خبر : فشل استراتيجي بين الجرف الصامد والحرم \ بقلم: أفرايم هليفي \ يديعوت

الإثنين 01 ديسمبر 2014 03:20 م / بتوقيت القدس +2GMT



 

          لقد انتهت حملة "الجرف الصامد" بانجا­ز عسكري. أما النتيجة السياسية للمعركة فيصعب حل لغزها، كونها عرفت بطريقة سلبية – فقد وجه رئيس الوزراء تعليماته الا تمنح حماس اي انجاز سياسي في أي مفاوضات تعقد لتقرير مستقبل العلاقات بين اسرائيل والمنظمة العاملة كـ "حكومة" في القطاع. وباستثناء اعمال الاعمار الاقتصادي الجارية بكسل، فان أحدا ليس تواقا للعجلة.

 

          ليس لحماس مكانة أو جدوى في نظر اسرائيل، وكل ما عليها ان تفعله هو أن تحبط عملياتها، تنفذ عمليات وقائية واسعة في المناطق، توقف نشطاء حماس كثيرين قدر الامكان قبل أن ينجحوا في تنفيذ مبتغاهم، ومعاقبة المخربين الذين ينجحون مع ذلك في تنفيذ عمليات ارهابية فظيعة مثل جريمة القتل النكراء للاسرائيليين الخمسة في الكنيس في هار نوف في القدس.

 

          خط مباشر امتد من نهاية حملة "الجرف الصامد" الى احداث القدس. فاعتبارات امنية تمنع كل امكانية للتخلي عن السيطرة الكاملة في يهودا والسامرة: الصاروخ الوحيد الذي وصل من غزة من منطقة مطار بن غوريون وعطل معظم الطيران المدني من والى اسرائيل لـ 36 ساعة، وضع حدا لـ"مسيرة السلام" في الفترة المنظورة للعيان. وفي ظل عدم وجود "مسيرة" غيرت حكومة اسرائيل استراتيجيتها السياسية في كل ما يتعلق بالقدس.

 

          منذ حرب الايام الستة اعتقدت حكومات اسرائيل بانه من بين كل المسائل المركزية التي بين اسرائيل والفلسطينيين – الامن، الحدود، اللاجئين، القدس – فان مشكلة اللاجئين والقدس هما الاصعب. وانكب رؤساء الوزراء ونجحوا على ابقاء مسألة القدس آخر المسائل. وكان التفكير بانه كلما كانت توافقات بين الطرفين، ستتحسن المناهج والاجواء ستساعد في ايجاد حلول ابداعية، ضمن امور اخرى لمستقبل القدس.

 

          وأدت نتائج المعركة في غزة وفشل المفاوضات برعاية وزير الخارجية الامريكي بالحكومة الى تغيير الترتيب – من القدس في النهاية الى القدس في البداية. ووجدت الاستراتيجية الجديدة تعبيرها في اعطاء ضوء اخضر للانتشار المتزايد لليهود في الاحياء العربية في القدس وفي القول انه لا ينبغي منع اليهود من البناء في كل مكان في المدينة.

 

          بعد اسابيع قليلة من انتهاء الحملة في غزة نزلت مجموعة من  اليهود للسكن في منطقة سلوان – مدينة داود – ووزير شؤون القدس في الحكومة أعلن في مؤتمر صحفي ليلي ودراماتيكي بان هذا فعل "تاريخي". وبالفعل، فان سكان جبل المكبر وسلوان يفهمون المعنى بعيد الاثر للخطوة وماذا ستكون نهايتها.

 

          في ذروة الاضطرابات في القدس نشر وزير شؤون القدس مقالا في "نيويورك تايمز" كرر فيه اقتراحاته لحل النزاع، بما فيها اقتراح المواطنة الاسرائيلية لسكان المنطقة ج، والذين يقدر عددهم بنحو 70 ألف نسمة. ولا يوجد أي ذكر في المقال للقدس وسكانها العرب الذين يبلغ عددهم نحو 400 الف نسمة. فهل هؤلاء ايضا سيصبحون مواطنون اسرائيليين وهكذا يضاف نصف مليون نسمة آخر لعدد الاقلية العربية؟ واذا لم تكن هناك نية كهذه، فما هي المكانة الدائمة المقترحة على المقدسيين العرب في القدس الموحدة؟

 

          ومن هنا الى الاشتعال حول الحرم والذي كتب عنه الكثير. فالحياة اليومية في المدينة عانت من عراقيل كبيرة ومتزايدة. تخريبات متكررة للقطار الخفيف وجملة عمليات أليمة في محطاته وفي أماكن اخرى قوضت احساس الامن لدى السكان. ووفر فتح "ملف القدس" الان بالذات لحماس فرصة نادرة للتحرر، مؤقتا على الاقل من أزمة هزيمة "الجرف الصامد". فقد أتاح لهم اثارة اضطرابات شديدة سواء في العاصمة أم في الضفة، أجبرت السلطة الفلسطينية على الماثل مع المعركة على المقدسات الاسلامية في الحرم. بل أجبر الاردن ومصر على الانضمام الى الضغط على اسرائيل على خلفية النزاع ذي البعد الديني المزعوم.

 

          على المستوى الدولي الاوسع نشأ قاسم مشترك في العالم الاسلامي من اقصاه الى اقصاه – من داعش وحتى عرب اسرائيل. ونجاحات المخابرات في الكشف عن خلايا واسعة من شبكات حماس هي جديرة بالثناء، وفي نفس الوقت تضع علامات استفهام على سياسة "قص العشب" التي تتبعها اسرائيل منذ سنين. وبتعبير آخر، اذا لم يكن للحفرة قاع – فهل سياسة الحفر اللا نهائية ستؤدي الى اكثر من حل مؤقت؟

 

          لقد اثبتت حماس المضروبة في غزة بانها لن تسمح لاسرائيل بان "تنساها" الى ما لا نهاية. وحرص رئيس الوزراء على أن يحدد هدفا عسكريا ضيقا وواقعيا للحملة الاخيرة في غزة. والاستراتيجية التي تم تبنيها في هذا الخريف في القدس أثبتت بانها تؤدي الى مصيبة متعددة الابعاد. عليه ان يعود الى تحديد استراتيجية اخرى في القدس وان يحدد لها هدفا واقعيا ومعلنا، يكون واضحا، مفهوما وملزما لكل مواطني اسرائيل وكل زعمائها.

رئيس الموساد الاسبق