خبر : بين الارهاب والتحريض الفلسطيني \بقلم: كوبي ميخائيل \ اسرائيل اليوم

السبت 17 يناير 2015 12:35 م / بتوقيت القدس +2GMT



 

          إن احداث الارهاب التي عاشتها باريس في الايام الاخيرة لم تُنتج في مكان مجهول، ويبدو أن فرنسيين كثيرين وآخرين يفهمون اليوم أكثر من أي وقت مضى أن الارهاب القاتل الذي عاشوه هو نتيجة أرضية من الافكار وتضافر الايديولوجيا الدينية ومشاعر الانتقام ومفاهيم النضال. وهذه الامور تم تطويرها دائما من قبل قادة منظمات الجهاد وموفديهم وأُدخلت بطرق مختلفة الى دماغ المقاتلين سواءً في ميادين القتل في العراق وسوريا أو في العواصم الاوروبية وفي المدن الامريكية وفي مناطق الصراعات الاخرى.

          ومن الغريب أن نرى أنه بالذات في أوطان الافكار النبيلة والثورات منذ فجر التاريخ، التي حُملت على أمواج الايديولوجيا والمعارف الثورية، من يميلون الى التعامل برفض سماع الافكار المتعلقة بتنبؤات الآخرين، ولا سيما عندما يدور الحديث عن اقاليم اسلامية. إن الدول المتنورة الغربية التي جاءت الى العالم بالديمقراطية والليبرالية وحرية التعبير وحقوق الفرد، وفي العقود الاخيرة التعدد الثقافي، تفشل الآن في تشخيص التهديد القائم فيها وتعمل بضعف وبغض الطرف، وربما بأمل أن تمضي هذه الامواج العكرة وتختفي.

          وفي الساحة المحلية حاولت اسرائيل مواجهة التحريض الفلسطيني، وحظيت في حالات كثيرة بهز الكتف ولا نقول التجاهل. وكان هناك من اتهمها بالتملص من التسوية أو محاولة تفجير المسيرة السياسية وبالذات من طرح مشكلات هي في الحقيقة ليست جوهرية. الحقيقة هي أن اسرائيل حاولت الاحتجاج على سلوك السلطة الفلسطينية وزعمائها بشكل مباشر وبواسطة مؤسساتها، وبالذات من خلال الهيئة التعليمية والبث الجماهيري. وكان هناك من اعتبروا ذلك تكرارا مملا وعودة الى الادعاءات غير المقنعة. اسرائيل تعاملت مع الكلمات والافكار بالجدية الملائمة والحذرة من تطوير ارضية نفسية تعزز من روح النضال والمقاومة وتشجع نزع الشرعية عن وجود اسرائيل كدولة قومية في المنطقة وكملجأ انساني لاسرائيل وللشعب اليهودي. حاولت اسرائيل أن تقنع الآخرين بأن الجهد الفلسطيني الحالي هو عبارة عن تنمية مستمرة ومنهجية من اجل تقليص مجال المناورة السياسي. وحذرت من العلاقة بين هذا التحريض وبين الارهاب.

          حذرت اسرائيل المجتمع الدولي الذي هو في اغلبه أصم. ولكن هناك فوارق بين منظمات الارهاب المختلفة التي تعمل في العالم وبين مقاتلي الجهاد في الدول المختلفة، لكن بينها ايضا الكثير من الامور المشتركة: الكراهية للغرب وقلة الصبر والتحمل المطلق تجاه الديانات الاخرى والمؤمنين من أبناء تلك الديانات، ولديها في الاساس عقيدة متركزة في موضوع فرصة اقامة الخلافة الاسلامية التي ستسحق الدول العربية الكافرة واسرائيل واوروبا في طريقها للسيطرة على العالم.

          ومن خلف هذه الرؤية والكراهية المشتركة عبر النشاطات المماثلة والمستندة الى عمليات التلقين والتحريض والكراهية واقامة البنى التحتية التي تدعم هذه العمليات وتغذي نار المقاومة والنضال، فان كل هذا يترجم في نهاية المطاف الى الارهاب والقتل.

          وسواء تم الحديث عن الارهاب في اسرائيل أو في كندا أو في العراق أو في فرنسا فان النضال يجب أن يجري كجبهة واحدة تعمل كهيئة مركبة، ذلك هناك حاجة الى جهود منسقة في جميع المجالات. فالبذرة القتالية اليوم في اوساط مجموعات المهاجرين المسلمين في الدول الاوروبية هي رأس الحربة لمنظمات الجهاد غدا، لا سيما وأن فكرة تعدد الثقافات قد فشلت ويجب ايجاد الطريق الى تشخيص هذه البذور والأنوية العسكرية وعزلها عن التجمعات السكانية وتحييدها بشكل يخلق ردع تجاه الآخرين. إن جهدا من هذا النوع يلزم باجراء تغييرات في طريقة التوجه ونظم الافضليات للقيم، والفهم بأنه في ظل الظروف الحالية لا بد من التعاون في جميع المجالات وبين مختلف القطاعات بشكل غير قابل للمساومة.

          إن المواعظ الشيطانية والتحريض للزعماء الدينيين في المساجد وخارجها يجب أن تُعالَج وتُفهم على أنها دعم للارهاب، فالزعماء الدينيين والمرشدين الروحانيين ملزمين بتحمل المسؤولية تجاه دولهم وتقييم كلماتهم. وكل محاولة لتفسير التحريض أو تبريره بالظروف السياسية يضعف وحدة الصفوف ويقلل من فرص نجاح هذا النضال الصعب.