خبر : عملية الخليل والمقاومة في الظروف الصعبة ...بقلم: سميح خلف

الأحد 15 يونيو 2014 11:25 ص / بتوقيت القدس +2GMT




اعتقد ما يواجه المقاومة وحركات التحرر الوطن ،ان تواجه في معركتها ثنائية الاعداء ، الاحتلال او المستعمر وقوى محلية منظمة لها حق المواطنة ولها حق التمثيل وربما يأخذ هذا التمثيل نوع من التدجيل ونوع من القرصنة على القرار الوطني.

التجربة الجزائرية التي حددت خياراتها في التعامل مع اعدائها المحليين وبالعنف الثوري كانت هي الخطوات الاولى لنجاح الثورة الجزائرية ، فما قتل على ايدي الثوار من عملاء هم الكثيرون ، واذا ما اخذنا الثورة البلشيفية فكانت خطوات نجاحها ايضا ً ضد حكم القيصر والاقطاع والبرجوازية الكبرى عندما حددت موقفها من المناشفة " التروتكسيين" ، واعنف ما يواجه قوى الثورة والثوار هم من يتحركون في داخلها كقوى مضادة ان استحكموا بالمهام والمواقع قد يحدث انقلاب مضاد يقترب كثيرا من العدو قبل نضوج العملية الثورية وقبل ان تحقق الثورة اهدافها في تعجل للحكم والسلطة .

لو نظرنا لتلك الامثلة السابقة فأيضاً من عوامل نجاح الثورة الجزائرية انها وحدت فصائلها التي تجاوزت العشرات تحت راية دحر الاحتلال وخروجه من ارض الجزائر ، على الرغم من ان الاحتلال الفرنسي كان يعتبر الجزائر قطعة من فرنسا ووجوده يعتبر استعمار احتلالي يسعى لتغيير ديموغرافي على ارض الجزائر .

اما في ليبيا فكانت المقاومة الليبية بقيادة عمر المختار تواجه في معاركها قوى مضادة للتحرك الثوري وتتآلف مصالحها مع الاستعمار ولذلك اجهظت المقاومة الليبية بتآلف العملاء المحليين مع الاستعمار الايطالي الى حين من الزمن .. الى ان اتت ثورة الفاتح بقيادة معمر القذافي في هبة التحرر العربي بعد الحرب العالمية الثانية ليزيل كل آثار الاستعمار الايطالي والغربي عموما ً ، ولكن بدأت تتحرك القوى المضادة ايضا ً في لوحتها الأخيرة المعروفة في ليبيا .

لا يبتعد الواقع كثيرا ً عن ما يحدث في الساحة الفلسطينية والمقاومة الفلسطينية التي عملت واستوعبت الجماهير العربية والفلسطينية تحت اداة وشعار اسمه حمل البندقية وتحرير فلسطين وانهاء المشروع الصهيوني ، ولكن ما لبثت الثورة الفلسطينية التي كان وعاؤها منظمة التحرير الفلسطينية التي لم توحد الفصائل بل كان التقاسم النسبي فيما بينها والتي تغلب على قرارها الثورة المضادة في داخلها التي سيطرت على قرارها ولغت بنود هامة في ميثاقها وتخلت عن البندقية وعن أي ممارسة للمقاومة مع الاحتلال وخروجا ً ايضا ً عن نصوص اتفاق اوسلو الهزيل واللعين الى حيز التعاون المطلق مع العدو الصهيوني الذي قال رئيس السلطة عنه انه تنسيقا ً امنيا مقدسا ً .

هذا هو واقع السلطة وواقع الانقلاب على الثورة الفلسطينية من قبل الثورة المضادة ، حيث تحولت تلك القوى المضادة الي شبه قوى محلية يربطها برنامج امني مع الاحتلال ضد مصالح الشعب الفلسطيني وضد اهداف الثورة ايضا ً التي انطلقت من اجلها ، ولتأخذ الشعب الفلسطيني الى مستنقعات اكثر حدة من لحظة اللجوء الاولى عام 1948 التي كان هناك امل فيها للاجئ ان يعود الى وطنه وارضه ، اما ما وضعته الثورة المضادة والقوى المحلية في تعاونها مع الاحتلال باهداف قزمية لا تخلو من ادارات محلية لمدن فلسطينية تدار بواسطة مال خارجي هو مال الرباعية ورفع قدرات الاجهزة الامنية في دورات خارجية تصب في مشروع التعاون المطلق امنيا ً مع العدو الصهيوني .

في هذا الواقع الذي صرح فيه رئيس السلطة محمود عباس قاطعا ً بأن لا انتفاضة ولا عمل مسلح ولا ثورة ولا مقاومة بل مفاوضات لمزيد من الاستيطان ولمزيد من تكريس العدو الصهيوني لنظريته فيما يسمى يهودى والسمارى ، في ظل تدريب عالي المستوى لأجهزه الامن للسلطة المحلية في ظل الاحتلال .

