خبر : على أبواب الأمم المتحدة مجدداً ! رجب أبو سرية

الجمعة 11 سبتمبر 2015 03:51 م / بتوقيت القدس +2GMT
على أبواب الأمم المتحدة مجدداً ! رجب أبو سرية





مؤقتا، هدأت الجلبة التي أحدثتها دعوة الرئيس محمود عباس لعقد جلسة خاصة أو استثنائية للمجلس الوطني الفلسطيني، تلك الدعوة التي أثارت رد فعل رافضا من قبل حركة حماس، التي رأت عن وجه حق بأن جلسة الوطني، ستعني ترتيبا داخليا دون حضورها أو وجودها، لأنها ستكون أمام خيارين أحلاهما مر، فإما أن تشارك بأقلية عضويتها في المجلس (نوابها في التشريعي) وهذا أمر يستحيل أن تفعله، أو أن تترك لـ "فتح" والرئيس إعادة ترتيب البيت الفلسطيني دونها.
صحيح أن الرئيس عباس كان يهدف إلى تحقيق أكثر من غاية من عقد المجلس الوطني، أو على الأقل توجيه رسائل ضاغطة على أعدائه وخصومه في أهم ملفين ما زال يسعى إلى إنجازهما طوال فترته الرئاسية، وهما ملف التفاوض مع العدو الإسرائيلي، وملف إنهاء الانقسام مع الخصم السياسي، حماس، لذا كان تأجيل عقد الجلسة حتى آخر العام يعني، عدم إغلاق هذا الملف، ولكن منحه الوقت للترتيب له بشكل أفضل.
السؤال هنا، أنه إذا كان من الطبيعي بين الأطراف السياسية، خاصة حين يتدخل طرف ثالث، ويتم التوصل لحل حتى لو كان مؤقتا، يدور حول ما تحقق من وراء التأجيل، حيث إنه من البديهي القول إن أبو مازن حين يضغط على حماس فمن اجل أن تقبل بفتح الأبواب أمام مصالحة حقيقية تضع حدا للانقسام، وان مطلبه الواضح هو تمكين حكومة التوافق، أو حتى حكومة وحدة وطنية من الحكم في غزة، فهل فتح قرار التأجيل الباب الموصد أمام هذا الأمر ؟
يبدو أن فترة الثلاثة أشهر القادمة ستجيب عن هذا السؤال، خاصة وان طرفي الخصومة الداخلية يعيشان كلاهما مأزقا سياسيا، فـ "حماس" تكاد تكون معزولة تماما، وبلا حلفاء، وحتى ما لاح في الأفق من حل لمأزق الحصار، عبر صفقة تركية، بإقامة ممر مائي يصل غزة بقبرص، سرعان ما تبخر في الهواء، فيما السلطة تواجه انسداد أفق تاما فيما يخص المفاوضات، في الوقت الذي تطلق فيه إسرائيل قطعان المستوطنين، بهدف حرق الأرض في الضفة الغربية تحت أقدام السلطة، من خلال حرق البيوت والعائلات الفلسطينية.
وبقاء حالة الانقسام، يضعف تماما الموقف الفلسطيني، ليس على الصعيد السياسي وحسب، ولكن على صعيد مواجهة العنف والإرهاب الاستيطاني بمقاومة شعبية سلمية، تتطلب وحدة داخلية ورصا للصفوف، لذا فإن بقاء الحال على حاله، يعني إطلاق أيدي الاحتلال ومستوطنيه، وشل أيدي الفلسطينيين بالمقابل.
يحاول إذا الرئيس محمود عباس، تحريك الحالة السياسية الراهنة، وعدم البقاء مكتوف اليدين، وهو إن كان قد اكتفى بتوجيه الرسائل، من خلال التلويح بعقد جلسة الوطني، ومن ثم تأجيلها، فذلك، لأنه من شبه المؤكد، أن ثلاثة أشهر ستكون كافية "للتحضير" لعقد جلسة الوطني العادية، والتي ستتوج إما بدخول حماس والجهاد الإسلامي في م ت ف، أو بدخول الجهاد - ربما، وذلك مرتبط بعقد اللقاءات بين الفصائل خلال تلك الفترة، فان نجحت في التوصل لاتفاق داخلي سيكون الرئيس عباس قد حقق اكبر واهم إنجاز سياسي في حياته كرئيس للشعب الفلسطيني، وهذا أمر يستحق بالتأكيد الانتظار ثلاثة أشهر أخرى، ليركز الآن على محطة الجلسة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة.
ما كان يمكن أن يتخذه المجلس الوطني من قرارات، لو أنه كان قد انعقد، بإمكان الرئيس أن يضمنه خطابه الذي ينوي إلقاءه في المنظمة الدولية، نشير بذلك إلى معاودة شن الهجوم السياسي على الاحتلال الإسرائيلي، ويبدو أن الرئيس، هذه المرة، سيثير أمر تنصل الجانب الإسرائيلي من اتفاقات أوسلو التي عقدت بين الجانبين قبل أكثر من عشرين عاما، وكان يجب أن تتوج بعد خمس سنوات فقط من إبرامها، بإنهاء الاحتلال !
بما يعني ضرورة أن يشارك المجتمع الدولي بعقد اتفاق جديد بين الجانبين يحقق الهدف، الذي فشل في تحقيقه الطرفان، بعد توقيعهما أوسلو، والذي يظهر عجزهما عن التوصل - بمفردهما، وعبر مفاوضات مباشرة، كما تقول تل أبيب وواشنطن - إلى حل، بما يتطلب ويوجب تدخل المنظمة الدولية والمجتمع الدولي لوضع حد لآخر وأسوأ احتلال ما زال موجودا على ظهر الكرة الأرضية، لأراضي دولة هي عضو في المنظمة الدولية !
تلك المهمة التي يسعى الرئيس محمود عباس لانجازها، وبالتالي يعتبر نفسه بعدها قد أدى مهمته تجاه شعبه الفلسطيني على أكمل وجه، مهمة إنهاء الاحتلال ومهمة إنهاء الانقسام، ولأنه يدرك أن اللجوء للعنف في مواجهة الملفين يؤدي للنتيجة العكسية فإنه ما زال رابط الجأش يتحلى بالصبر، ولكنه في الوقت ذاته لا يمكنه أن يضع يده على خده وينتظر الحل من السماء !
الأخبار تشير إلى أن هناك تحركا من الرباعي الدولي، لإعادة الحياة للملف الفلسطيني، بالتعاون من الجامعة العربية، ولأن إسرائيل وأميركا تدركان معا، أن الجانب الفلسطيني، عادة وخلال السنوات الماضية، جعل من محطة اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة محطة فارقة، فانه لن يكتفي فقط بإلقاء خطابه الذي "يمسح فيه الأرض" بالاحتلال الإسرائيلي، بل انه سيجعل من تلك المناسبة، فرصة للذهاب بعد ذلك إلى الجنايات الدولية، وفتح ملفات تثير القلق عند الإسرائيليين، ولعله من السهل التقدم بملفات "حرق آل دوابشة" ومحمد أبو خضير، خاصة بعد أن اعترف وزير الحرب الإسرائيلي موشيه يعلون بأن الشاباك الإسرائيلي يعرف هوية المتطرفين الذين حرقوا عائلة دوابشة ولكنه يكتفي باعتقالهم إداريا ولا تقدمهم للمحاكمة وهم بالاسم: مئير إيتينغر ومردخاي ماير وإفياتار سلونيم.
Rajab22@hotmail.com