خبر : اعضاء كنيست التلال \ بقلم: تسفي برئيل \ هآرتس

الأربعاء 14 مايو 2014 07:38 م / بتوقيت القدس +2GMT



 

          ما الذي صاح به بضعة عشرات من المواطنين اليهود في مسيرة تمت في العفولة لذكرى شيلي دادون؟ "الموت للعرب" صاحوا هناك. لكن كيف يمكن الادعاء عليهم؛ فان غضبهم توجه على "الباعث القومي"، الذي ربما بعث أو لم يبعث ذاك الذي قتلها. حسن، كان ذلك في العفولة. لأن كراهية العرب في حيفا "المدينة المختلطة" – بخلاف القدس التي هي "مدينة موحدة" في كراهيتها – بل في تل ابيب التي تسمى رسميا "تل ابيب – يافا" ملفوفة بمناديل لطيفة أنيقة، ويحتاج الى نظر حاد للتعرف عليها. لكنها موجودة جدا. واسألوا طالبة الجامعة العربية التي أرادت أن تستأجر شقة في تل ابيب فأجابها صاحب البيت الليبرالي أنه لا مشكلة عنده لكن قد تكون مشكلة مع الجيران.

          لا تُعد كراهية العرب جريمة في اسرائيل اليهودية. ولهذا فان الاسم الجديد "جرائم الكراهية" – الذي يدفع "شارة الثمن" الى الخارج وهي التي أقصت مصطلح "شباب التلال"، ليس أكثر من خدعة. لأن هذه المصطلحات جميعا ترمي الى عرض رسل الثقافة الوطنية الاسرائيلية وكأنهم هامش الهوامش الذي لا يستدعي بذل جهد لاقتلاعه. وبعد ذلك وجهت إصبع الاتهام الى "المحيط" الذي يعيشون فيه. فماذا هم في الحاصل العام؟ إنهم داء لا يمثل مجموع جمهور المستوطنين المحافظين على القانون والمحبين للعرب. صحيح أنهم يعتمدون على كلام حاخامين يدعون الى الكراهية لكن هؤلاء الحاخامين ايضا هم طرف طرف "التيار المركزي".

          أُجلست الان في مقعد المتهمين سلسلة قوانين العنصرية والتمييز التي سنتها الكنيست. لا تلك التي أقرت أساس الكراهية في سنوات الدولة الاولى بل الجديدة التي بادر اليها اعضاء كنيست جدد نسبيا يوسمون بصفة "الهاذين"، أو "المسيحانيين" أو "القوميين": وها هم اولاء مرة اخرى الشاذين الخارجون عن القاعدة الذين لا ينبغي النظر اليهم مع إعمال الفكر كثيرا، لكن "التيار المركزي" بقي طاهرا بالطبع.

          لكن هذا التيار المركزي يشبه الخط الفاصل في شارع حاشد: فهو لا يُحدث حوادث طرق بل يشير فقط الى المكان الذي يجوز فيه إحداثها. إن الدعوى المركزية على التشريع الجديد هي أنه يُحدث إقصاءا للعرب بالجملة ومن هنا تأتي تهمة محلليه العمليين بولادته. وكأنه لولا اعضاء كنيست مثل لفين أو روتم أو شكيد أو وزراء مثل ليبرمان وبينيت لما وجدت تلك الهوامش ولكان اليسار – الوسط (وهذا خليط عجيب في حد ذاته) على صورة محب الزعبيين يئير لبيد يستطيع الاستمرار على تناول طعامه بهدوء من معلفه السياسي. لكن كيف نشأ "اعضاء كنيست التلال" هؤلاء؟ ألم ينتخبهم التيار المركزي من الجمهور؟ في تل ابيب ويافا لا في بيت ايل وايتمار فقط.

          إن تقنيي تنفيذ هذا التشريع وهم فنانو رش الاصباغ وثقب الاطارات، يفهمون روح العنصرية جيدا. وهم يدركون كما ينبغي أن التشريع هو غلاف المنتوجة الحقيقية فقط، أعني الكراهية والبغض والخوف في الأساس لا من العرب بل من فقدان الهوية. فهم يعطون الكراهية شكلا وصورة. وليسوا هم رُسل المشرعين فقط بل هم رسل الجمهور لكل من يفرقع بلسانه ويلقي على نفسه ستارا آخر ويتكلم بشيء ما يندد به بكراهية الآخر.

          ليس التشريع هو الذي يخلق الكراهية بل يمنحها الشرعية فقط ويجعل رافعي رايتها حُراسا للقانون مخلصين. وهو ينقل الشعور الوطني القومي الذي يعتمد على الكراهية من مكانته الشعورية الذاتية الى دُرجه الساذج القانوني الموضوعي. ولما كان حفظ القانون ومساواة القانون هما أساس الديمقراطية فان الجميع يجب عليهم أن يطيعوا القانون ويلزمهم جميعا أن يكرهوا. ومن هنا المفارقة الفظيعة الكامنة في مصطلح "جرائم الكراهية". لأنه كيف يمكن إحداث جريمة وطنية أصلا اذا كانت بحسب القانون؟ وكيف يمكن أن يكون تعبير أصيل – وإن يكن مُقذعا – عن الهوية القومية، أن يكون جناية و"جريمة كراهية"؟ هل يمكن أن يكون شعب كامل متهما بأن مورثاته الجينية تحتوي على كراهية الأغيار؟.