خبر : القدس في ميزان العلاقات الأميركية ـ الإسرائيلية!! ...هاني حبيب

الأحد 02 نوفمبر 2014 03:22 م / بتوقيت القدس +2GMT
القدس في ميزان العلاقات الأميركية ـ الإسرائيلية!! ...هاني حبيب



لأول مرة منذ التوقيع على معاهدة السلام الأردنية ـ الإسرائيلية "اتفاق وادي عربة" تلوح الأردن باحتمال إعادة النظر بالمعاهدة، وذلك للمرة الأولى منذ عام 1974، جاء ذلك على لسان الناطق باسم الحكومة الأردنية محمد المومني والسفير الأردني لدى إسرائيل وليد عبيدات، في وقت يشير فيه صائب عريقات، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إلى أن سلوك حكومة نتنياهو ما هو إلاّ تعبير عن تدمير منهجي لحل الدولتين وفرض نظام الأبارتهايد، بينما يعقد مجلس جامعة الدول العربية، اجتماعاً في العاصمة المصرية لبحث تطورات الوضع في العاصمة الفلسطينية، إلى جانب قضايا عربية أخرى، بناء على دعوة من رئيس القمة العربية دولة الكويت.

تصريحات واجتماعات تأتي في غالبيتها على ضوء تدهور الوضع الأمني المتفجر في العاصمة الفلسطينية، إثر الخطوات الاعتدائية التي اتخذتها حكومة نتنياهو في اطار سياسة التهويد الشامل للعاصمة، من مواجهات للمظاهرات الاحتجاجية، إلى إغلاق المسجد الأقصى، إلى النوايا المبيتة باتخاذ قرار من الكنيست لتقسيم المسجد الأقصى زمانياً ومكانياً.
استخدمت إسرائيل، خاصة حكومة نتنياهو اليمينية، خطط الاستيطان وتصاعدها، بالإضافة إلى ذلك جوهر السياسة الإسرائيلية، لجس نبض ردود الفعل الفلسطينية والعربية والدولية، خاصة الأميركية والأوروبية، ظلت هذه الردود في اطار التنديد، والوعيد باتخاذ خطوات عقابية، أحياناً، مع ترجمات محدودة كما فعلت بعض دول الاتحاد الأوروبي، مع حصار سياسي للدولة العبرية تنجح حكومة نتنياهو في احتوائه والتحايل عليه، على الرغم من توسيع دائرة الاعتراف بدولة فلسطين أو "إعلانات النوايا" لمثل هذا الاعتراف، كل ذلك ظل في اطار يمكن لحكومة نتنياهو التعامل معه مع استمرار العملية الاستيطانية.
وخلال الأسابيع الأخيرة، شهدت العلاقات الإسرائيلية ـ الأميركية توترات شديدة وصلت إلى حد اتهامات بالجبن والخسة والبحث عن مصالح شخصية تم توجيهها من قبل مسؤولين أميركيين لنتنياهو، وتصاعدت حدة الخلافات التي تذكرنا بسابقاتها مع إدارة بوش الأب، حين وصلت العلاقات بين الجانبين إلى الحضيض على خلفية برنامج "ضمانات القروض".
الاستفزازات الإسرائيلية المستمرة وبلا توقف، والتي اتخذت طابعاً رسمياً في معظم الأحيان، انفجرت مؤخراً بشكل صارخ على خلفية تعتبرها واشنطن جوهرية، وهو أن السلوك الاستيطاني بشكل عام، والخطط المعلنة للاستيطان في العاصمة الفلسطينية، لن يؤدي إلاّ إلى تدمير جوهر الحراك الأميركي نحو إيجاد تسوية على الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، أي تدمير "حل الدولتين"، عندما وصل الأمر الى ما جرى ويجري في القدس المحتلة، باتت واشنطن تخشى من تدمير رؤيتها ووسيلتها في إيجاد المناخ الملائم لاستمرار الحديث عن عملية تفاوضية تؤدي إلى حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية كنتيجة نهائية لهذا الحل.
المسألة هنا لا تتعلق بأراض يتم الاستيلاء عليها لبناء مستوطنات يهودية، بل ان الأمر يتعلق بالجغرافيا السياسية لهذه الأراضي التي تناولتها الخطط الإسرائيلية الأخيرة، ولمزيد من الاستفزاز الإسرائيلي لإدارة أوباما، فإن القرارات الإسرائيلية الأخيرة حول هذه المسألة، جاءت بعد القمة الأميركية الإسرائيلية في الأول من تشرين الأول في البيت الأبيض، وبعد عودة رئيس الحكومة الإسرائيلية مباشرة من واشنطن، ثم الإعلان عن هذه الخطط، وكأنه بذلك أراد أن يقول إن هذه الخطط والقرارات جاءت بمباركة أو على الأقل باعتبارها لن تشكل عقبة أمام العلاقات الإسرائيلية ـ الأميركية المتوترة أصلاً!
فيما يتعلق بالجغرافيا السياسية التي انطوت عليها الخطط الإسرائيلية، فإن المنطقة التي سيتم الاستيلاء عليها لبناء المزيد من المراكز الاستيطانية، هي منطقة "جفعات هماتوس" أي تلة الطائرة، وسميت كذلك بعد أن تحطمت طائرة إسرائيلية عسكرية جراء إطلاق النار عليها من الجانب الأردني عام 1967، هذه المنطقة عبارة عن أراض صخرية مرتفعة وقاحلة، لكنها تشكل أكبر رقعة مساحية من الأراضي المفتوحة والمتاخمة "للخط الأخضر"، ذلك يشير إلى أن الهدف الإسرائيلي لا يتعلق ببناء وحدات استيطانية على هذه الأراضي غير الصالحة للسكن، مع ذلك فإن إسرائيل ستعمل على استيطانها وتأهيلها، لكي تصبح هذه المنطقة أول استيطان إسرائيلي على "الخط الأخضر" منذ 15 عاماً.
الاستيطان في هذه المنطقة، خاصة في جنوبها، سيمنع بالضرورة المواطنين المقدسيين من المرور بين بيت صفافا وبيت لحم، يضاف إلى ذلك، وتحت المبرر الإسرائيلي الدائم "لتوسيع" مستوطنات قائمة، فإن ذلك من المفترض أن يشمل اقتطاع المزيد من الأراضي تحت هذه الحجة.
هذا الوضع، يشكل خطراً مباشراً على الجهود الأميركية الرامية إلى إقناع الجانب الفلسطيني بضرورة التوجه نحو إحياء العملية التفاوضية كبديل عن التوجه إلى مجلس الأمن لنيل العضوية الكاملة لدولة فلسطين والتقدم بمشروع قرار يرمي إلى إنهاء الاحتلال وفقاً لبرنامج زمني محدد، هذا الوضع، يخلق توتراً أيضاً بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، خاصة وأن حراكاً برلمانياً وشعبياً بدأ يتبلور لدعم الاعتراف بدولة فلسطين. حكومة نتنياهو تربك السياسة الأميركية على الملف الفلسطيني ـ الإسرائيلي، أكثر من ذلك على الملف الإيراني، مع ذلك فإذا لم تتحرك واشنطن للجم السعار الإسرائيلي فإن نتنياهو لن يتوقف!!
Hanihabib272@hotmail.com