خبر : مع الرأس في الحائط \ بقلم: يوئيل ماركوس \ هارتس

السبت 21 يونيو 2014 06:57 م / بتوقيت القدس +2GMT



          من الصعب ان نقول ان الوضع عندنا باعث على الملل. فقبل اسبوع فقط كانت الدولة غارقة في المسألة الجسيمة من سينتخب كرئيس، وحاولت حل اللغز كيف نجحت شخصيات عامة في أن تجترف هذا القدر الكبير من المال، وبالتوازي احتفلت تل ابيب بمسيرة فخار للمثليين مرت بسلام. وها هي فجأة كرمشة عين يوجد اختطاف وفي اعقابه "شبابنا الممتازون" على حد قول مناحم بيغن، يغزون المناطق في حملة واسعة النطاق في ارجاء السلطة.

          في البداية اعتقدوا ان هذه حملة موضعية في الخليل لانقاذ المخطوفين الثلاثة وذلك انطلاقا من الافتراض بان الخاطفين خرجوا من هناك او على الاقل عادوا الى هناك، بشدة غبائهم كعرب. وتصرفت عائلات المخطوفين هذه المرة بضبط شديد للنفس. الى صراخ يمزق نياط القلب في أنه يجب اعادة الابناء بكل ثمن. غير أنه في غضون وقت قصير بدأت مسيرة زوار هامين، من سارة نتنياهو وأدنى. وكالمعتاد في مثل هذه الحالات تجند الرب ايضا في المهرجانات الجماهيرية وفي المبكى. ولم ينفذ الرب في هذه الاثناء التوقعات منه، بل انه حتى لحظة كتابة هذه السطور لم يتصل. مشاهدو التلفزيون رأوا جنودنا يتنقلون من بيت الى بيت، يقتحمون، يجرون التفتيشات العنيفة، يعتقلون رجال حماس في كل الاعمار وفي كل المستويات. من الصعب التصديق أن هيئة اركاننا غبية لدرجة الافتراض بان الخاطفين ينتظرونهم مع المخطوفين. فليس الى هذا الحد من السذاجة الافتراض بان شبكة الارهاب الاسلامي ستتلقى ضربة قاضية. من بدا أنه ابتلع وجبة مزدوجة من الفياغرا هو شاؤول موفاز الذي لم يفوت أي ميكروفون كي يعلن بانه حان الوقت لان تأمر حكومة اسرائيل "بسحق" حماس. "افعلوا بهم ما فعله السيسي بالاخوان المسلمين"، قال. وهو يؤيد الدخول الى غزة وتصفية حماس في قياداتها وفي بيوتها، الامر الذي حتى السيسي لا يتجرأ على فعله. آه نعم، لا ننسى بان القوة التي انزلت في نورمندي، عفوا، في مناطق السلطة، اعتقلت ايضا رجال حماس الذين تحرروا في صفقة شاليط كي تعيدهم الى السجن في اسرائيل. لن يضرهم الانضمام، مع الكروش التي ربوها في الحرية، الى المضربين عن الطعام الذين في السجن.

          في القدس، كيري في دوائر بيبي، يرون في السلطة برئاسة ابو مازن، تهديدا مساويا في القيمة للبرنامج النووي الايراني. آمل الا يشتبهوا بالموقع ادناه بالسخرية اذا ما شكك بذلك. اسلوب بيبي هو فليحصل ما يحصل – فان كل عملية مذنب فيها ابو مازن. وبدلا من شكره على أنه شجب الاختطاف والخاطفين يتهمه بان حكومة الوحدة التي اقامها مع حماس تتحمل المسؤولية. فجهاز الامن عندنا عمل بالتنسيق مع ابو مازن للقضاء على الارهاب في الضفة. لا يدور الحديث هنا عن القاتل عرفات، بل عن الزعيم الاكثر اعتدالا الذي كان لنا في المحيط. والتشويه الذي يجريه للارهابي المزعوم ابو مازن يذكرنا بهمسته في اذن الحاخام قدوري بواحدة من حملته الانتخابية حين همس يقول: "نسوا ماذا يعني ان يكون المرء يهوديا". بيبي يحاول الاثبات بكل فرصة بان ليس له شريك. مؤخرا كشف النقاب رئيس المخابرات السابق يوفال ديسكن بان وزير الخارجية الامريكي جون كيري اقترح في حينه على بيبي ان يختار بين تسوية على اساس تجميد المستوطنات وبين تسوية على اساس  تحرير السجناء. وبيبي هو الذي اختار خيار السجناء لانه يخاف من المستوطنين، حقا يخاف. وكيف لا يخاف عندما يكون رجال شارة الثمن خرقوا هذا الاسبوع مرة اخرى عجلات مركبة عسكرية في يتسهار وما بالك ان بينيت يصبح رويدا رويدا بديلا لزعامته والمستوطنات ترى نفسها كاسرائيل الحقيقية.

          الاختطاف، او كل كمين مهما كان، هو مقدمة لما من شأن اسرائيل أن تتورط به. فنحن نعيش في وضع متعذر بينما نفكر بتعابير التطبيع: بيبي لم يقصد حقا الهجوم على ايران، وهو لا يقصد للحظة الوصول الى تسوية مع الفلسطينيين. هذه الحكومة تسير بعيون مفتوحة مع الرأس في الحائط.

*     *    *