خبر : مسلسل تقسيم العراق لدويلات عرقية: «داعش» تأمر مقاتليها بالتقدم نحو بغداد

الخميس 12 يونيو 2014 08:37 ص / بتوقيت القدس +2GMT
مسلسل تقسيم العراق لدويلات عرقية: «داعش» تأمر مقاتليها بالتقدم نحو بغداد



بغداد وكالاتتمثل سيطرة التنظيمات المسلحة على غرب العراق بداية سيناريو تقسيم العراق إلى ثلاث دول عرقية، ويتصدر تنظيم «داعش» المشهد ومن الخلف بقايا الجيش العراقي السابق وحزب البعث بقيادة عزت الدوري، وفقما ذكر محللون عراقيون، ويصوب «داعش» أنظاره في هذه المرحلة نحو العاصمة بغداد.

فقد استطاع تنظيم «داعش» ـ خلال اليومين الأخيرين السيطرة على غرب العراق واحتل الموصل «ثاني أكبر مدينة عراقية بعد بغداد» من دون مقاومة تذكر، وسيطر على محافظة نينوى كلها، وأزال الحدود بين العراق وسورية في معبر اليعربية.

كما سيطر على مواقع عسكرية وآليات حربية، وعلى حقول نفط، ومؤسسات الدولة العراقية،وعلى مقرات الحكومة المحلية ومطار الموصل والمصارف والمؤسسات الرسمية والسجون، وأطلق منها قرابة 1300 معتقل، ويداب على إجراء اتصالات مع ضباط من الجيش للحصول على «البيعة» للدولة الإسلامية، كما فعل في أمكنة أخرى في سورية والعراق، للوصول الى «الدولة الإسلامية في العراق والشام».

وقال محللون عراقيون إن «داعش» تقوم باستثمار انهيار القوات العراقية لإكمال بسط سيطراتها على الحدود العراقية – السورية غربا ثم التقدم باتجاه محافظة صلاح الدين ليغدو على مشارف بغداد.

وميدانيا، نجح مقاتلو "الدولة الاسلامية في العراق والشام(داعش)" في التمدد جنوبا بعدما أحكموا قبضتهم على مدينة الموصل في شمال العراق، حيث تمكنوا يوم أمس الأربعاء من السيطرة على مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين، واضعين وحدة البلاد أمام أكبر تحدياتها منذ اجتياح العام 2003.

ولم يتوقف زحف هؤلاء المقاتلين الجهاديين الذي يقدر عددهم بالمئات إلا عند أطراف مدينة سامراء التي لا تبعد سوى 110 كلم عن شمال العاصمة بغداد، والتي تحوي مرقدا للمسلمين الشيعة ادى تفجيره عام 2006 الى اندلاع نزاع مذهبي قتل فيه الآلاف.

بغداد هي الهدف القادم

وأعلن موقع سايت الاميركي الذي يراقب المواقع الاسلامية أن جهاديي الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) الذين شنوا هجوما خاطفا في شمال ووسط العراق، دعوا انصارهم للتقدم الى بغداد.

وفي تسجيل صوتي يعود إلى تاريخ الأربعاء(يوم أمس) ونسب الى المتحدث باسم داعش أبو محمد العدناني أمر الأخير "الجنود بالتقدم الى بغداد" وانتقد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي لعدم "كفاءته".

وأمام هذا الاختراق الأمني العسكري غير المسبوق، لم تجد الحكومة التي انهارت دفاعات قواتها بسهولة مفاجئة أمام المهاجمين، الا التأكيد مجددا على ضرورة التمسك بوحدة العراق، والتوعد بضرب المتمردين.

وانتشرت منذ ساعات الصباح الاولى في الموصل (350 كلم شمال بغداد) مجموعات من المسلحين الذين ارتدى بعضهم زيا عسكريا فيما ارتدى اخرون ملابس سوداء من دون ان يغطوا وجوههم قرب المصارف والدوائر الحكومية وداخل مقر مجلس محافظة، بحسب ما افاد شهود عيان.

واضاف هؤلاء ان الهدوء سيطر اليوم على شوارع الموصل بعد يوم من سقوطها في أيدي مقاتلي "الدولة الاسلامية"، فيما اغلقت محالها ابوابها، وسط جولات قام بها المقاتلون بسياراتهم دعوا خلالها عبر مكبرات الصوت الموظفين الحكوميين للتوجه الى دوائرهم.

وقال أبو أحمد (30 عاما) الذي يملك محلا لبيع المواد الغذائية في وسط الموصل "لم أفتح باب المحل منذ الخميس الماضي بسبب الظروف الأمنية. كنت قلقا من تدهور الأوضاع، وتبين أنني كنت على حق". وأضاف "لكنني باق في الموصل. هذه مدينتي على كل حال، وهي مدينة هادئة حاليا".

ولا تزال عشرات العائلات تنزح من الموصل باتجاه اقليم كردستان المجاور لمحافظة نينوى، بحسب ما أفاد شهود عيان.

