خبر : حتى المسمار الأخير \ بقلم: اريك بندر \ معاريف

الخميس 04 ديسمبر 2014 02:35 م / بتوقيت القدس +2GMT



          حكومة اسرائيل الـ 33 والتي تسمى ايضا حكومة نتنياهو الثالثة، أقيمت بعد انتخابات الكنيست التاسعة عشرة وأدت يمين القسم في 18 آذار 2013. تعيد الآن روحها للناخب  بعد تشكيلها بأقل من عامين. هذا الامر لم يكن مفاجئا لاعضاء الكنيست، رغم أن معظمهم ليس من مصلحتهم الذهاب الى الانتخابات.

          إلا أنه ومنذ الايام الاولى من تشكيلها، بل وقبل انطلاقها، تميزت حكومة نتنياهو الثالثة بالصراعات والقذارة والازمات الائتلافية المتقاربة التي ازدادت أكثر فأكثر حتى أدى ذلك الى حل الكنيست والذهاب الى انتخابات جديدة.

          ينسى الجميع أن الازمة الاولى للحكومة حدثت خلال المفاوضات الائتلافية. وقبل أن يتحول بينيت ولبيد الى إخوة، فقد تصارعا فيما بينهما حول من سيكون نائبا لرئيس الحكومة، وهذا يُذكرنا بالمعركة الغريبة في الايام الاخيرة حول من سيجلس على كرسي الوزير في قاعة جلسات الحكومة، الكرسي الذي كان يجلس عليه جدعون ساعر.

          الجدل والصراعات رافقت الحكومة طول الوقت تقريبا. مرة حول قانون القومية، ومرة حول قانون المساواة في العبء، ومرة اخرى بسبب الاعلان عن البناء في المناطق الامر الذي أثار غضب الولايات المتحدة، ومرة بسبب ادعاء تجميد البناء في المستوطنات، ومرة حول قانون التجنيد واخرى بسبب اطلاق سراح المخربين القتلة.

          هدد رئيس البيت اليهودي، بينيت، بالاستقالة من الحكومة ليس فقط على خلفية اطلاق سراح المخربين بل ايضا على خلفية ادارة المفاوضات السياسية مع أبو مازن. وقد حذر من أنه اذا تحدثوا عن العودة الى حدود 1967 فسيكون حزبه خارج الحكومة.

          احدى الازمات الاصعب حدثت في كانون الثاني 2014 حيث قدم نتنياهو في حينه سقفا زمنيا لنفتالي بينيت: الاعتذار أو الاقالة. وكان ذلك في أعقاب انتقاد وجهه بينيت لرئيس الحكومة بعد اشاعة فحواها أن نتنياهو يؤيد اعطاء السلطة الفلسطينية مناطق اسرائيلية، يؤمن نتنياهو أنه يجب اعطاء المستوطنين خيار البقاء في فلسطين. هذا ما قاله بينيت في هجومه على نتنياهو واتهمه بفقدان البوصلة القيمية، وقال إن أحفادنا لن يغفروا لقائد يقوم بتسليم البلاد.

          بعد هذه التصريحات تم ارسال تهديدات من مكتب رئيس الحكومة لاقالة بينيت اذا لم يعتذر علنا عن هذه التصريحات. نتنياهو قال إن بينيت تصرف بتسرع وبعدم مسؤولية، وفي نهاية المطاف أثبتت التهديدات نفسها واعتذر بينيت وانتهت الازمة.

          وفي المقابل، تصارع وتجادل البيت اليهودي مع الحركة بشكل يومي تقريبا، حيث تستغل وزيرة العدل ورئيسة الحركة، تسيبي لفني، مكانتها كرئيسة لجنة الوزراء لشؤون التشريع، من اجل كبح اقتراحات قانون يمينية من البيت اليهودي. أما البيت اليهودي فيكبح اقتراحات قانون للحركة.

          عندما تراجع نتنياهو عن نيته تمرير قانون السكن الذي بادر اليه عضو الكنيست اليعيزر شتيرن (الحركة) في الحكومة على شكل قرار حكومي، كبديل للتشريع، هاجمته لفني وقالت بيبي يخاف من الحريديين ويخضع لهم.

       تم ازالة جميع العقبات

          الاختلاف المتضعضع استمر في الانتقال من ازمة الى ازمة حتى التصعيد الاخير الذي أدى الى الانفجار. الذريعة كانت الازمة حول قانون القومية ومعارضة رئيس الحكومة لقانون ضريبة قيمة مضافة صفر، قانون العلم لوزير المالية يئير لبيد، ومعارضة الليكود واسرائيل بيتنا فرض ضريبة على السياحة العلاجية وفرض الرقابة على الاموال التي تصل الى الكيرن كييمت.

          الطريق المسدود الذي وصل اليه قانون القومية وقانون الميزانية أدى الى انقطاع كامل بين الاطراف. المعلومات التي وصلت لرئيس الحكومة – أن لبيد ولفني يحاولان اسقاطه من خلال اقامة حكومة مع الحريديين – أضافت الزيت على نار العداء، وللمرة الاولى أسمع نتنياهو ومقربوه كلمة انقلاب.

          من هنا كان التدهور سريعا. وتحول الائتلاف من مصاب باصابة بليغة الى مصاب باصابة قاتلة وحياته مهددة. والشهادة على العلاقات السيئة ظهرت أول أمس في المكالمة الهاتفية بين نتنياهو والوزيرة تسيبي لفني حينما أعلمها أنه قام باقالتها. "لم تكن لديك الجرأة للنظر في عيني"، قالت لفني لنتنياهو حيث جلسا قبل ذلك بساعة الى جانب بعضهما في مناسبة لدى الرئيس.

          لفني وبينيت إستمرا أمس في توجيه اللكمات لرئيس الحكومة. لفني قالت إن نتنياهو كذاب وخائف وغير صادق، وإن هذا هو طابعه. واقتبست كلمات والدتها حيث قالت لها ذات مرة إن الكبار لا يستطيعون تغيير طباعهم.

          عضو الكنيست مئير شتريت، رئيس حركة تسيبي لفني وأحد اعضاء الكنيست القدامى، قال إنه من المحزن رؤية الكنيست تذهب الى البيت وتُحل قبل موعدها. "هذا محزن للديمقراطية، وللدولة، ولنا أيضا، اعضاء الكنيست. هذه عملية ضارة وتدميرية"، كما قال، "ايضا الاتحاد بين لبيد وبينيت هو الذي فرض التركيبة الائتلافية الغير ممكنة وهو ايضا الذي أدى الى الانفجار".

          عضو الكنيست دوف حنين ايضا (حداش) يزعم، رغم أنه من المعارضة، أن هناك قوانين كثيرة ستُقطع في منتصف الطريق، وهذا أمر مؤسف.