خبر : ليس تهديدا وجوديا \ بقلم: عاموس يدلين \ يديعوت

الجمعة 05 سبتمبر 2014 10:05 ص / بتوقيت القدس +2GMT




يشعل القتل الوحشي الآخر الذي قام به تنظيم داعش بحق صحفي أمريكي أمس إوار الفزع العام الذي انتشر (أيضا) في اسرائيل من هذه المنظمة الارهابية – ولكنه يجب أن ينتهي. فرغم أثر الفظائع الذي يخلفه هذا التنظيم وراءه، فان داعي يعمل على مسافة مئات الكيلومترات عن حدودنا، وحتى لو كان أقرب من ذلك لمشكوك فيه أن يكون بوسعه المس باسرائيل وبسكانها.
في نهاية المطاف يدور الحديث عن بضعة الاف من الارهابيين عديمي كل جماح يركبون سيارات "التندر" ويطلقون النار من بنادق الكلاشينكوف والات اطلاق النار. والى جانب بضع ميليشيات اخرى ارتبطت به (وكفيلة بان تتركه عندما يتوقف الزخم العسكري) فان حجم داعش يقدر الان بنحو 10 الاف مقاتل – نصف حجم القوة العسكرية لحماس. وخلافا لحماس، التي توجد بالفعل على جدراننا، فليس لداعش اي انفاق وليس له مدفعية، وليس له قدرة على المس بدولة اسرائيل استراتيجيا بل وليس له حليف يوفر له وسائل قتالية متطورة. ان التهديد الذي يشكله داعش على اسرائيل كمنظمة جهادية عالمية لا يختلف جوهريا عن تهديد القاعدة الذي عاشت اسرائيل معه منذ أكثر من عقد من الزمان.
لو أن داعش حرف جهوده عن العراق وتوجه نحو اسرائيل لاصبح فريسة سهلة للاستخبارات الاسرائيلية، لطائرات سلاح الجو وللسلاح الدقيق الذي بحوزة القوات البرية في الجيش الاسرائيلي. في اللحظة التي يصطدم فيها بجيش حديث، سينزل داعش من سيارات التندر التي يركبها مما سيقلص أكثر فأكثر قدرته على الحركة نحو اسرائيل. وفي هذه الاثناء، ينشغل داعش بعدد لا يحصى من الاعداد الاخرين، الذين يقف بعضهم كحاجز بيننا وبينهم: جيوش العراق، الاردن ولبنان وحتى عدوه الشيعي اللدود حزب الله.
ان النجاح الذي حقق لداعش عناوين رئيسة في صحف العالم توقف في معظمه حاليا. وقد كان ثمرة اعداد طويل، تحقق في ظل الفراغ السلطوي في العراق واعتمد على تأييد السكان السنة المحليين الذين كانت لهم مصلحة مشتركة ضد الحكم الشيعي في بغداد. والخوف من أن تترسخ ايديولوجيا داعش في أوساط السكان الفلسطينيين، بما في ذلك فصائلهم المتطرفة ليس معقولا على نحو ظاهر. فالايديولوجيا الجهادية لهذه المنظمة الارهابية متطرفة لدرجة أن حتى القاعدة نفسها رفضتها، ولا مجال للتوقع بان تقبل بعطف في غزة أو في الضفة.
عمليا، اقام داعش ضده ائتلافا واسعا يكاد لا يصدق ممن يريدون ان يبيدوه. وهاكم استعراض قصير باتجاه عقارب الساعة: روسيا، تركيا، ايران، الميليشيات الكردية (البشمركا)، دول الخليج، السعودية، الاردن، الجيش السوري، الجيش اللبناني، حزب الله واسرائيل. ويمكن ان نسجل في صالحه انجازا آخر يكاد لا يصدق: فقد نجح في أن يعيد الجيش الامريكي تحت إدارة اوباما الى العراق. وفضلا عن الغارات الجوية الجارية منذ الان هذه الايام عمل وزير الخارجية الامريكي جون كيري على تشكيل ائتلاف دولي واسع للقضاء على التنظيم.
لكل هذه الاسباب صحيح اطفاء الصافرات. فداعش لا يشكل تهديدا ذا مغزى على اسرائيل في المدى الزمني القريب، وبمعنى معين يوفر صعوده في اسرائيل عدة فرص استراتيجية للتعاون مع دول اخرى معنية بالمس به: مع الولايات المتحدة – تعاون استخباري، لوجستي ودبلوماسي يساعد الجهود الامريكية يمكن له أن يحسن علاقات الثقة بين القيادتين. مع اوروبا – مثل هذه المساعدة يمكنها أن تذكر الاوروبيين باننا في نهاية المطاف نقاتل معا ضد التطرف الاسلامي. ومع دول المنطقة، وعلى رأسها الدول السنية المعتدلة – لخلق وتعزيز علاقات عمل وثقة بين اجهزة الامن.
ان الخطر الفوري المحدق باسرائيل من داعش هو صرف الانتباه في البلاد وفي العالم عن البرنامج النووي الايراني، الذي هو الخطر الاستراتيجي الحقيقي سواء على امن العالم أم على امن اسرائيل. وسيكون صحيحا، رغم صور الفظاعة التي تصدر من العراق ومن سوريا، الابقاء على جدول اعمال واع والتركيز على الامر الاساس. ان الهدف الاستراتيجي الاهم للامن القومي الاسرائيلي يبقى بلا تغيير: منع التحول النووي لايران ومنع تبلور اتفاق بينها وبين الدول العظمى لا يوفر رقابة متشددة كافية على نشاطها النووي ويبقي لديها قدرة على الانطلاق نحو النووي في غضون فترة زمنية قصيرة.

رئيس معهد بحوث الامن القومي، رئيس شعبة الاستخبارات "امان" سابقا