خبر : من الضفة.. ارحمينا يا "غزة"! بقلم : بثينة حمدان

السبت 28 نوفمبر 2015 01:42 م / بتوقيت القدس +2GMT



لا يبدأ النهار بدونكم، لا يكتمل إلا بمحيّاكم الأبي، ولا ينجلي الليل إلا بأقماركم المتناثرة بين حبات رمالكم الذهبية.

نعيش معا تحت غيمة واحدة، نستنشق هواءً واحداً، نبكي لسبب واحد، ونفرح لسبب واحد.

معا نكون نصف فلسطين وفي قلبها القدس، ومع الساحل والجنوب تكتمل خريطة الوطن.

معاً نحن اليابسة وأنتم البحر، نحن اللؤلؤ وأنتم البيت، معاً نكون شعباً واحداً.

شعب يحاول الانقسام أن يفرقه، يحاول الاحتلال أن يقسمه ويفتته، لكن هبة القدس، هبة الخليل، هبة الوطن، ونداء التحرر يمحو كل المحاولات البائسة ويحولها إلى كابوس لضعاف النفوس.. للاحتلال.. للغدّارين.. للجالسين في أبراجهم العاجية البعيدين عن نداء الوطن.

لكن في غزة ما تزال رائحة الدماء تفوح، رائحة الوجع، ، ورائحة الحصار، ورائحة الظلم والقمع الفصائلي.

في غزة، ماتزال يدٌ زرقاء متورمة، وذكرى ساق قوية قضمتها القنابل، وعيون سوداء بحرية فقدت بريقها، ووجه قمحي احترق، وأصدقاء رحلوا، عائلات رحلت في الحصار أو تحت نار القصف أو في بحر الهجرة من موت إلى موت.. وكثيرون ماتوا داخل جدران بيوتهم قبل أن يعلنوا حتى رغبتهم بالتنفس!

في غزة خرج شبابها فتياناً وفتيات ملبين نداء الأقصى، مجروحين معذبين من الاعدامات الميدانية لإخوتهم في الضفة، خرجوا حاملين ما تبقى لهم من حياة.. حملوا الحجارة وقذفوها في وجه المحتل في مناطق التماس.

"ارحمينا.. يا غزة".. نار فراقك لشهداء العدوان الأخير لم تبرد بعد، لم تشف جراحك، ومايزال أطفالك يتلمسون موتاً محتملاً ويستيقظون على صوت قصف "توقف مؤقتاً".

نطلب منك الرحمة.. نطلب الرأفة بحالنا... فإن شهداء الهبة من غزة أكثر وجعاً من كل شهداء فلسطين، وجرحى الهبة أكثر ألماً من تغاضي المجتمع الدولي عن موتنا/ موت الضحية.

غزة.. غزة.. غزة... كم نخجل منك؟ مازلت تملكين أملاً أكبر منا جميعاً وأكبر من وهم إعادة الإعمار.. نعم نخجل ونرجوك أن تضمدي جراحك أولاً وثانياً وثالثاً ... وعاشراً، نريدك قوية حين نكون تحت النار، وسنكون أقوى حين تكونين تحت النار.... عاشت غزة.. عاشت فلسطين.. عاشت الحرية التي تخلق من الموت حياة.