خبر : غزة : لماذا الحرب؟ ...د.ناجي شراب

الجمعة 10 أبريل 2015 11:19 ص / بتوقيت القدس +2GMT
غزة : لماذا الحرب؟ ...د.ناجي شراب



التصريحات التي تخرج من إسرائيل تؤكد أن خيار الحرب قريب، والتصريحات التى تخرج من غزة تؤكد أن حرب الإعداد قادمة . 

والسؤال مع التسليم بخيار الحرب، أي حرب التي يريدها كل طرف؟ إسرائيل من جانبها شنت حروبها الثلاث وأهدافها لم تتغير في كل هذه الحروب، الهدف ألأساس تريد غزة منفصلة وبعيده عن سياقها الفلسطيني الكلى ، وتحقيقا لهذا الهدف لا تمانع من وجود حركات المقاومة ، ووجود حركة حماس كحركة حاكمة ،وتحكم علاقتها بها هدنة ليست قصيرة قابلة للتجديد، وهدفها الثاني عملية ترويض سياسي لحماس ، وتخييرها بين الحكم والمقاومة في النهاية ، ومن أهداف إسرائيل إبقاء غزة ضعيفة تابعة معتمدة على إسرائيل فى احتياجاتها الإنسانية والاقتصادية ، ولذلك كان تركيز إسرائيل في كل هذه الحروب هو تدمير البنية التحتية لغزة حتى تبقى تدور فى حالة من الاعتماد الدائم. 

وفى النهاية إسرائيل تربط بين إعمار غزة وبين ان تبقية منطقة منزوعة السلاح او لا تشكل مصدرا للتهديد لها. وقد يكون هدفها النهائي هو ضرب الدولة الفلسطينية وتفريغها وإجهاضها من كل مقومات الاستقلال. وبالتالي نكون أمام كيانين سياسيين فلسطينيين لعب الفصل الجغرافى دورا رئيسا فى تعميق هذه الأهداف. والسؤال ثانية وما هو هدفها من اى حرب قادمة؟ ومتي تنتهى حالة الحرب؟ ستبقى الأهداف السابقة هى المحرك الرئيس لأى حرب على غزة ،إسرائيل لن تسمح فى جميع الأحوال أن تتطور قدرات المقاومة العسكرية ، وتحصل على أسلحة متطورة تهدد امن وبقاء إسرائيل، وليكن معروفا ان غزة تقع فى الدائرة ألأولى لأمن إسرائيل، ومن ثم يبقى خيار الحرب قائما ، والهدف منه تقويض قدرات المقاومة العسكرية ، وإبقائها تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية . مزيد من التدمير، ومزيد من الحصار ، ومزيد من الإنقسام والفصل، عندما خرجت إسرائيل من غزة كانت تعرف ماذا تريد، وكان هدفها الوصول إلى حالة الإنقسام الفلسطينى , وبالتالى الحرب يبقى الهدف منها هو هذا الهدف.

 وبالمقابل حماس وحركات المقاومة ألأخرى تتحدث عن الحرب، وان الحرب الأخيرة لم تنتهى، وأن الإعداد جار للحرب القادمة ، والسؤال اى حرب تريدها حماس والمقاومة فى هذه المرحلة ؟ فى ادبيات الحرب ، الحرب ليست غاية فى حد ذاتها ، بل الحرب هى إمتداد للسياسة ، بعبارة أخرى تلجأ الدول إلى القوة العسكرية والحرب لتحقق اهدافا سياسية فشلت فى تحقيقها الوسائل السياسية ، والحرب الأخيرة وإن كانت إسرائيل هى السبب فى هذه الحرب، لكن لا يمكن إستبعاد ان الذهاب للحرب أيضا كان خيارا لحركة حماس،والتى حددت اهدافها منها برفع الحصار ، وفتح المعابر، وزادت إنشاء ميناء ومطار . إنتهت الحرب ،إسرائيل فشلت فى تحقيق أهدافها الرئيسة وإن نجحت فى تعميق حالة الإنقسام، وأما على مستوى الحركة يمكن القول أن الحرب قد فشلت حتى هذه اللحظة فى تحقيق أهدافها السياسية ، وإن كنا نسمع عن إمكانية الوصول إلى هدنة لخمس سنوات ،مقابل رفع الحصار ، وفتح المعابر، اما فيما يتعلق بموضوع الميناء والمطار وعلى الرغم من أهميتهم لسكان القطاع، إلا انها من مظاهر السيادة ، والإستقلال’ وهنا موافقة إسرائيل مرهونة ومشروطة بتحقيق هدفها الرئيس من جعل الإنقسام حقيقة سياسية ، وبالتالى تتخلص من فكرة الدولة الفلسطينية بشكل نهائي ، ومشروطة أيضا بنزع سلاح المقاومة او على أعلى تقدير تحويل هذا السلاح لوظيفة أخرى ، فالتفكير الإسرائيلي ان إنشاء ميناء ومطار سيحول دون إندلاع حرب جديدة ، لأنه عند الوصول إلى هذه المرحلة لا يعقل ان تعود حماس للحرب، وعندها يمكن التفكير فى تجديد الهدنة بشكل تلقائي ، فمن الصعب القبول بهدنة لمدة طويلة من الأن.

 وبالمقابل حركة حماس إذا ذهبت لهذه الهدنة بهذا المنطق اى بعيدا عن الإطار الفلسطيني والسلطة الواحدة ، فهذا يعنى ترسيخا للانقسام ، وتأكيدا لفكرة الدولة او الكينونة المستقلة فى غزة . وعليه خيار الحرب بات مرتبطا بهذا السيناريو ، وهذا التفكير.

 هذه مجرد رؤية خاصة قد تكون صائبة او خاطئة ، لكن المهم ان نعرف كيف تفكر إسرائيل حتى نتفادى الحرب. 

فى النهاية الحرب ليست خيارا لغزة ، ويبقى خيار الاعمار والبناء أهم خيارات غزة ، وهذا الخيار يعتبر أعلى درجات المقاومة .