خبر : إسرائيل عام 2020: دولة الفصل العنصري! رجب أبو سرية

الثلاثاء 15 ديسمبر 2015 09:41 ص / بتوقيت القدس +2GMT
إسرائيل عام 2020: دولة الفصل العنصري! رجب أبو سرية





بإجراء مقارنة بين انتفاضتي العام 1987 والعام الحالي 2015، رغم أن إجراء مقارنة عامة وشاملة ربما يكون أمرا مبكرا الآن، إلا انه يفيد لكل من يهتم بهذا الحراك السياسي الفلسطيني، الذي يبدعه الشباب، في وقت ظهر فيه أن القنوط واليأس قد أخذا منا كل مأخذ، المقارنة تشير إلى أن نحو ثلاثين عاما تفصل بين الانتفاضتين، حدثت خلالها مفاوضات واتفاقات وكذلك انتفاضة أو مواجهة مسلحة، وان الانتفاضتين اندلعتا بشكل عفوي، أي دون إعداد أو تخطيط أو قرار من احد، كذلك أنهما أخذتا الطابع الشعبي وإن بتفاوت، كما أنهما واجهتا القوة العسكرية الإسرائيلية بشكل سلمي تقريبا، وان بتفاوت أيضا، وانه بالنظر إلى أن الأولى جاءت بعد عشرين عاما من حرب 67 والثانية بعد عشرين عاما من أوسلو، فهذا يعني ان جيلا شابا «متحررا» من ثقافة هزيمة 67 وآخر «متحررا» من أوسلو، هما من فجر وقاد الانتفاضتين.
الانتفاضتان انطلقتا ـ تقريبا، مع نهاية العام، الأولى في كانون الأول والثانية في تشرين الأول، والأهم أنهما اجتاحتا كل المناطق المحتلة منذ العام 1967، فالانتفاضة الأولى شملت كل مدن وقرى ومخيمات قطاع غزة والقدس والضفة الغربية، والانتفاضة الثالثة، رغم أن البعض يسميها انتفاضة القدس، بسبب اندلاع المواجهة بعد إجراءات إسرائيلية حاولت فرض التقسيم الزماني والمكاني للحرم القدسي الشريف، إلا أن الخليل ورام الله ونابلس وجنين، وحتى غزة الخالية من الوجود الاحتلالي الإسرائيلي الداخلي، أبت إلا أن تشارك من خلال تقدم الشبان إلى الحدود الشائكة «وجر» جنود الاحتلال الإسرائيلي.
الانتفاضة الأولى كانت ذات طابع شعبي أكثر، بينما هذه الانتفاضة، تبدو محملة على أكتاف الشباب والصبايا، فنادرا من نلاحظ مشاركة كبار السن، والسبب يعود، إلى أن الانتفاضة الأولى أبدعت الحجر كسلاح في وجه بنادق الجنود الإسرائيليين، بينما هذه الانتفاضة أبدعت السكين والدهس في مواجهة الرشاش، وهذه تتطلب خفة حركة وركضا، لا يقوى عليه سوى الشباب.
الانتفاضة الأولى أعقبت مجلسا وطنيا توحيديا بعد انقسام داخلي فلسطيني، وبعد خروج من بيروت، وهذه الانتفاضة جاءت في ظل انقسام جغرافي وسياسي ما زال قائما، وتهدف إلى وضع حد له، وجاءت بعد فشل مفاوضات عشرين سنة.
الانتفاضة الأولى توجت بعد نحو خمس إلى ست سنوات بفرض الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية وبالحقوق السياسية للشعب الفلسطيني، بعد مؤتمر مدريد ومن ثم أوسلو، لذا فمن غير الواقعي أن يتوقع احد أن تأتي هذه الانتفاضة بعد أسابيع أو أشهر «برأس كليب»!
المهم أن الانتفاضة الثالثة، قد وضعت حدا لوهم إسرائيلي، استمر عشرين سنة، ومفاده انه يمكن الإبقاء على حالة الأمر الواقع برضا فلسطيني، وان «التعايش» مع الاحتلال في الضفة الغربية والقدس أمر ممكن مع مرور الوقت، ومع ترسيخ سلطة الحكم الذاتي، التي رفضها الفلسطينيون ولم يروا في أوسلو إلا حلا مؤقتا، فيما سعت إسرائيل لإشاعته كحل دائم، وان الانتفاضة الثالثة قد أعادت ثقافة المقاومة الشعبية، وان مرور الوقت بوجود هذا الشكل من المواجهة أمر مختلف عن مرور الوقت، في ظل الهدوء والوهم، والتفاوض من أجل التفاوض!
جاءت هذه الانتفاضة على شكل «الحل الوسط» بين انتفاضة مسلحة تريدها «حماس»، وانتفاضة شعبية/ سلمية تريدها «فتح»، فالشباب الفلسطيني من كل الاتجاهات منخرط فيها، فهي شبابية/ شعبية، ولم تقتصر على نخبة الخلايا المنظمة والتابعة للفصائل، وهي تستخدم السكاكين والدهس، وليس الحجارة، أو اللافتات، كذلك لا تستخدم السلاح الناري، ولا التفخيخ أو العمليات العسكرية أو الاستشهادية!
ومن غير المتوقع، أن يحدث تغير دراماتيكي في أساليب وأشكال الانتفاضة الثالثة، فقط يمكن توقع أن تزيد وهجا وقوة وفاعلية، لو أن (فتح وحماس) وضعتا حدا للانقسام، وقامتا بتشكيل قيادات ميدانية موحدة للانتفاضة الثالثة.
وقد أثبتت الانتفاضة الثالثة نجاعتها، بحيث لم تقتصر الضحايا على جانب واحد، فلأول مرة في فصول المواجهة تخسر إسرائيل من الضحايا البشرية نحو 20% مما يخسره الفلسطينيون.
لابد من الانتباه إلى أن المواجهة الآن، طويلة النفس وتتطلب صبرا، فهي تحدث تغييرا بالنقاط، وليس بالضربة القاضية، وعلينا ألا ننسى أنها تحدث في ظل اضطراب إقليمي، وهي بذلك بحاجة إلى إسناد سياسي، يبدو انه يحتاج بدوره إلى «ثورة تجديد» تغير من حالة الترهل القائمة.
إسرائيل التي واجهت الانتفاضة الثانية بجدار الفصل العنصري، وفصلت بذلك بين الفلسطينيين في القدس والضفة وغزة وبين الإسرائيليين في إسرائيل، لتضع حدا لاستهداف داخلها (ما وراء الخط الأخضر) الذي كان يتم بالعمليات الاستشهادية، بدأت تفكر الآن القيام بعملية «فصل» بين الفلسطينيين والمستوطنين في القدس وبيت لحم، وربما لاحقا في كل الضفة الغربية، وقد نصل للعام 2020، وتكون إسرائيل قد «أنجزت» عملية الفصل العنصري هذه تماما، لكنها حينها ستدرك أنها قامت بعملية انتحار ذاتي، فحتى الـ60% التي سيحصل عليها الفلسطينيون سيكونون قد حصلوا عليها دون اتفاق سياسي يضع حدا للصراع الذي سيبقى إلى أن يتم التوصل للحل الحقيقي إنهاء صفة الاحتلال تماما عن إسرائيل، وإنهاء صفة الدولة العنصرية عن إسرائيل!
Rajab22@hotmail.com