ظروف معقدة تواجه حركة النضال الوطني الفلسطيني وقوى الثورة والاحرار في الشعب الفلسطيني ، فهو عدو مزدوج ذو برنامج واحد لحفظ امن اسرائيل وتمرير سياسي تهويدي للضفة الغربية تحت شعارات ركيكة وضعيفة موضوعيا ً وواقعيا ً وتاريخيا ً ما يسمى حل الدولتين على باقي الوطن المحتل .

تأتي عملية الخليل في تلك الظروف وفي مناخات من ملاحقات امنية لأنشطة المقاومة والنشطاء التي بدون شك قد تتعاون فيها اجهزة السلطة مع قوى الاحتلال في تصفية النشطاء اما ماديا ً او بالسجن .

من هنا تأتي براعة عملية الخليل ودقتها وخلفيتها ذات التجربة العالية في الاتقان التي مازالت للآن تسير بخطوات نجاحها في اسر ثلاث صهاينة ومستوطنين مارسوا الغل والكبر والغطرسة والقوة على القرى الفلسطينية في الضفة الغربية ، وسموا نفسهم باسماء هي بديلة لعصابات الارغون وشتيرن وهاغاناة التي تحولت الى مؤسسات رسمية لدولة الاغتصاب وعلى نفس السيناريو تأخذ الاسماء بالزمان والمكان " حراس المعبد " وتدفيع الثمن والقبعات الخضراء .

مع هذه اللوحة التي كان يجب ان يمارسها الفلسطينيين مع الاحتلال والمستوطنين اصبح يمارسها الاحتلال بغية تكميل مشروعه فيما يسمى يهودى والسامرى .

الظروف المعقدة التي تحكي عن مدينة الخليل التي يحتل فيها الصهاينة 60 % من الحرم الابراهيمي وتتعرض للاقتحامات بشكل مستمر والاستدعاءات لاهلها من قبل اجهزة امن السلطة ، ان تقوم مثل تلك العملية فهي لها ابعاد متعددة بأن التنسيق الامني المقدس لدى الرئيس الفلسطيني لا يعبر الا عن نفسه وعن ذاته وفشل الاجهزة الامنية للسلطة وفشل القدرات الامنية الاحتلالية للضفة الغربية ، وهنا الفشل بما يسمى الاستقرار المزعوم الذي يصبوا اليه الاحتلال مع الاجهزة الامنية للسلطة في رام الله .

بلا شك ان شعبنا يتعرض لقوى احتلالية وقوى محلية تتناغم مع الاحتلال وتحاول ان تفرض كل المناخات لعملية تهاوي ثقافي ووطني واخلاقي لتمرر مشروعها الذي يتوافق مع الاحتلال ولذلك اتت عملية الخليل بأسر ثلاثة من المستوطنين بلخبطة الاوراق وربما قلب الطاولة على كل المخططات والبرامج المعمول بها بين السلطة واجهزتها واسرائيل وامريكا من طرف اخر .

ان اسر الصهاينة وما نشرته القناة العاشرة العبرية موضحة اسماؤهم هم: ايال يفراح من سكان بلدة "إلعاد" لليهود المتشددين دينياً قرب مدينة روش هعاين، والشاب غيلعاد شاعَر من سكان مستوطنة طلمون غربي رام الله، والشاب نفتالي فرينكيل من سكان مستوطنة نوف أيالون قرب الرملة.

ومواكب هذا لاضراب الاسرى الاداريين 52 يوما ً ، ويعيدنا التاريخ الى ما يبشر بعملية التبادل لتحرير اسرانا واعادة الصراع الى لبناته الاولى وانهاء كل افرازات ما تعهد به الرئيس الفلسطيني محمود عباس للكيان المغتصب قد يجعل الاحتلال له خيارات محددة ، فهو قد يفشل في القاء القبض على المقاومين وبرغم تصريحات عباس بتسهيل مهمة جيش الاحتلال والعمل معا ً لعودة الاسرى الصهاينة الى اهلهم ، قد يفتعل العدو ردات فعل عنيفة وكذلك القوى المحلية والامنية في الضفة من اعتقالات وتصفيات او اجتياح الضفة من جديد او عدوان متغطرس على قطاع غزة وكل هذه الخيارات والبدائل اعتقد انها في صالح الشعب الفلسطيني اكثر منها في صالح الاحتلال ولانها ستعيد المقاومة الفلسطينية للمشروع الصهيوني وستهزم القوى المحلية والثورة المضادة مع الاحتلال امام خيارات الشعب الفلسطيني التي قد تبدأ بشكل فردي او جماعي ضيق وهي ارهاصات لعمل منظم .