ويتخوف سكان الموصل الذي يبلغ عددهم نحو مليوني شخص من تعرض المدينة لعمليات قصف من قبل الجيش كما يحدث في مدينة الفلوجة (60 كلم غرب بغداد) في الأنبار والتي يسيطر عليها أيضا تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" منذ بداية العام، وفقا لما أفاد به سكان في المدينة.

وقد أعلنت المنظمة الدولية للهجرة في بيان نشر يوم أمس، الأربعاء، أن أكثر من 500 الف مدني فروا من المعارك في الموصل ومنطقتها.

وفيما كان العراقيون منشغلين بأحداث الموصل ومحافظة نينوى التي أعلنوها ولاية إسلامية، شن المقاتلون الجهاديون هجوما على محافظة صلاح الدين جنوب نينوى لينجحوا وخلال ساعات قليلة في السيطرة على مدينة تكريت (160 كلم شمال بغداد) مركز المحافظة.

وقال ضابط برتبة عقيد في الشرطة لوكالة فرانس برس "كل مدينة تكريت في أيدي المسلحين"، بينما ذكر ضابط برتبة رائد في الشرطة أن المسلحين قاموا بتهريب نحو 300 سجين من السجن المركزي في المدينة.

على مشارف سامراء

وواصل المقاتلون زحفهم جنوبا حيث سيطروا على ناحيتي الدور والعوجة جنوب تكريت، وبلغوا مشارف سامراء حيث خاضوا اشتباكات عنيفة مع قوات حكومية لنحو ساعتين لم ينجحوا خلالها في دخول المدينة.

وإلى جانب سيطرتهم على محافظة نينوى ومدينة تكريت وبعض المناطق الأخرى في صلاح الدين، أحكم المقاتلون ايضا قبضتهم على النواحي والاقضية التي دخولها الثلاثاء في محافظة كركوك الغنية بالنفط والمتنازع عليها بين العرب والأكراد.

واقدم اليوم مقاتلو "الدولة الإسلامية في العراق والشام" على إعدام 15 من عناصر القوات العراقية في هذه المناطق في محافظة كركوك، وفقا لمصدر إمني ومسؤولين محليين.

كما قام هؤلاء باختطاف القنصل التركي في الموصل مع العشرات من مساعديه بعدما اقتحموا القنصلية التركية في المدينة، وسط تهديدات تركية ب"رد قاس" في حال تعرض المختطفون للأذى.

وفي تطور بارز، أفاد مصدر عسكري في الفرقة الثانية عشر للجيش العراقي اليوم ان مقر الفرقة 12 شمال غرب كركوك جرى تسليمه إلى قوات البشمركة الكردية "المنتشرة وبشكل مكثف عند أطراف كركوك لحماية المدينة من الهجمات المسلحة”.

وفي ضوء هذا التدهور الأمني، دعا رئيس الوزراء نوري المالكي الذي يسعى للبقاء على رأس الحكومة لولاية ثالثة، العراقيين الى التمسك بوحدتهم، متوعدا المقاتلين الجهاديين بطردهم من المواقع التي احتلوها.

ويخشى مراقبون أن تؤدي سيطرة المقاتلين الجهاديين على نينوى إلى فتح ممر جديد وترسيخ مناطق نفوذ واسعة لهذه التنظيمات المتطرفة عند الحدود العراقية السورية.

وأظهرت صور نشرها تنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" على الإنترنت مقاتليه وهم يزيلون الحدود بين محافظتي نينوى العراقية والحسكة السورية.

وفي بيان نشرته وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) اعتبرت وزارة الخارجية السورية اليوم ان "الارهاب" الذي يواجهه كل من العراق وسوريا واحد، مبدية استعدادها للتعاون مع العراق "من اجل مواجهة هذا العدو المشترك".

من جانبه، اجرى وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف اتصالا هاتفيا بنظيره العراقي هوشيار زيباري عارضا دعم طهران "للحكومة والشعب العراقيين في مواجهة الإرهاب"، وفق ما نقلت الأربعاء وكالة آرنا الإيرانية الرسمية.

وحض الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون "المجتمع الدولي على توحيد صفوفه للتعبير عن تضامنه مع العراق الذي يواجه تحديا خطيرا على الصعيد الأمني".

ووعدت الولايات المتحدة بتقديم مساعدتها لنصف مليون عراقي يتوقع أن يفروا من هجوم المسلحين الاسلاميين الذين سيطروا على مركزي محافظتي نينوى وصلاح الدين ويتقدمون باتجاه بغداد.

ودعت دول الإتحاد الأوروبي والجامعة العربية يوم أمس القوى الديموقراطية في العراق الى الاتحاد في وجه المتشددين الاسلاميين.

ميدانيا ايضا، قتل 37 شخصا على الأقل وأصيب العشرات بجروح في هجمات متفرقة في العراق أحدها انتحاري استهدف مجلسا عشائريا شيعيا في بغداد وقتل فيه 15 شخصا،