خبر : فيسك يسخر من جبهة النصرة وخطاب زعيمها ويتحدث عن دور قطر والجزيرة في خراب سوريا

الإثنين 08 يونيو 2015 08:10 م / بتوقيت القدس +2GMT
فيسك يسخر من جبهة النصرة وخطاب زعيمها ويتحدث عن دور قطر والجزيرة في خراب سوريا



لندن -نشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا لروبرت فيسك، حول محاولات جبهة النصرة للحصول على دعم أمريكا، قائلا إن تلك المحاولات بدأت على قناة "الجزيرة"، التي تمولها دولة قطر.

ويصف الكاتب في مقاله، هذه المحاولات بأنها أسلوب تسويق واضح، ويقول إنه "في الوقت الذي تبحث فيه أمريكا عما تقوله بشأن سياستها الشرق أوسطية غير الموجودة، تأتي جبهة النصرة، المتسمة بقطع الرؤوس والقتل الطائفي، والتابعة لتنظيم القاعدة، لتقترح أنها هي الجهة المعتدلة التي تبحث عنها واشنطن لمحاربة نظام الأسد في سوريا". 

ويسخر فيسك من كلام الجولاني عن أن الأقليات في سوريا تستطيع العيش في كنف الإسلام، فيقول: "وهل تكون جبهة النصرة عدوا للمسيحيين والعلويين والأقليات الأخرى في سوريا؟ إن ذلك غير ممكن". مشيرا إلى أن جبهة النصرة تعد تنظيم الدولة تنظيما فاقدا للشرعية. 

ويقول الكاتب إن هذا "هو الوعد الذي أعطاه قائد المليشيا الإسلامية التي كانت تتسابق مع تنظيم الدولة (اللاشرعي) في الحرب على (كفار) سوريا، أبو محمد الجولاني. فما أن أخذت النصرة إدلب وجسر الشغور وأريحا من الجيش السوري، حتى أخذ تنظيم الدولة تدمر، وهذا سباق حقيقي. ولكن الجولاني هو رجلنا و(الخلافة) غير شرعية؛ لأن العلماء رفضوها، وقد قتل تنظيم الدولة 700 عضو من جبهة النصرة، وعلى التنظيم التوبة والرجوع إلى (أهل السنة)، (وهذه الفقرة تدل على أن جبهة النصرة بقيت كما هي دائما ولم تتغير)". 

وتشير الصحيفة إلى أن حملة العلاقات العامة بدأت الشهر الماضي على قناة "الجزيرة"، وأن المصادفة العجيبة هي أن قطر من يمول القناة، ومعظم "المقاومة" في سوريا ضد نظام الأسد تمولها قطر أيضا. كما أن هناك كلاما بأن قطر تريد نظاما معاديا لحزب الله في سوريا وحاميا لإسرائيل، فلن تجد أمريكا أفضل من هكذا صديق. 

ويلفت فيسك إلى أنه "خارج دمشق يمكنك رؤية قصر والد أمير قطر غير مكتمل البناء، من الأيام التي كان فيها الأمير على علاقة جيدة بعائلة الأسد، وقبل سنة ونصف قامت قطر بدفع الملايين لإخلاء سبيل الراهبات المسيحيات من يبرود شمال دمشق، وقد شكرت الراهبات جبهة النصرة على حسن المعاملة، كما قمن لاحقا بشكر بشار الأسد، ما حير السوريين مؤيدين ومعارضين".

ويجد الكاتب أنه مع خروج الراهبات كان بإمكان رجال بشار دخول يبرود دون قتال يذكر، إلى درجة أنه كانت هناك تخمينات بأن قطر قد ترضى عن بقاء الأسد وعائلته في الحكم في سوريا جديدة، وحتى إعمار البلد بالأموال القطرية؛ كي تملك قطر أكبر قطعة أرض تمتد بين حدود الأردن وتركيا.

ويوضح فيسك أنه حينها يستطيع الأمير الحالي القيام بإنهاء بناء قصر والده، ويفرض شروط السلام للشرق الأوسط، ويعزل السعودية عن دورها كونها صانعة الملوك في المنطقة العربية، وستكون هذه إمبراطورية أكبر من "الجزيرة". 

