خبر : المشكلات الاجتماعية وردة الفعل ..صلاح هنية

السبت 25 يوليو 2015 01:33 م / بتوقيت القدس +2GMT




برزت في الاونة الاخيرة حالة متصاعدة من القتل والضرب يتلوها ما يسمى بفورة الدم ( التي سماها خطيب الجمعة امس فورة الجاهلية الاولى ) ومن ثم ترتب امور جلاء عائلة واقرباء القاتل وصك العطوة ....
وبرزت ايضا في الاونة الأخيرة قضايا التسيب في الشارع من حيث ممارسة التفحيط وايذاء الناس وانفلات السيارة واستقرارها على سور احدى المنازل او داخل المنزل، ورافقها انفلات من بعض المتسكعين الذين يؤذون الناس بالكلمات النابية والنظرة المقرفة والتعليق كنوع من التطقيس.
وصار لدينا حالة من النكوص للوراء دون مواكبة العصر فبتنا نصغر دائرة الانتماء ( العائلة، العشيرة، الحي، الانتماء الديني، الانتماء السياسي ... الخ) وبتنا ننظر للامور من هذه الدوائر الصغيرة التالفة فنحكم على الاحداث الناجمة عن المشكلات الاجتماعية من منطلق هذه الدائرة، ونحكم على الاحداث ضمن قوالب جاهزة غير فاعلة.
في الثمانينيات كنا نعمل ضد كل هذه الاطر الضيقة ونقاتل ضدها ونرفض ان نصبح ابناء الحارة والقرية بل نحن ابناء فكرة أنبل وأكبر واهم، ومع دخولنا العام 2015 بقينا على ما نحن فيه فوجدنا انفسنا خارج كل التسويات والصفقات وبات ابناء الدوائر الاصغر والنظرة احادية الجانب هم الحاضرين بقوة، كنا في الثمانينيات نضع التقييم بناء على الاقدمية النضالية والقدرات النقابية والمستوى الثقافي والعلمي وننجز في كل مكان لأننا كنا نعرف الى اين؟ لم يتمكن تاجر مخدرات من اختراق موقفنا، ولم يتمكن عشائري من فرض رؤيته علينا، ولم يتمكن متسلق أن يكون متقدما، في العام 2015 باتت العشيرة والانتماء الاضيق والمال والنسب هما الاساس في الموقع الاجتماعي للفرد وبالتالي غالبا ما يكون سببا في المشكلات الاجتماعية وهو يمتلك الشعور انه محمي بواحدة من العناصر الزائفة.
وتستمر سطوة المال بمعزل عن الثقافة والوعي والقيم والتي تعزز المشكلات الاجتماعية وتشكل محراك لنارها، عندما تفتح نقاشا مع واحد من هؤلاء لخفض سعر سلعة معينة تجد حوله اشخاص غرباء الاطوار يناصرونه بصورة لا تعلم من اين اتت هذه الجوقة، وفجاة تنتبه ان احدهم يمتلك سيارة نمرة صفراء نتيجة لاختلاف السلوك والتوجهات فيطلق صافرة البداية لحملة مضادة تشير اننا في الضفة الغربية بالف نعمة اللي بنحصل هذا السعر، والغريب انه يأتي ليشتري بالسعر المنخفض ليبيع هناك بالضعف ويشجع الذي عنا ان يرفع السعر اسوة بهناك.
اكثر من نصف مشكلات المجتمع وتفاقمها سببه الرئيس ثقافة ( الدق على الصدر) وقول (عندي ) وهؤلاء يذهبون عندما تقع الواقعة ويدقون على صدورهم ولا يوفون وبالتالي تستمر المشكلة بالتفاقم والتصاعد، رغم أن القاعدة ان الحق لا يرضي اثنين او طرفين وبالتالي لا تخشوا بالحق لومة لائم بدلا من الدق الصدور وقول (( عندي)).
الفقر والبطالة جزء من المشكلات الاجتماعية ومكون اساسي من مكوناتها ولكن العديد من المخولين على محاربة الفقر والبطالة لحل المشاكل الاجتماعية وكف اذاها عن المجتمع، بعض المخولين لايكادون يشعرون ان هناك فقرا، ولا يشعروا ان هناك تراجع قدرة شرائية تسبب ضيقا وقد تقود الى التوجه صوب الرشاوي والاختلاس، لذلك تظل المعالجات عاجزة وضعيفة.
المتابع يقرأ عددا من اعلانات الشجب والاستنكار والشكر «لسوء تصرف ابننا والاعتداء على فلان» ومطالبة برفع مظلمة وهذا يدلل ان حجم المشكلات الاجتماعية بازدياد الامر الذي يتطلب تدخلات حاسمة قوية عنواينها:
سيادة القانون واستقلالية القضاء
اشاعة روح العدالة الاجتماعية ورفع الظلم
تطوير مكونات الامن والامان
خارج النص:
احدهم رفع قضية ضد شخص اخر في المحاكم في القدس المحتلة وقال لي: يا رجل يحدد القاضي موعدا للنظر في القضية بالتفاهم مع محامي الطرفين وينفذ الموعد بالدقيقة والثانية وينظر في القضايا.
احدهم كان يحمل ورقة قرار محكمة فلسطينية مرت في محكمة البداية والاستئناف والعليا مفتخرا سعيدا وفي الثلاثة صدر حكم في فترة زمنية اقل بكثير من الفترة التي امضاها الشخص يركض هو وموظفو شركته بين وزارة الاقتصاد الوطني ومسجل الشركات والجمارك والخارجية لاخراج اوراق تثبت صدقية موقفه ليقدمها للمسؤولين طلبا لاحقاق الحق، وعندما توجه للمحكمة حصل بصورة اسرع من التفاهمات والنقاشات فنسخ نسخا من القرار وبات يوزعه وكأنه يوزع الحلوى لأحبته.