خبر : انتخابات الرئاسة المصرية : اقتراع أشبه بالاستفتاء ! ...بقلم: رجب أبو سرية

الجمعة 09 مايو 2014 09:57 ص / بتوقيت القدس +2GMT
انتخابات الرئاسة المصرية : اقتراع أشبه بالاستفتاء ! ...بقلم: رجب أبو سرية



منذ أن أعلن وزير الدفاع المصري السابق، الفريق أول، في ذلك الوقت، المشير لاحقاً، عبد الفتاح السيسي انحياز الجيش المصري للشعب المصري، عشية خروج ملايين المصريين للشارع ولميدان التحرير مطالبين بعزل الرئيس الإخواني محمد مرسي العياط في الثلاثين من حزيران العام الماضي 2013، تحول الرجل الى بطل شعبي في عيون المصريين، ورغم إعلان رئيس المحكمة الدستورية المستشار عدلي منصور، رئيساً مؤقتاً للبلاد، وفق خارطة الطريق التي أعلنها السيسي نفسه، بناء على نص الدستور الذي يقول بتعيين رئيس المحكمة كرئيس مؤقت لحين انتخاب رئيس جديد، في ظل تعطيل البرلمان، حيث لو كان مجلس الشعب فاعلا لكان رئيسه هو الرئيس المؤقت، ورغم تشكيل حكومة برئاسة د. حازم الببلاوي، ومن ثم برئاسة المهندس إبراهيم محلب، إلا أن عبد الفتاح السيسي، الذي كان يحضر جلسات مجلس الوزراء، ويبدي "تواضعا" ولا يمارس أي دور يتعدى كونه وزيرا للدفاع، كان ينظر له عمليا على انه رجل البلاد القوي، وأنه من يوجه بوصلتها السياسية، خاصة فيما يتعلق بأهم معركة خاضتها مصر خلال العام الذي يوشك على الانتهاء، أي منذ مطلع تموز الماضي وحتى الآن، ونقصد بها مواجهة الإخوان والجماعات الإرهابية والمتطرفة التي حاولت وسعت الى جر البلاد الى حرب أهلية كرد فعل على عزل رئيسها العياط.
فعلا وبكل هدوء، سار عبد الفتاح السيسي على طريق طي صفحة الإخوان، ولم يقبل بأي حل وسط معهم، وظهر كرجل قوي وحازم في مواجهتهم، وحيث أن أصوات المصريين تعالت ومن ثم توالت، مبكرا، مطالبة إياه بالترشح لرئاسة مصر، فإن ما حدث تاليا من إدارة لشؤون الدولة، جاء انسجاما مع هذا الهدف، أي تسيير الأمور وتعبيد الطريق أمام وزير الدفاع السابق حتى يجيء اليوم الذي يجلس فيه على مقعد الرئاسة.
بدأ الأمر بالحرص على تنفيذ بنود خارطة الطريق، التي سجلت باسمه، والتي كان أي تعطيل في تتبع بنودها سيعني قلب الطاولة، أو التشويش على مكانة الرجل وعلى خطته لتولي مسؤولية البلاد، ومن ثم كان الحرص على ممارسة الحكومة لدورها وكذلك الرئيس المؤقت لدوره ومكانته دون زيادة أو نقصان، والتركيز على المعركة الأساسية مع الأخوان، لذا كانت سياسة الدولة هي كسب مؤيدين جدد كل يوم، وفي الوقت نفسه تقليص دائرة المؤيدين للأخوان، داخليا وخارجيا، حتى تم عزلهم فعلا، وسارت الدولة المصرية على طريق سحقهم، طريق كلها جرأة وثبات، ما أظهر مصر مجددا كدولة قوية للغاية، ربما كما كان حالها أيام حكم جمال عبد الناصر، الذي واجه الأخوان بمثل هذه الطريقة من الحزم.
