خبر : تراجع منسوب حب الوطن ...بقلم: صلاح هنية

السبت 06 سبتمبر 2014 10:19 ص / بتوقيت القدس +2GMT



اعذروني ان افرض عليكم استنتاجي دون أن اسوق فرضيتي ومنهجية البحث، ولكنني لا التمس عذرا لمراكز البحث والجامعات لعدم وضع فرضيات وإجراء دراسات حول منسوب حب الوطن والتركيز على منسوب حب شخصيات سياسية وأحزاب وقوى سياسية ومناطق ومواقع جغرافية، لم تعد الأحزاب والقوى قادرة على تعزيز حب الوطن بشكل أكبر من تقديس الأداة وهي الحزب أو الزعيم أو الملهم.
لم يعد هناك شعور جمعي يتغنى بالوطن وجماله وبهائه، ولّت الأيام التي كنا نتغنى فيها بوطن أخضر، ورموزه الفكرية والأدبية والإبداعية والأكاديمية، لم تعد جامعات الوطن مدعاة للفخر، ولم تعد صناعة الوطن مدعاة للفخر، ولم تعد آثاره ومواقعه مدعاة للاعتزاز فتذكر سبسطية تريليون مرة أمامنا ولا تثير فينا شيئا، ونمر آلاف المرات من قرب جبل هيروديون في بيت لحم ولا نمل تكرار السؤال الممل، هذه منطقة (ب) أو (ج)، لم تعد البلدة القديمة في الخليل مركز استقطاب.
نعم يجب أن يكون حجم الصدمة من هذا المقال موجعا حتى نعود للتفكير من جديد بموضوع الوطن وموضوع تراثه ومواقعه الأثرية وأشجاره وثماره وينابيعه، نعم يجب أن يصدم الجميع حتى يستعيد التفكير ولا يهمني ان ينعتني من شاء بما شاء من الصفات والنعوت مدافعا عن نفسه بما فعل من جزئية لسبسطية والبلدة القديمة في الخليل، ولينعتني من شاء بما شاء من النعوت، لم اتخذ قرارا بتشييد بناء على مواقع مصنفة أثرية ونالها ما نالها من التعثر الاستثماري.
لم يعد نتيجة لانخفاض منسوب حب الوطن، حب واحترام واعتزاز بالعلم الفلسطيني في جميع مناحي حياتنا بعد أن كان رفع هذا العلم خفاقا عاليا جزءا من البرنامج النضالي الوطني لمكونات الكل الوطني في فلسطين، كان العلم الفلسطيني واسم فلسطين معيارا للتقييم ولدرجة الانتماء، وإلا كيف كان ينظم أسبوع فلسطين في جامعة بيرزيت وخلق حالة من التحدي بعلم خفاق، وكيف كان ينظم أسبوع التراث الشعبي الفلسطيني في جامعة بيت لحم، وأسبوع العمل التطوعي في فرخة بمحافظة سلفيت.
مرة، أيام كنا طلابا اخرج لنا كراس صغير وزع بكثافة عنوانه (الوطنية غريزة حيوانية) ويومها كان حجم الصدمة كبيرا على اختلاف درجات الوعي، ولا زلت اذكر كيف أخذ هذا نقاشا واسعا كبيرا حتى انه وثق بكراس يرد على ذلك من إعداد زهير الدبعي والدكتور عبد الستار قاسم من قلب جامعة النجاح الوطنية.
اعتقد جازما أننا في اللاوعي بتنا نتعامل مع الوطن من هذا المنطلق دون أن نصفه بهذا المفهوم، وإلا لماذا نحب حارتنا على حساب حب الوطن، ونقدس الحمية الأصغر على حساب الكل الجامع الوطن، بتنا نقول: انتم في نابلس ويقال بالمقابل: انتم في رام الله، وبات هذا ينعكس على سلوكنا اليومي. نعم بات هذه الأيام مراهق ينصب مصطلح المشروع الوطني ساحة للتندر ويشد على يده ذلك المحلل السياسي الذي لم يجدد في رؤيته شيئا منذ عشرة أعوام.
أدوات تنمية حب الوطن تتراجع بشكل واضح، في السبعينيات والثمانينيات كان حب الوطن يعني عملا تطوعيا تسوى خلاله طريق داخل مخيم الدهيشة والأمعري وبلاطة، كان يتجسد بصحف تصدر من القدس تحاكي الوطن بكافة مكوناته وقد تنحاز فصائليا ولكن الوطن يظل معيارا، كان يتجسد بمكتبات عامة تصقل الوعي، كان يجسد بحفل تخريج لجامعة فلسطينية يكون العلم الفلسطيني خفاقا عاليا ويحضره كل رموز الوطن الذين كانوا على قلب رجل واحد.
باختصار شديد يجب أن يعاد الاعتبار لحب الوطن ولراية الوطن ولتراث وآثار الوطن وللبحر ونستعيد الاعتزاز بسلسلة الإنجازات الحضارية، واعتبار الحزب السياسي والفصيل وبلد النشأة أدوات تصب في محيط حب الوطن ليس إلا.

aya2abd@yahoo.com
www.pcp.ps