ويرى الكاتب أنها "مغامرة أضمن من مغامرة كأس العالم، وأدعو القارئ العزير ألا يضحك، فهكذا تنتشر الأحلام في الشرق الأوسط، وما عليك إلا أن تستمع للجولاني ماذا يقول حول طموحاته في سوريا: (مهمتنا هي إسقاط النظام ورموزه وحلفائه مثل حزب الله)". 
 
ويبين فيسك في مقاله، أن هذا يختزل سياسة أمريكا، إن كانت لها سياسة، مشيرا إلى قول الجولاني إنه قد وصلته تعليمات من تنظيم القاعدة توصيه بعدم مهاجمة الغرب. 

ويتوصل الكاتب إلى أنه "ليس هناك خطر بأن يعود الجهاديون إلى مانشستر أو واشنطن للقيام بتفجيرات. وحتى أن جولاني، الذي أبقى وجهه مخفيا طيلة المقابلة، قال إن هناك عددا بسيطا من الأمريكيين معه في جبهة النصرة، فلا توجد مشكلة ترجمة عندما ترسل وكالة الاستخبارات المركزية أولى شحنات الأسلحة للجبهة". 

وينوه فيسك إلى أن المشكلة هي "أن وكالة الاستخبارات المركزية أرسلت كميات من الأسلحة لسوريا عبر تركيا بشكل رئيس، ولا مناص أن تكون تلك الأسلحة وقعت في أيدي جبهة النصرة، وما كان يسمى بالجيش السوري الحر وغيرهما من التنظيمات، كما يحصل في الأسلحة عندما تهرب عبر الحدود، ويحاول (الاشخاص السيئون) شراءها من (الأشخاص الجيدين). ويمكنك التأكد بأن عملاء المخابرات الأمريكيين على الأرض يعرفون الجبهة بحذافيرها، إن لم تكن واشنطن تعرف الكثير عنها".

وتذكر الصحيفة أن هذا كله لفترة قصيرة طبعا، فأمريكا أيدت نظام الأسد لسنوات، حيث كان حافظ الأسد مفتاح السلام في الشرق الأوسط بالنسبة لأمريكا، وخلفه بشار الأسد، الذي كان يعد حاكم التكنوقراط، الذي سيحدث سوريا، ويكمل مسيرة السلام التي بدأها أبوه مع إسرائيل. وأحبه جورج بوش لدرجة أنه أرسل إليه السجناء للتحقيق الجدي معهم من جلادي سوريا.  

ويفيد الكاتب بأنه بعد ذلك "جاءت الثورات العربية، ودعمت الولايات المتحدة معارضة الأسد، حيث بدت فكرة جيدة وأخلاقية بالنسبة لوزارة الخارجية في وقتها، وقرر حزب البعث خلاف ذلك، ومن الصحراء خرج قاطعو الرؤوس. إن التسلسل مشبوه لدرجة أن كثيرا من العرب يعتقدون أن تنظيم الدولة وجبهة النصرة صناعة أمريكية، فلا تسأل مثلا لماذا لم يفعل تنظيم الدولة شيئا لفلسطين، ولماذا يعالج جرحى جبهة النصرة في الجولان في المستشفيات الإسرائيلية؟".

ويخلص الكاتب إلى أن "حروب الشرق الأوسط الحقيقية، وليست الصورة المنتجة على الحاسوب، ستولد جبالا من الدراسات ورسائل الدكتوراه في السنوات القادمة، وسيبحث العديد منها بجانب من وقفت أمريكا، ولكن الآن يقاتل قتلة جبهة النصرة قتلة النظام، ويدعون أن قتلهم أقل إيلاما من قتل تنظيم الدولة، فعلى الأقل لا تصدر جبهة النصرة أشرطة فيديو لعمليات القتل، وهذا عمل علاقات عامة جيد، وسيأكل الأمريكيون الطعم بالتأكيد".