خبر : حين تتعطل ايران يصبح حزب الله المشكلة الملحة \بقلم: عاموس هرئيل \ هآرتس

الأحد 26 أبريل 2015 12:50 م / بتوقيت القدس +2GMT



 

          وقعت الغارات الجوية المنسوبة لاسرائيل فجر أمس في سوريا، اذا ما تمت حقا كما تدعي وسائل الاعلام العربية، بعد عدة تصريحات لمسؤولين اسرائيليين كبار حذروا فيها من تسلح حزب الله. بعد بلورة اتفاق الاطار بين ايران والقوى العظمى حول لجم برنامجها النووي، في بداية الشهر في لوزان تم الابراز في بعض الردود الاسرائيلية الخطر الذي في استمرار نقل السلاح الايراني، عبر سوريا الى حزب الله. في زيارة لمناورة قام بها الجيش الاسرائيلي في هضبة الجولان في 15 نيسان اتهم وزير الدفاع موشيه بوغي يعلون ايران باستمرار تسليح حزب الله. أما في رسالة الى وزير الخارجية، بعث بها مدير عام الوزارة نيسيم بن شطريت ونشر مضمونها في ذات اليوم في "هآرتس" فقد ذكر تسليح حزب الله بصفته المسألة الاكثر الحاحا وحرجا من ناحية اسرائيل.

 

          رغم أن القيادة الاسرائيلية تواصل التحذير من النووي الايراني، يخيل أنه تلوح هنا بداية مسيرة أوسع. فتقدم المحادثات بين القوى العظمى وايران خفض بشكل عملي الى الحد الادنى احتمال هجوم عسكري احادي الجانب من اسرائيل ضد مواقع النووي. وهكذا عاد ليحتل تهديد صواريخ حزب الله مكانته بصفته التحدي الامني الاول في سموه من ناحية اسرائيل.

 

          حسب التقارير في شبكة "الجزيرة" وفي غيرها من وسائل الاعلام العربية، فقد هوجمت هذه المرة قواعد للواء صواريخ سورية في منطقة جبال القلمون على مقربة من الحدود مع لبنان. ومشكوك أن تكون قدرة صواريخ الجيش السوري، والتي حسب تقديرات مختلفة تآكلت الى اقل من النصف في زمن الحرب الاهلية في الدولة، تقلق القدس على نحو خاص. فالتحذيرات الاسرائيلية على مدى السنوات الاربعة الاخيرة تتركز كلها على نقل السلاح الذي يعرف كـ "خارق للتوازن" من سوريا الى حزب الله. كما أنه ليس معقولا ان يكون القلق الاسرائيل يتعلق بكميات الصواريخ. فحسب افضل التقديرات الاستخبارية، يحوز حزب الله اليوم اكثر من مئة الف صاروخ ومقذوفة صاروخية- سبعة اضعاف على الاقل ما كان يحوزه عشية حرب لبنان الثانية في 2006 – واذا كان هكذا هو الحال، فان مئة صاروخ آخر أو اقل لا يغير الواقع الاستراتيجي لاسرائيل عن حزب الله.

 

          ولكن يوجد ميل مقلق آخر يتعلق بالصواريخ، يلمح به امين عام حزب الله حسن نصرالله غير مرة. فمنذ الحرب، وبقوة اكبر في السنوات الاخيرة، يحاول نصرالله ان يثبت في تصريحاته مثابة ميزان ردع: اذا ضربت اسرائيل البنى التحتية المدنية للبنان، فان ستضرب بشكل مشابه. الموانيء، المطارات ومحطات توليد الطاقة ستضرب في الجانبين. ولهذا الغرض، لا يحتاج حزب الله فقط الى مدى الصواريخ – وحسب كل التقديرات الاستخبارية، لديه صواريخ تغطي كل اراضي دولة اسرائيل – بل وايضا قدرة اصابة دقيقة. يوجد فارق هائل بين مدى الضرر المحتمل (الذي قد يقع بمواقع البنى التحتية والمنشآت العسكرية) من صاروخ يضرب على مسافة متوسطة من كيلو متر عن الهدف وبين صاروخ دقيق يسقط على مسافة عشرات الامتار منه.

