خبر : إسرائيل الجريحة خطر على نفسها ...طلال عوكل

الإثنين 18 أغسطس 2014 09:52 ص / بتوقيت القدس +2GMT
إسرائيل الجريحة خطر على نفسها ...طلال عوكل



عودة الوفدين الإسرائيلي والفلسطيني إلى القاهرة بداية الأسبوع، قد لا تنطوي على أهمية ترقى إلى مستوى إنهاء العملية التفاوضية الطويلة والمعقدة باتفاق واضح، يحدد ويضبط ملامح المرحلة المقبلة.

بعض الصحافيين، والمراقبين يرغبون عمداً في إساءة قراءة بعض التصريحات التي تصدر عن مسؤولين فلسطينيين، حين يتحدثون عن أن المفاوضات، والاقتراحات المقدمة حتى الآن لا تلبي الطلبات الفلسطينية، وهو أمر صحيح بالمطلق، وإلاّ لماذا تعود الوفود إلى التفاوض؟ لو كان ما تضمنته الورقة المصرية، كتتويج نهائي للقضايا التي يتم التفاوض عليها، مما يقتضي الإجابة عليها بنعم أو لا لكان الأمر مختلفاً، أما وانها مشروع اتفاق مفتوح على التعديلات من قبل الطرفين، فإن الأمر لا يزال غير مقضي.
وحتى في حال تمت الموافقة على الورقة المصرية، بتعديلات أو دون تعديلات فإنها ستظل غير قادرة على الإجابة الوافية عن الطلبات الفلسطينية المحقة، ولا هي أو أكثر منها يمكن أن ترتقي إلى مستوى التضحيات الكبيرة التي قدمها الشعب الفلسطيني في مواجهة عدوان إسرائيلي غير مسبوق من حيث مدته ووحشيته وشراسته.
في كل الأحوال، ثمة ما يدعو للاعتقاد، بأن العقبة التي تحول دون التوصل إلى اتفاق معقول، هي إسرائيل التي يصل وفدها إلى القاهرة دون قرار واضح وربما دون صلاحيات، سوى العمل من أجل تعطيل إمكانية تحقيق اتفاق، ولصرف المزيد من الوقت، وربما لطلب تمديد التهدئة التي تنتهي منتصف هذه الليلة.
لم ينجح بنيامين نتنياهو أو ربما كان لا يريد أن ينجح في الحصول على قرار من الكابينت الإسرائيلي يفوض الوفد بالتوصل إلى اتفاق. لقد جمع الكابينت مرتين، وأجرى مشاورات جانبية مع رؤساء الكتل لكنه لم يصل إلى قرار.
يشير ذلك إلى أن نتنياهو رجل ضعيف بعكس وصف الرئيس باراك أوباما له على أنه رجل قوي، أو انه رجل مراوغ وكاذب ومضلل، فهو من طينة سياسية وأيديولوجية لا تختلف عن حلفائه من الذين يرفضون التوقيع مبدئياً على اتفاق.
يفضل بعض ممثلي هذا التحالف، ومعهم بعض آخرون ممن لا يحسبون على خانة التطرف، أن تتخذ إسرائيل قراراً من جانب واحد بوقف إطلاق النار وفتح المعابر، وأن يظل الجيش مستعداً للرد بقوة على أي خرق فلسطيني لإطلاق النار.
من وجهة نظر هؤلاء، وآخرين في الوسط الثقافي والإعلامي، فإن توقيع اتفاق يلبي ولو بحدود معينة معظم الطلبات الفلسطينية، يجعل إسرائيل تبدو مهزومة، وضعيفة، وعلى أنها رضخت للضغوط، ورضخت لأداء المقاومة الفلسطينية في الميدان.
هذا يعني أن لغة الخطاب المتداول، وينطوي على الكثير من التناقضات والاتهامات المتبادلة، هي لغة تخلو تماماً من مفردات الانتصار وهي لغة أقرب إلى الهزيمة.