ثم كان الإنجاز بإقرار الدستور، وبحجم التصويت عليه، الذي فاق ما حدث بالتصويت على الدستور الإخواني السابق، ومن ثم كان حسم الجدل حول أيهما أولا انتخابات الرئاسة ام الانتخابات البرلمانية، وكان تقديم انتخابات الرئاسة يعني تعزيز مكانة السيسي وترجيح احتمالات ترشحه للرئاسة، وذلك لأنه مرشح فرد، مدعوم من قطاعات شعبية واسعه، دون ان يكون وراءه حزب او ائتلاف أحزاب، أو ما شابه.
ونظرا لشعبية السيسي الواسعة، فقد تضاءلت فرص ترشح العديد من المرشحين للرئاسة، وهكذا وبعد إغلاق باب الترشح وبدء الدعاية الانتخابية وقبل أسبوعين من التصويت، لم يدخل ميدان التنافس سوى حمدين صباحي، إضافة لعبد الفتاح السيسي طبعا. بذلك يمكن القول بأن انتخابات الرئاسة المصرية ستكون أقل إثارة، وهي تبدو محسومة سلفا لصالح المرشح الأوفر حظا وهو السيسي، ورغم مكانة صباحي، السياسي المخضرم والناصري العريق، وأحد قادة ثورة الديمقراطية المصرية في 25 يناير و30 يونيو، ورغم ان السيسي كرجل عسكري، لم يشارك في أي من الثورتين، وإن كان تحول الى عنوان للجيش المنحاز لثورة الشعب في 30 يونيو، إلا أن الانتخابات ستحسم بالطبع من الجولة الأولى، نظرا لأنها اقتصرت على مرشحين فقط، وما لم تحدث معجزة، فان كل المؤشرات تقول بأن السيسي سيكون هو الفائز ومن ثم سيكون رئيس مصر بعد يوم السابع والعشرين من الجاري.
هذا يعني بأن مصر قد حققت الاستقرار، وانها قد قطعت شوطا بعيدا على طريق إقرار الأمن، وفي الحقيقة ونظرا للصورة التي تظهر عليها المنطقة، خاصة في الدول التي حدث فيها "الربيع العربي" فإن حجم رد الفعل، المتمثل بالإرهاب في مصر لا يقارن بمثيله في سورية او ليبيا أو حتى اليمن، وربما أيضا ان مؤسسة الجيش بقوتها وتقدمها على طريق الحكم، أظهرت قوة اكثر من حال الدولة في تونس، التي لم تقم بكسر عظام النهضة كما فعلت الدولة المصرية مع الأخوان، ورغم ذلك فإن ما بقي حتى اللحظة من رد فعل، يقتصر أولا على سيناء، ويكاد يكون محدودا جدا، وما هو إلا بعض وقت ويستتب الأمر تماما.
لذا فان كلا المرشحين : صباحي الذي يمثل برنامجه وهو شخصيا انفتاحا على المدنية وعلى الديمقراطية اكثر من السيسي، فيما يمنح برنامج السيسي وشخصيته المصريين الشعور بالأمن والاستقرار أكثر، يدعوان الى التنمية بكل أشكالها لمواجهة الفقر والبطالة، وحيث ان المرشح الأوفر حظا هو السيسي، فان السؤال المهم هو اي طريق ستسير عليه مصر في عهده، هل هو طريق عودة الحكم العسكري، حكم الفرد القوي، الذي كانت عليه الجمهورية الأولى ( من عبد الناصر لمبارك مرورا بالسادات) أم ان تجربة الثورة والمتغيرات الإقليمية والداخلية ومنها دستور عام 2014 الذي عزز من سلطة الحكومة والبرلمان وحصر حق الرئيس في الترشح لولايتين متتاليتين فقط، سيذهب بمصر لتكون دولة ديمقراطية معتدلة، بمثل اعتدال السيسي الرجل المتدين دون تحزب والوطني / المصري دون أيديولوجيا قومية، والذي يظهر حتى كعبد الناصر دون ان يعلن انه ناصري؟!
Rajab22@hotmail.com