خبر : على الدولة ان تعرف كيف تدافع عن نفسها \بقلم: اللواء احتياط يعقوب عميدور \ اسرائيل اليوم -

السبت 15 أغسطس 2015 03:34 م / بتوقيت القدس +2GMT



 

       الاعمال التي تقوم بها محافل الارهاب اليهودي، والتي تسمي نفسها ويسميها الاخرون باسماء مختلفة، تلحق ضررا جسيما بدولة اسرائيل، ولكن لا يمكن تشبيهها بقتل طفلة بريئة في مسيرة الفخار على يد متزمت ديني. يشاي شليسل هو مجرم يحركه مذهب فكري، ولكن ليس خلفه اغلب الظن اي منظمة او جماعة. وهو على ما يبدو مريض نفسي او مجرم اخطأت المحاكم في حكمه والشرطة لم تقدر على نحو سليم اجرامه، ولكن هذه ليست ظاهرة جماعة ارهابية.

 

          وبالمقابل فان الارهاب اليهودي الموجه ضد العرب، وفقط لانه عرب هو ارهاب منظمة وهو يأتي من اوساط جماعة واضحة تدفعه الى الامام وتبرره، وليس له حدود – كل عربي هو ضحية محتملة، هذا الارهاب مرفوض وضار على ثلاثة مستويات على الاقل:

 

1.   مستوى صراع اسرائيل ضد محافل الارهاب في العالم.

 

اسرائيل ستجد صعوبة في أن تشرح لماذا عندما لا تنجح في تصفية الارهاب الداخلي فيها، تنزل باللائمة على الاخرين ممن لا يفعلون ما يكفي كي يقاتلوا ضد الارهاب الذي يعمل عندهم. والقول: "اعملوا عندكم قبل أن تزايدوا على الاخرين، سينطلق في العالم أكثر فأكثر. اما مطالباتنا بالحاجة الى معالجة اكبر للارهاب الاسلامي ضد اليهود في ارجاء العالم فستبدو اضعف، في الوقت الذي يوجد فيه عندنا ارهاب يهودي ضد المسلمين وتحرق مؤسسات دينية مسيحية (والحمد للرب انها بلا اصابات).

 

2.   المستوى الرسمي اليهودي في بلاد اسرائيل.

 

اظهار سيطرة اسرائيل كدولة هام لكل من يريد استمرار وجودها في منطقة مفعمة بالاحتكاك كمنطقتنا. ناهيك عن أن هذا المبدأ هام حتى اكثر لدى كل من يحلم ويأمل الا تقسم بلاد اسرائيل، وان تكون دولة اسرائيل صاحبة السيادة بين البحر والنهر.

 

كيف يمكن لاحد ما ان يفكر في ذلك وان يدفع الى الامام خطوات في هذا الاتجاه، اذا لم تكن دولة اسرائيل تنجح في اقامة حكم ناجع على مواطنيها هي في داخل هذا المجال؟ فكلما احترقت الارض، فان الضغط "لايجاد حل" في شكل فصل بين اليهود والفلسطينيين سيزداد، وفي المستقبل لا يكون هناك اي احتمال في تحقيق حتى ولا قبول صامت في العالم لسيطرة اسرائيلية في المناطق في وضع من الارهاب المستمر، وبالتأكيد الارهاب اليهودي.

 

     لم تعترف اي دولة في العالم في حق اسرائيل بالسيطرة على الفلسطينيين. ولكن الكثير منها تفهم بانه لا يوجد الان بديل إذ لا يوجد عنوان للمفاوضات او للاتفاق في الطرف الاخر. قسم (صغير) من دول العالم تفهم حتى مخاوف اسرائيل من تعاظم الارهاب العربي، ان لم تسيطر اسرائيل  على المنطقة. كل هذه الحجج الامنية ستتبدد اذا ما وقعت احداث ارهاب يهودي كثيرة في المنطقة، اذا ما شعر العالم بان حياة الفلسطينيين غير آمنة تحت الحكم اليهودي المفروض عليهم.

 

3.   المستوى الاخلاقي.

 

"لا تقتل" هو قول واضح ولا لبس فيه في الوصايا العشرة، دون تمييز بين يهودي او غير يهودي. ومنع سفك الدماء هو واجب اسمى حتى لبني نوح وليس فقط لليهود، وهو ينطبق على عموم ابناء البشر. وحتى حين كان مسموحا حسب القانون فرض عقوبة الموت على خطايا معينة، قرر حكماؤنا في سدة الحكم بان قرارا كهذا مرة كل سبعين سنة، يعتبر "قتلا".

