خبر : غزة.. تفجيرات ورسائل ... بقلم: يونس السيد

السبت 25 يوليو 2015 07:46 ص / بتوقيت القدس +2GMT



مشهد التفجيرات الخمسة المتزامنة التي أفاق سكان قطاع غزة على وقعها صبيحة ثالث أيام عيد الفطر المبارك، ربما تكون جرس الإنذار الأخير قبل وقوع محظور الفتنة التي بات من الواضح أنه جرى، ويجري التخطيط لها منذ وقت طويل لإغراق القطاع وكل الأراضي المحتلة في أتون اقتتال داخلي وحرب أهلية لا تبقي ولا تذر، وبالتالي تصفية القضية الفلسطينية، خدمة لأجندات خارجية إقليمية ودولية، وتحقيق ما عجز الكيان الصهيوني عن تحقيقه عبر عقود طويلة من الحروب والقتل والتهجير والاستيطان والتهويد.
حملت هذه التفجيرات التي جاءت متزامنة مع الذكرى الأولى للحرب العدوانية الصهيونية الأخيرة على غزة، أكثر من رسالة على غاية من الخطورة، لم يجر التعامل معها بالجديّة المطلوبة، مع الأسف، فهي وان حملت بصمات تنظيم «داعش» كما ظهر على أحد الجدران المقابلة لإحدى التفجيرات، إلا أنها استهدفت سيارات مسؤولين في الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة، وهذه بحد ذاتها رسالة أتت بعد تهديدات مباشرة أطلقها التنظيم الإرهابي في غزة والقدس المحتلة.

 وجاءت بعد سلسلة طويلة من التفجيرات شهدها القطاع، خلال السنوات الأخيرة، وكلها كانت تستهدف إيقاع الفتنة، مستفيدة من الانقسام الداخلي، وترافقت مع تهديدات بالتكفير ومطالبة سكان القطاع بتغيير منهج حياتهم والعودة إلى الشريعة كما يراها هؤلاء التكفيريين. صحيح أن هذه التفجيرات لم توقع ضحايا حتى الآن، ولكن هنا تكمن الخطورة، فهي تريد أن تلفت الانتباه إلى أن الضحايا يمكن أن يقعوا في المرة القادمة، وأن قطاع غزة ليس بمنأى عما يحدث في دول الجوار الإقليمي من قتل وخراب وتدمير بعد «الثورات العربية »، وهذه رسالة ثانية.

 وهناك رسائل كثيرة حملتها هذه التفجيرات، بعضها يتعلق بتعميق الانقسام ومنع المصالحة الوطنية، والآخر يتعلق بأجندات إقليمية ودولية للضغط باتجاه التوصل إلى اتفاق تهدئة طويلة الأمد مع الكيان الصهيوني يجري العمل على تحقيقها سراً وعلناً. 

ولا جدال في أن الكيان هو المستفيد الأول من كل ذلك، وإلا فما معنى محاولات إثارة الفوضى عبر إطلاق صواريخ عبثية، تهدد الجماعات السلفية بإطلاق المزيد منها، ليس بهدف محاربة الكيان، وإنما "لاستجرار" عدوان صهيوني جديد، بينما لم تتم إزالة آثار العدوان السابق، أو فك الحصار المفروض على القطاع.
المشكلة الحقيقية تكمن في إخفاق الفلسطينيين، سلطة وفصائل مقاومة، في التعامل مع يخطط لتصفية قضيتهم، إما بعدم فهم ما يحاك لهم، أو الاستخفاف به ثم كيل الاتهامات لبعضهم بعضاً، فعلى الرغم من التحقيقات التي تجري، قيّدت معظم التفجيرات باسم فاعل مجهول، بينما تزايدت الشكوك الداخلية، في وقت كان على الجميع أن يدرك أن الجميع مستهدف، وأن كرة النار المتدحرجة التي بدأت في غزة قد لا تتوقف قبل أن تدحرج رؤوس الجميع، وعندها لن يكون بمقدور أحد أن يقول «أُكلت يوم أكل الثور الأبيض». فالقضية الفلسطينية لم تكن يوماً قضية مذهبية أو طائفية ولن تكون، وكل رصاصة لا تذهب باتجاه فلسطين المحتلة هي مشبوهة، وكذلك الصواريخ العبثية التي لا تخدم سوى الكيان. 
عن الخليج الاماراتية