سيقود الى الفوضى التي ستظهر في ظلها حركات جهادية راديكالية ترسخ ذاتها وتسيطر على امتداد حدودها، مثل داعش، الذي وجدت إسرائيل نفسها امامه تفتقد الى قدرة الردع التي تسمح لها بالحفاظ على ميزان رعب يضمن لها الهدوء الطويل سواء على الحدود الشمالية او سيناء.

بهذا الشكل او ذاك، غير الشرق الأوسط وجهه. لقد انهار النظام السياسي، والاخطر من ذلك، استبدل العالم العربي والقومية العربية عالم الطوائف والحمائل والحركة الاسلامية الراديكالية التي تهدد جميعها بإعادة العرب مئات السنوات الى الوراء.