خبر : إعلان نوايا إنهاء الانقسام ...بقلم: رجب أبو سرية

الجمعة 25 أبريل 2014 09:38 ص / بتوقيت القدس +2GMT
إعلان نوايا إنهاء الانقسام ...بقلم: رجب أبو سرية



حتى قبل إعلان البيان المشترك بين وفدي حركتي حماس وفتح، فإن من تابع اللقاء الصحافي المشترك، لا بد أن يكون قد لاحظ اللغة المشتركة، بل المتوافقة تماماً، بين ما تحدث به كل من إسماعيل هنية وعزام الأحمد، ونقصد بذلك القول، باختصار ووضوح، بأن المطلوب تنفيذ اتفاق القاهرة وإعلان الدوحة.
مع ذلك فإن التساؤل الأساسي هو حول التنفيذ، والذي كان يمكن أن يبدأ منذ ثلاث سنوات، حين تم توقيع اتفاق القاهرة في السابع والعشرين من نيسان عام 2011، أو إعلان الدوحة الموقع في السادس من شباط عام 2012 وكانت حماس / غزة بالذات وعلى رأسها إسماعيل هنية شخصيا، هي من عطلت التنفيذ !
ثم من تابع سيل المجاملات بين الطرفين، ربما يكون قد أصابته الدهشة لكثرة ما ظهر على المنصة، من علامات المجاملة والاحترام بين الطرفين، وكأن المناسبة إنما هي مناسبة عقد قران بين أنجالهما، طبعا مفهوم ان الود الشخصي قد تحقق منذ زمن بين موسى أبو مرزوق وعزام الأحمد، شريكي ملف المصالحة وإنهاء الانقسام، لكثرة ما عقدا معاً من لقاءات، ناقشا خلالها تفاصيل التفاصيل، وحروف الكلمات، لكن ان يظهر الود، على حبه، بين عزام الأحمد واسماعيل هنية، فهذا شيء من المؤكد انه يعود للجو الذي اراد له الطرفان ان يكون احتفالياً.
ولكن، هنا السؤال، هل تحقق مثل هذا الجو الاحتفالي؟ نجيب بالقول بأن لا، فموجبات الاحتفال عديدة، أولها وجود كل أهل الحارة، وإذا كان مفهوما ان يضم وفد الرئاسة، الذي قدّم على انه وفد (م ت ف) وفي ذلك مبالغة كبيرة، ذلك أن تسمية الوفد لم تتم في اللجنة التنفيذية، والأهم أنه حتى يكون الأمر كذلك كان لا بد من أن يضم الوفد عناصر قيادية في المنظمة (أعضاء لجنة تنفيذية) تمثل فصائلها الرئيسية، "فتح" والجبهتين الشعبية والديموقراطية .
ثم ان الإعلان اقتصر على مؤتمر صحافي، ربما لتجنب الاحتفاء بالإعلان بوجود شركاء المصالحة، نقصد الفصائل العشرة، وفي مقدمتهم الجبهتان : الشعبية والديموقراطية والجهاد الإسلامي، والأهم حركة فتح في غزة، وكذلك المستقلون الذين بذلوا جهودا مضنية من أجل تحقيق المصالحة، وكأن عقد القران كان يخص "زواجاً عرفياً" يقام الحفل فيه "على الضيّق" ويقتصر على نفر من المقربين جدا ! وهكذا كان الاحتفال بعرس صاحبُه غائب !
لا بد من الإشارة أيضا الى أن وصول الوفد الرئاسي لغزة، قبل ثلاثة او أربعة أيام فقط من عقد جلسة "المركزي" وقبل أقل من أسبوع من انتهاء المهلة التفاوضية، كل ذلك له معنى، نرجح انها التلويح من قبل رئاسة السلطة، بهذه الورقة في مواجهة الإسرائيليين، لكسب المعركة الأخيرة في الملف التفاوضي، وهي الصراع بين الطرفين حول من يتحمل مسؤولية إفشال العملية التفاوضية، وكذلك مسؤولية عدم استمرارها فضلاً عن عدم توصلها للحل السياسي.