 

          حجة "هم ايضا يقتلون" مهينة ومثيرة للحفيظة، الا اذا كان احد ما يريد أن يتشبه بداعش أو بحماس، فأحد لا يفكر بقتل مواطنين فلسطينيين، اطفال او كبار، سيردع اي من محافل الارهاب التي تعمل في المنطقة. فهذا قتل لغرض تخويف المواطنين الابرياء، ولهذا فانه يستجيب للتعريف الاكثر تشددا للارهاب (جبان).

 

          اختبار الحل

 

          يعرف العالم اليهودي جيدا ظواهر التزمت الاجرامي في اوقات الضغط. هكذا كان في زمن الحصار الروماني في القدس. الحكم في حينه كان اضعف من ان يعالج اولئك المتطرفين، الذين سرعوا بافعالهم النهاية – إذ اضعفوا بجسارتهم المتطرفة والاجرامية قدرة صمود سكان القدس. كانوا واثقين من أنهم يعملون باسم الرب تعالى اسمه وبتكليف منه، بما لا يقل قناعة من محافل الارهاب اليهودي اليوم.

 

          حيال تحديات من هذا القبيل لا يكون للدولة بديل غير الدفاع عن نفسها. من نواح معينة يعد هذا تهديدا اشد من تهديد الارهاب العربي رغم أن الاخير هو بالطبع اجرامي عشرات الاضعاف. ولما كان الخطر هنا ينبع من داخل المجتمع اليهودي، مجتمع الاغلبية الحاكمة للاخرين، فان خطر فقدان التحكم يصبح اكبر بكثير.

 

          فضلا عن ذلك، فان استمرار هذه الافعال يخدم كما اسلفنا دعاية اعدائنا. حيال عدو خارجي يعرف المجتمع في اسرائيل كيف يتحد ويتصدى. فهل ستكون له القوة وسيبقى تراصه عندما يتعاظم الارهاب الداخلي. لست واثقا من أن الجواب على ذلك ايجابي، وبالتأكيد ليس جوابا يسهل الرد عليه بالايجاب.

 

          دولة اليهود الحديثة توجد في بداية طريقها. ثمة غير قليل ممن يشككون في قدرة اليهود على ان يقيموا على مدى الزمن حكما سياديا ناجعا. حتى الان صمدت دولة اسرائيل بشرف عظيم في اختبار الاقامة والوجود، والان عليها أن تصحو. لقد وجدت الدولة حلولا جيدة لتهديدات الارهاب الخارجي، الارهاب العربي أو الايراني الذي مصدره من خلف الحدود، في داخل يهودا والسامرة وحتى في داخل الحدود القديمة للدولة (ما يسميه الكثيرون "الخط الاخضر").

 

          والان عليها أن تجد حلا للارهاب المستمر الذي تقوم به محافل متطرفة في اوساط المواطنين اليهود. يدور الحديث عن جماعة صغيرة للغاية، لا تمثل بسلوكها غير قلة قليلة جدا من العاطفين من خارجها، وليس لها دعم واسع في اي مكان.

 

          بعد زمن طويل كهذا لم ننجح فيه في الدخول اليها واعتقال معظم اعضائها، تعترف اجهزة انفاذ القانون، المخابرات والشرطة، بانه بالادوات التي تحت تصرفها فشلت في المواجهة، والواقع يثبت ذلك بوضوح.

 

          وعليه، فيجب النظر في الوسائل الاخرى التي لدى الدولة كي تقاتل الارهاب، صغير الكمية ولكن عظيم الضرر. هكذا مثلا، لا ينبغي الخوف من الاعلان عن هذه المنظمات "منظمات ارهابية"، لا ينبغي الامتناع عن الاعتقالات الادارية إذ فيها منفعة، ولا ينبغي الخوف من رفع العقوبات على الافعال السيئة، بشكل كبير ورادع.

 

          يحتمل ان يبدو بعض هذه الوسائل للمراقب الحيادي تعسفية بالنسبة لما ينبغي للديمقراطيات ان تتعامل به تجاه مواطنيها، ولكن ينبغي الفهم – في ضوء الخطر الكبير النابع من افعال منظمات الارهاب اليهودي، بانها مبررة كل هذه الوسائل على أن تتوقف الظاهرة المقلقة.