 

          ان مساعي سوريا وايران لتهريب السلاح الى حزب الله ترتبط ارتباطا مباشرا ايضا بوضع نظام الاسد في الحرب الاهلية. ففي الاشهر الاخيرة، بعد أن كان يخيل أن النظام ينجح في تثبيت الصورة من خلال المساعدات المكثفة التي يتلقاها من ايران، من حزب الله ومن سوريا، تكبد الرئيس بشار الاسد عدة اخفاقات. فمنظمات الثوار، ولا سيما رجال الفصائل الاكثر تطرفا من داعش وجبهة النصرة، بادرت الى هجمات مفاجئة على مقربة من دمشق (وضمن امور اخرى سيطرت لعدة اسابيع على مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين) بل وقصفت منطقة المطار الدولي قرب المدينة. كما حشدت المعسكرات المتخاصمة القوات في منطقة القلمون، التي دارت حولها معارك شديدة قبل نحو سنة ايضا. واستمرار السيطرة على المطار وعلى الحدود السورية – اللبنانية مهم لحزب الله لضمان التوريد المنتظم للسلاح اليه. ومن غير المستبعد ان خطر فقدان السيطرة في هذه المناطق سيشجع جهود التهريب ولا سيما في الليالي التي تكون فيها الاجواء غائمة، والتي يفترض موجهو القوافل بان احتمال اكتشافهم من الخصم منخفض اكثر.

 

          اذا ما حل اتهام واضح لاسرائيل من جانب سوريا وحزب الله، مثلما حصل في بعض من الهجمات التي نسبت لها في الماضي، فهل ثمة خطر بعملية رد من جانبهم؟ ان قواعد اللعب بين الطرفين ليست واضحة دوما. فعندما نشر عن هجمات جوية مشابهة في 2013، تجاهلت دمشق. وفي وقت لاحق اعترفت بوجودها وسمحت كرد على ذلك بمحاولات العمليات، من جانب خلايا بادارة حزب الله، على طول الحدود في هضبة الجولان. وفي شباط 2014، بعد هجوم نسب لاسرائيل ضرب قافلة قرب بلدة جنتا، في الجانب اللبناني من الحدود، جاءت تهديدات صريحة من حزب الله وفي اعقابها اطلاق صواريخ وزرع عبوات سواء على الحدود السورية (في هضبت الجولان) ام على الحدود اللبنانية (جبل دوف). وضع الاشتعال الاخير في ظروف اخرى: اغتيال الجنرال الايراني وستة نشطاء حزب الله في هضبة الجولان السورية في نهاية كانون الثاني، ووفاة جنديي جفعاتي في هجوم للصواريخ المضادة للدروع في سفوح جبل دوف، في عملية  رد من حزب الله بعد نحو عشرة ايام.

 

          منذئذ، ساد الهدوء في الشمال على مدى اكثر من شهرين ونصف. والمصلحة الاساس التي في اساسها تركيز حزب الله ونظام الاسد على الحرب الاهلية بقيت اظلب الظن على حالها. واضح ايضا ان حزب الله يرى بخطورة اكبر القصف في المنطقة اللبنانية مقارنة بالهجوم على القوافل في الاراضي السورية، كما زعم في "الجزيرة" ما حصل أمس. ولا يزال، على مدى السنوات الاخيرة يبدو تصعيد في جسارة حزب الله بالنسبة لاسرائيل ولا سيما الرغبة في الايضاح لها بان حزب الله ليس مشلولا من الخوف في ضوء قوتها العسكرية. وسواء نفذت اسرائيل الهجمات كما زعم في وسائل الاعلام العربية أم لا، فمنطقي الافتراض بان الجيش الاسرائيلي سيبقى في حالة تأهب عالية في الشمال في الفترة القريبة القادمة في ضوء خطر الرد من حزب الله، وان كان هذا لا يبدو الان انه الامكانية الاكثر معقولية.