الطريق لا يزال في بداياته، لاندلاع النقاش الحاد والاتهامات المتبادلة، والملاومة، فالمعركة لم تنته بعد، وحتى لو جرى التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار، فإن التداعيات اللاحقة، والملاحقات القانونية، التي ستجرى في أكثر من مكان في هذا العالم، لإسرائيل ومسؤوليها مما يجعل كل إسرائيلي يشعر بالهزيمة المرة.
في إسرائيل بدأت المظاهرات الاحتجاجية على سياسة الحكومة، والتي تطالبها بوقف العدوان، ورحيل بنيامين نتنياهو، فيما تستمر انتقادات وشكاوى المستوطنين في المناطق القريبة من قطاع غزة، من أنهم لا ينعمون بالهدوء والاستقرار، وهذه مسؤولية الحكومة والجيش الذي لم يعد قادراً على قهر الفلسطينيين.
ودون تطيّر أو مراهنات مبالغ بها، ينبغي النظر بأهمية للقرارات الأميركية والبريطانية التي أوقفت وهددت بوقف تزويد إسرائيل ببعض أنواع الأسلحة والذخائر، فمثل هذه السابقة لم تحصل من قبل وهي تشير إلى غضب من المجتمع الدولي إزاء السياسة الإسرائيلية.
ما تقوم به وترتكبه إسرائيل من جرائم حرب، واستهتار بالقوانين الدولية مخجل ومحرج لكل من يتحالف مع اسرائيل ويدعمها، وما تقوم به الدولة التي تدعي انتماءها للعالم الديمقراطي زوراً وبهتاناً يضرب المنظومة الأخلاقية والقيمية، التي تدعي الدول الرأسمالية أنها وطنها وحاميتها، وعلى أساس هذا الادعاء تشن حروبها الاستعمارية على الدول والشعوب الأخرى لتحقيق مصالحها واستراتيجياتها.
إذا المفاوضات في القاهرة أقرب إلى المناورات، التي لا نظن أن لديها المزيد من الوقت والفرص، فإما تحقيق اتفاق خلال التهدئة الجارية وإما فإن تهدئة أخرى لا تفيد في غياب مؤشرات الجدية والإيجابية من طرف الجانب الإسرائيلي.
فيما يتعلق بالطرف الفلسطيني، نعتقد بأن الأداء حتى الآن جيد وموحد، ولم يصدر عن أي مسؤول فلسطيني من الوفد أو من خارجه، ما يشير إلى أن ثمة مخاوف من انقسام الوفد.
الوفد الوطني الفلسطيني متمسك، بالمبادرة المصرية، التي لا غيرها، يمكن أن تنفع، وغيرها ستحتاج إلى صرف المزيد من الوقت، وهو شيء غير محمود على الإطلاق.
والوفد الفلسطيني متفق على المطالب الفلسطينية، وكله يعمل بكل جدية من أجل، تحسين الاتفاق، وكل أعضائه مسؤولون عن النجاح، أو الفشل.
إسرائيل تعاني، وستعاني أكثر، وثمة من سيدفع الثمن بما في ذلك رئيس الحكومة ورأس التطرف، ولذلك على الفلسطينيين أن يحثوا الخطى أكثر فأكثر نحو تعزيز المصالحة، وتعميق الوحدة، وتحقيق التكامل في الأدوار والأداء بما يؤسس لاستراتيجية جديدة، ستتضح معالمها بعد قليل من الوقت، ريثما يتضح السلوك الدولي إزاء تحريك المفاوضات السياسية.
ومرة أخرى وأخرى، نؤكد أن الشعب الفلسطيني جاهز ومستعد لكل الخيارات بما في ذلك لو أرادت إسرائيل اجتياح قطاع غزة، فسكانه لم يعد لديهم ما يخسرونه وسيظل دمهم يلاحق إسرائيل.

طلال عوكل