ذلك أن البدء في تنفيذ خطوات إنهاء الانقسام _ لو كان إعلان غزة جديا أو تنفيذيا ولم يكن مجرد إعلان نوايا بالتنفيذ _ لكان الطرفان اتفقا على أن تعلن حكومتا غزة ورام الله (أو حكومة هنية بالتحديد) استقالتهما معا للرئيس، وبذلك تبدأ الخطوة العملية وبدء ساعة التوقيت لتشكيل حكومة التوافق، لا أن يحال الأمر للرئيس دون توقيت محدد ليعلن بدء المشاورات لتشكيل حكومة التوافق الوطني، وأول خطواته في ذلك ان يكلف نفسه أو يكلف شخصاً آخر، أو يعلن عن نائبين له في حال وافق على ان يكون هو شخصياً رئيس الحكومة، وهذا الأمر لن يتم قبل منتصف الأسبوع القادم، اي قبل عقد "المركزي"، والذي بدوره، لن يعلن شيئاً محدداً، بل سيدعم الرئيس فيما سيتخذه من قرارات بعد يوم التاسع والعشرين من الجاري.
من المهم جداً، بهذه المناسبة، التوقف عند حدود رد الفعل الإسرائيلي، الذي ظهر وكأنه قد أصيب بمس من الجنون، مع انه يعرف حدود وحجم إعلان غزة، والذي هو أشبه بتوقيع الرئيس قبل بضعة أسابيع على طلب عضوية دولة فلسطين في 15 معاهدة ومنظمة دولية، أي انه تحذيري أكثر منه خيار عملي أو توجه نهائي، والأسوأ بالطبع الموقف الأميركي، واللذين يكشفان لكل من لا يزال يغمض عينيه من الفلسطينيين مدى الرعب الذي ينتابهما من الوحدة الداخلية، وبالطبع الموقفان الإسرائيلي والأميركي يتسمان بالصفاقة وقلة الحياء، حيث يمكن بكل بساطة الرد على نتنياهو بالقول بان عليه ان يلفظ من بين صفوف حكومته أعضاء البيت اليهودي، أنصار نفتالي بينيت، وانه لا يمكن التعامل معه طالما لم يرفع يده عن المستوطنين، الخارجين عن القانون الدولي، والذين بوجودهم على الأرض الفلسطينية يمنعون تحقق السلام في هذه المنطقة من العالم.
كذلك يمكن الإشارة الى أن أميركا هي نفسها التي ضغطت عام 2005 لإجراء انتخابات تفوز بها "حماس" مطلع عام 2006 وان واشنطن هي نفسها المتحالفة مع الإخوان في المنطقة، وان إسرائيل تشيد ليل نهار بقدرة "حماس" على تأمين الحدود مع غزة، وهي التي أجرت معها اكثر من تفاهم حول التهدئة، ثم ان كل هذا شأن فلسطيني داخلي، فعلى تل أبيب وواشنطن أن تكف عن التدخل فيه، وإلا فيحق للفلسطينيين أيضا ان يتدخلوا في الشؤون الإسرائيلية والأميركية الداخلية وبالمثل !
بقي أن نقول بأن الرئيس محمود عباس شخصيا، والذي اقترب من الثمانين من عمره، والذي لا يفكر مطلقاً في أن يترشح لأية انتخابات رئاسية قادمة، وبالطبع يحرص على ان تجمع "فتح" على خليفة له، حتى يكون جاهزاً للانتخابات _ حتى الآن حظوظ مروان البرغوثي هي الأرجح، لذا لا بد من إطلاق سراحه حتى ينفتح الباب أمام إجراء الانتخابات _ يسعى لأن يختم حياته السياسية بإنجاز إحدى الحسنيين : إما إنهاء الاحتلال او إنهاء الانقسام، وبالطبع يفضل لو كان بإمكانه ان ينجز الأمرين معاً، لكن لو خيّر بينهما فانه يفضل إنهاء الاحتلال بالطبع، لأن إنهاء الانقسام قادم طال الزمان أم قصر، وما بين الفلسطينيين لا يضيع، لذا فهو يظل يقاتل حتى اللحظة الأخيرة من اجل تسجيل النقاط على الإسرائيليين، ولا شك انه قد سجل يوم الأربعاء الماضي نقطة لصالحه في غزة، وما زال الطريق طويلا وشاقا، طريق الصراع وممر معركة إنهاء الاحتلال ما زال طويلا وشاقاً، ويحتاج رباطة جأش وصبراً وإصراراً.
Rajab22@hotmail.com